Author

العودة للوطن الأم

|
حرص الملك عبد العزيز ـــ طيب الله ثراه ـــ على متابعة أحوال القبائل الرحل في كل مكان حتى وهي خارج الوطن الأم المملكة العربية السعودية، وقد تواصل القائد المؤسس وقدم العون والمساعدة لتلك القبائل رغم الشح وقلة الموارد آنذاك. فكانت القبائل الرحل تتنقل من مكان إلى آخر عابرة الحدود من بلد عربي إلى آخر وهي مرفوعة الرأس تشهر انتماءها وولاءها لوطنها الأم المملكة العربية السعودية بكل اعتزاز وفخر. وفي أواخر الستينيات الميلادية أصبح التنقل عبر الحدود مشقة ويترتب عليه كثير من المخاطر لأسباب عديدة، أيضا اعتمدت بعض الدول أسلوب تطفيش وتضييق الخناق على حركة تلك القبائل، ما دفعها للعودة لوطنها الأم والحفاظ على كرامتها وعزتها بين أفراد مجتمعها الأصلي. فقد شهدت الـ 30 عاما الماضية حركة مستمرة بذلت خلالها حكومة المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة الداخلية جهودا كبيرة لتسوية أوضاع تلك القبائل، وبمتابعة حثيثة من قبل الأمير نايف بن عبد العزيز تم التغلب على كثير من الصعوبات وحصل أبناء القبائل على أوراق ثبوتية للتنقل والإقامة. فبخلاف ما يعانيه المقيمون من غير محددي الجنسية في دول أخرى قدمت السعودية كل التسهيلات لهم من حيث الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف، بل إن هذا التعامل الحسن لم يقتصر على تلك القبائل العائدة للوطن الأم فقط لكن أيضا شملت الرعاية الكريمة والتعامل الشهم حتى الذين قدموا كحلفاء يتنقلون مع تلك القبائل. واليوم لم يبق سوى عدد قليل من أبناء تلك القبائل يحملون البطاقة القبلية، وحسب اعتقادي تعمل الجهات الرسمية جاهدة لتسوية أوضاعهم، فقد تم الإعلان أخيرا عبر بعض الصحف المحلية بأن برنامج هدف ـــ التابع لصندوق الموارد البشرية وافق على شمول أبناء القبائل (النازحة) بإعانات العاطلين عن العمل. فكل الشكر لولي الأمر خادم الحرمين الشريفين وولي العهد على شمول هذه الفئة ببرنامج (هدف)، حيث إنهم في أمس الحاجة لتسوية أوضاعهم، فقد أصبح الوضع المعيشي لكثيرين منهم غير لائق، ويتطلب من الجهات المعنية وقفة حازمة لإيجاد الحل المناسب دون أي تساهل مع أي شخص بينهم يثبت أنه أساء التصرف أو تساهل بأنظمة الوطن. وقد تكون نقطة البدء هي عدم إطلاق لقب "القبائل النازحة" عليهم فهناك جهود واضحة تقودها قيادة هذا الوطن الشامخ بهدف استيعابهم ودمجهم ضمن نسيج المجتمع ليؤدي كل فرد صالح منهم واجباته الوطنية مثله مثل أي مواطن آخر. فقد أثبتت الأيام أن هذه الشريحة وفي كل الظروف تعمل جاهدة لإثبات ولائها وانتمائها للوطن الأم، ولهذا قد يكون من الأجدى أن تتاح لهم الفرص المتاحة للمواطنين نفسها مثل الالتحاق بالسلك العسكري والتعليم الجامعي. وليس هناك أي شك في أن حكومتنا الرشيدة ممثلة في وزارة الداخلية ستستمر بالجهود نفسها التي عهدناها في التعامل مع أي ملف له علاقة بأمن الوطن وكل من يقيم على هذه الأرض المباركة.
إنشرها