«التوازن الاقتصادي» حوّل السعودية من مستهلكة للتقنية إلى منتجة

«التوازن الاقتصادي» حوّل السعودية من مستهلكة للتقنية إلى منتجة

(إن من أهم عوامل الريادة الاقتصادية لأي دولة؛ هو امتلاكها للتقنية المتقدمة والقدرة على تطويرها) هذه الكلمة التي أطلقها ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، لتكون حجر أساس لأحد أكبر المشاريع الاقتصادية في المملكة، وهدفاً لنقل التقنية وتوطينها في السعودية، ومساهما في إيجاد أيدي عاملة وطنية عالية التأهيل، لتكون بعد ذلك مجتمعة (توازنا اقتصاديا)، ورافداً أساسياً من روافد التنمية في المملكة. برنامج (التوازن الاقتصادي) إحدى بنات أفكار الأمير سلطان، وجاء لسد الهوة التي تفصل بين الدول الصناعية المتقدمة المنتجة للتقنية، ومعظم دول العالم الثالث المستهلكة لها، وذلك بعدما استشعرت وزارة الدفاع والطيران من خلال امتلاكها وتعاملها مع النظم التسليحية المعقدة؛ أهمية هذه التقنية المتقدمة وتأثيرها. وبدأت الوزارة في تطبيق المشروع من خلال تدوير جزء من قيمة عقود مشاريعها التسليحية الكبيرة والمشتريات الخارجية الدفاعية في هذا المشروع الحيوي المهم، ونتيجة لذلك برز مفهوم (التوازن الاقتصادي) من خلال توقيع اتفاقياته مع الجهات الأجنبية الفائزة بعقود المشتريات التسليحية الكبيرة، حيث تلتزم هذه الجهات من خلالها بالاستثمار في المملكة، لإقامة مشاريع صناعية وخدمية ذات تقنية متقدمة بالمشاركة مع القطاع الخاص الوطني. هنا درع السلام مع إقرار المقام السامي لتطبيق هذا المفهوم على عقد مشروع (درع السلام) الخاص بالقوات الجوية، تشكلت لجنة وزارية برئاسة ولي العهد السعودي وعضوية كل من وزراء: المالية، التجارة والصناعة، والتخطيط والاقتصاد، لوضع سياسات البرنامج، وتوجيهه لتحقيق أهدافه التي يتلخص أهمها في نقل وتوطين التقنية في المملكة، والمساهمة في توسيع القاعدة الصناعية وتنويع مصادر الدخل الوطني، والمساهمة في إيجاد المزيد من فرص الاستثمار للقطاع الخاص الوطني والفرص الوظيفية للمواطنين. ولأهمية البرنامج والدور المنوط به وجه المقام السامي في عام 1418هـ بضم بعض وزراء الدولة إلى عضوية اللجنة الوزارية للتوازن الاقتصادي كأعضاء دائمين. وبتوجيهات من ولي العهد تم تطبيق التوازن الاقتصادي على عدد آخر من عقود مشاريع وزارة الدفاع والطيران الكبيرة، كما أقر مجلس الوزراء في عام 1415هـ تطبيق التوازن الاقتصادي على عقد مشروع التوسعة الهاتفية السادس. مشاريع للبتروكيماويات والطيران والغذاء والدواء نتج عن تطبيق التوازن الاقتصادي على هذه العقود؛ تأسيس 29 شركة حتى الآن، يقدر إجمالي حجم استثماراتها بنحو 11 مليار ريال، إضافة إلى مشاريع جديدة أخرى قيد التنفيذ باستثمارات مالية يصل إجمالي حجم استثماراتها إلى 3.6 مليار، توزعت هذه الشركات في مجالات صناعية وخدمية عدة، تشمل البتروكيماويات والطيران والغذاء والدواء ونظم المعلومات والتعليم والتدريب وغيرها. وأسهم برنامج التوازن الاقتصادي في إيجاد عدد من الشركات ذات الأنشطة الاستراتيجية الحيوية المهمة في مجالات الطيران والفضاء والإلكترونيات وهندسة النظم والمعلومات، ممثلة في شركة السلام للطائرات، والإلكترونيات المتقدمة، والشرق الأوسط لمحركات الطائرات، والمعدات المكلمة للطائرات، والدولية لهندسة النظم. وتعتبر هذه الشركات متميزة في قدراتها وخبراتها على مستوى المنطقة، حيث أصبحت منتجاتها وخدماتها رافداً أساسياً لمساندة وتلبية احتياجات القوات المسلحة، والخطوط الجوية العربية السعودية وشركة الاتصالات وغيرها، ويبلغ حجم الاستثمارات في هذه الشركات 1348 مليون ريال، وهو ما يعادل 12في المائة من إجمالي حجم الاستثمارات في شركات برنامج التوازن الاقتصادي. سكر وروبيان هناك شركات أخرى في البرنامج تسهم بشكل فاعل في توفير احتياجات المملكة من سلع أساسية مهمة، مثل المتحدة للسكر التي تنتج ما يعادل نحو 80 في المائة من احتياجات السوق المحلية من السكر، وجلاكسوولكم السعودية التي تصنع أصنافاً عدة من الأدوية والمراهم، والشرق الأوسط للبطاريات التي أصبحت تصدر جزءاً مهما من إنتاجها من بطاريات السيارات للأسواق العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى عدد من الشركات التي تنتج المواد البتروكيماوية الأساسية المهمة مثل الشركة السعودية للأولفينات، وشركة الخليج للصناعات الكيماوية، التي أسهم البرنامج في تأسيسها، بالمشاركة مع كل من شركة التصنيع للبتروكيماويات وشركة سبكيم. كما تم البدء أخيراً في تشغيل شركة الروبيان العربي في منطقة جازان، والتي يتوقع لها أن تكون من أكبر مشاريع استزراع الروبيان في العالم، وذلك بعد الانتهاء من كامل مراحل تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة. مساهمة كبريات الشركات العالمية ما يميز برنامج التوازن الاقتصادي هو مساهمة كبريات الشركات العالمية الرائدة في مجالاتها في تأسيس شركات البرنامج مثل: بوينج، جنرال إلكتريك، الشركة البريطانية للطيران والفضاء، تاليس وبرات آند وتني، رولز رويس، وإي سي ديلكو، جلاكسو سميث آند كلاين، ووتيت أند ليل وغيرها من الشركات العالمية المعروفة، كذلك تركيز شركات البرنامج على الأيدي العاملة الوطنية في الإدارة والتشغيل، حيث تجاوزت نسبة السعودة في هذه الشركات الـ 50 في المائة. دعم وتطوير قطاع التعليم لا تقتصر إنجازات البرنامج على إنشاء المشاريع الصناعية والخدمية فقط، بل أسهم في تقديم دعم حيوي وفعّال لتأسيس وتطوير مشاريع تعليمية مهمة مثل: برنامج المعايير المهنية الوطنية الذي قامت المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني من خلاله بوضع المواصفات والمقاييس لـ 250 مهنة يتطابق سوق العمل وإعداد البرامج التدريبية اللازمة لها. كما أسهم في إقامة ودعم أنشطة مهمة للبحث العلمي والتقني بين بعض الجامعات السعودية والشركات العالمية. إنجازات وأهداف مرسومة لا شك أن تضافر جهود الجهات المشرفة على البرنامج، ممثلة في وزارات الدفاع والطيران، التجارة والصناعة، المالية، والتخطيط والاقتصاد الوطني، كان له الأثر البالغ فيما حققه البرنامج من إنجازات في إطار أهدافه المرسومة، والذي يدل على النظرة الثاقبة لحكومة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ورئيس اللجنة الوزارية للتوازن الاقتصادي.
إنشرها

أضف تعليق