FINANCIAL TIMES

صناعة نشر الكتب الكوميدية تواجه التحدي الرقمي

صناعة نشر الكتب الكوميدية تواجه التحدي الرقمي

في إصدار جديد من الكتاب الكوميدي ''سوبرمان''، يحوم رجل الصلب في الفضاء، ويستشير جهاز كمبيوتر حديثا لعرض المعلومات؛ لكي يعرف عن أحدث تهديد لبلدته، مترو بوليس. وأما المجرم، فهو وحش عملاق مصنوع من النار، ولا تعرف أصوله، كما أن سوبرمان ليست لديه أي فكرة للتعامل معه. يمكن أن تكون ورطته ملائمة لتكون تجسيدا لصناعة الكتب الكوميدية التي تصارع تحولا مفاجئا نحو النشر الرقمي. وإن القراءة الإلكترونية التي هي بالفعل قوة ممزقة في صناعة نشر الكتب، تنهي في الوقت الراهن عالم الكتاب الكوميدي. وإلى جانب الكتب، فإن المبيعات المطبوعة من المواد الكوميدية للمجلات والصحف، تتراجع بصورة تدريجية، بينما تتقدم شاشات أجهزة الاتصال الملونة الحديثة، والقارئات الإلكترونية، بما في ذلك جهاز آيباد الذي تصنعه شركة أبل، وبارنيز ونوبل نوك، وأمازون كندل فاير الذي تم الكشف عنه في الفترة الأخيرة. يقول بيتر فيليبس، رئيس وسائل الإعلام الرقمية في دار مارفل كوميكس، أكبر ناشر للكتب الكوميدية من حيث المبيعات، ''سيكون العرض الرقمي بالنسبة إلينا بمثابة عمود عرض جديد للأخبار، كما أن المبيعات الرقمية تثبت نفسها في الوقت الراهن، وأمامنا الكثير من المجال لننمو دوليا''. غير أن نظام توزيع الكتب الكوميدية المشتت، والإقبال المتأصل عليها كأشياء ملموسة، والذكاء الرقمي للسكان اللذين تستهدفهم، تولد تحديات إدارية فريدة من نوعها لكبار دور النشر. وتضم هذه مارفل التي اشترتها ديزني بأربعة مليارات دولار 2009، ودي سي كوميكس التي تملكها شركة تايم وارنر. على الرغم من أن النماذج الرقمية لا تزال تمثل أقل من 5 في المائة من مبيعات سوق الكتب الكوميدية الأمريكية البالغة 635 مليون دولار، فإن الطلب ينمو بوتيرة سريعة. وبظهور تطبيقات جديدة لأجهزة عرض المعلومات والصور الرئيسة، والقارئات الإلكترونية، أسبوعيا، فقد بدأت دارا مارفل، ودي سي، الرهان على مستقبل سيظهر محليا تحت عنوان خيال علمي - وسيقرؤه مزيد من الناس على الآلات، بدلا من الورق. يقول الناشرون إن التوزيع الرقمي للكتب الكوميدية يمكن أن يزيد المبيعات الإجمالية نظرا لوجود الملايين الإضافية من نقاط البيع في الوقت الراهن، كما أن كل قارئة إلكترونية تعمل كذلك كواجهة متجر. ويقول جيم لي، الناشر المشارك لدى شركة سي كوميكس ''إن الأمر العظيم في امتلاك كتب كوميدية رقمية، هو أنه يشبه امتلاك مكتبة كتب كوميدية على جهازك الرقمي. وقد حوّلت الكتب الكوميدية عملية شراء حسب الوجهة، إلى عملية شراء بنبضة إلكترونية''. يضيف فيليبس: إن التحول الرقمي لهذه الصناعة يرغم الناشرين على الاستجابة بصورة أسرع بكثير للأذواق المتغيرة، وطلبات المستهلكين. ويضيف ''إن الناس يحدثون جلبة تجاه العروض الرقمية. وهنالك صبر أقل فيما يتعلق بالعرض الرقمي بالمقارنة مع المادة المطبوعة. وهم يريدون رؤية المواد على أندرويد، ويريدونها كذلك على iOS، كما أنهم يريدونها فورا''. عرضت دار مارفل في الشهر الماضي، للمرة الأولى، تطبيقها الخاص بالأدوات التي تشغل نظام تشغيل أندرويد، وهنالك تطبيقات متعددة بخصوص آيباد، وآيفون اللذين تصنعهما شركة أبل. غير أن الأكثر شهرة، وهي كوميكسولوجي التي تبيع نسخا رقمية لمارفل، ودي سي، تظهر بصورة متكررة كواحدة من التطبيقات البارزة في أيام الأربعاء والخميس، حيث تطلق العناوين الجديدة. تندلع حروب السباقات بالفعل. وقد توصلت شركة دي سي، في الشهر الماضي، إلى صفقة مع شركة أمازون منحت شركة التجارة الإلكترونية حقوقا حصرية لبيع نسخ رقمية لأكثر رواياتها الغرافيكية انتشارا، بما في ذلك سوبرمان، وباتمان، وساندمان. أدى هذا الأمر إلى حث بارنيز ونوبل التي تحاول تشجيع المبيعات الرقمية من خلال قارئتها الإلكترونية، ونووك، على سحب النسخ الملموسة من هذه الغرافات من المتاجر. تبعت ذلك على نحو سريع، بوكس أيه مليون، التي هي تاجرة جملة أخرى كبرى لتوزيع الكتب. وأطلقت المناورة جولة من التشاحن بين الناشرين، وتجار الجملة، والجماهير القارئة، والمؤلفين، حيث ينتظر أن تكون نذيرا بالمزيد من المعارك. مع ذلك، فإنه في الوقت ذاته الذي يحاول فيه الناشرون تعزيز المبيعات الرقمية، فإنهم يعملون كذلك، باندفاع شديد، للإبقاء على توزيعهم للمطبوعات الورقية. ويقول فيليبس ''ما زلنا في حاجة إلى مبيعات المواد المطبوعة على الورق''. على النقيض من الكتب التي لا تزال تشهد توزيعا واسعا من خلال المكتبات، والمطارات، وغير ذلك من تجار التجزئة، فإن معظم المواد الكوميدية لا تزال تباع من قبل متاجر كتب كوميدية مستقلة، ومتخصصة تملكها في العادة جهات وحيدة الملكية. كان هنالك نحو أربعة آلاف من هذه المتاجر المميزة في الولايات المتحدة قبل عشر سنوات فقط. وأما الآن، فقد تراجع العدد إلى 1500. يقول الناشرون إنه ستظل على الدوام سوق الكتب الكوميدية المطبوعة على الورق، حيث يظل جامعو الكتب المغرمون مهووسين بالطبعات الأولى منها. ويقول فيليبس ''هنالك فئة من الناس من الشباب، وكبار السن، ترغب في الإمساك بشيء ما. وهنالك أناس سيواجهون صعوبات في الاعتياد على المرحلة الرقمية''. شأنها في ذلك شأن المنتجات المرئية، فإن الكتب الكوميدية - الأشبه بمجلات الموضة - تميل إلى الظهور في أبهى صورها على صفحة مطبوعة، بينما وجدت الكتب التقليدية طريق التحول إلى القارئات الإلكترونية أقل إزعاجا. ويقول لي ''من وجهة نظر فنية، فإن الطريقة المفضلة هي قراءة المواد المطبوعة على الورق؛ لأن لديك تلك المساحة المكونة من صفحتين متقابلتين. وأما حين يتم إعدادها للظهور على الأدوات الرقمية، فإن هذه المساحة تتقلص''. مع ذلك، فإن الناشرين، والمؤلفين، يبدأون كذلك باستكشاف مزايا الطبعات الرقمية. ويقول ميكاه بولدوين، الرئيس التنفيذي لشركة توزيع الكتب الكوميدية الرقمية، فرافيكلي، إنها تختبر تضمين الفيديو في العناوين. أثناء ذلك ينظر المؤلفون إلى التحليلات التي توفرت أخيرا، والتي بإمكانها تحويل عناوين الأسبوعيات بوسائل لم يتمكنوا من خلالها من إعادة تشكيل الكتب المعتادة. ويقول بولدوين ''يمكنك أن تشهد أن معظم الناس توقفوا عن قراءة 67 في المائة مما يقرأونه، حيث حدث ذلك حين ماتت شخصية رئيسة. ويعطيك ذلك مرئية جديدة فيما يحبه الناس''. بعض الناشرين المستقلين ينتجون ''المادة الرقمية أولا''، حيث ينتجون الكتب الإلكترونية الكوميدية فقط. ويقول بولدوين ''إن ما سترونه بالنسبة إلى المنتجين المستقلين هو أنهم سيبدأون في زيادة التركيز على المادة الرقمية بطريقة لا تستطيعون تنفيذها في الكتب المطبوعة على الورق. وسينطبق ذلك على القصص الأطول والأقصر، والمواد التي تظهر أسبوعيا، وشهريا''. بدأ أحد الكتاب، والعارضين المشهورين، وهو وارين إيليس، في عرض مواد كوميدية رقمية على موقعه بالمجان، ثم بدأ ببيع المواد المطبوعة من أعماله لقاء مبلغ معين. وهذه استراتيجية جديدة، كما أنها واحدة يحتمل ألاّ تنجح مع مؤلف للخيال. ولكنها تبقي القراء مرتبطين على نحو أسبوعي دون الذهاب إلى متاجر الكتب الكوميدية أسبوعيا، كما أنها تزود إليس بوسيلة لتحقيق الأرباح. لم تتخذ دارا مارفل، ودي سي بعد، هذا المسار؛ وذلك لأن معظم عوائد كتبهما الكوميدية ما زال مرتبطا بمبيعات متاجر الكتب. غير أن بولدوين يتوقع أنه لن يمر وقت طويل قبل أن تعيد التكنولوجيا تشكيل صناعة الكتب الكوميدية. ''بعد عام من الآن، سننظر إلى الكتب الكوميدية المطبوعة على الورق كما ننظر إلى أسطوانات الموسيقى القديمة''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES