Author

مؤشرات القدرة على امتلاك المساكن في السعودية

|
تعد القدرة على امتلاك المساكن House Affordability من العوامل المهمة في أي مجتمع، وتحرص دول العالم بشكل عام على تسهيل حصول الأفراد المقيمين فيها على المسكن المناسب، باعتباره أحد المحددات الأساسية لمستوى الرفاهية الاقتصادية لمواطنيها، كما أن السكن يعد أحد الحقوق الأساسية للمواطن. ومن الناحية العلمية يتم تحديد القدرة على امتلاك المساكن من خلال قسمة ثمن المسكن على متوسط دخل الأسرة، أو ما يسمى مضاعف سعر المسكن، فإذا كانت النتيجة مرتفعة، فإن ذلك يعكس صعوبة الحصول على المسكن بشكل عام، وإذا انخفضت، فإن ذلك يعني أن تملك المساكن يعد مسألة سهلة بالنسبة للأسر. في رأيي أن المؤشر الأكثر قربا إلى الواقع هو مؤشر سعر المسكن إلى صافي دخل الأسرة بعد استيفاء احتياجاتها الأساسية، باعتبار أن ذلك يعبر عن القدرة الحقيقية للأسرة على امتلاك المسكن، إلا أن البيانات عادة لا تكون غير متاحة بهذا القدر من التفصيل الذي يساعد على الحكم بصورة دقيقة على قدرة الأسر على تملك المساكن، لذلك سنستخدم البيانات المتاحة في قاعدة بيانات نشرة صندوق النقد الدولي World Economic Outlook (سبتمبر 2011) عن متوسط نصيب الفرد في المملكة من الناتج، وافتراض أن دخل الأسرة يتكون من دخل شخصين (الزوج والزوجة) كمقرب لدخل الأسرة، ووفقا لدورية Annual Demographia “International Housing Affordability Survey” فإن الحكم على مدى سهولة وصعوبة تملك البيوت باستخدام مضاعف سعر المسكن يستند إلى الأسس الآتية: - إذا كان المضاعف يساوي 3 أو أقل فإن تملك المسكن يكون سهلا. - إذا كان المضاعف يقع ما بين 3.1 و4 فإن تملك المسكن يكون متوسط الصعوبة. - إذا كان المضاعف يقع ما بين 4.1 و5 فإن تملك المسكن يكون صعبا جدا. - إذا كان المضاعف يساوي 5.1 أو أكثر فإن تملك المسكن يصبح صعبا بصورة حادة. تنبغي الإشارة إلى أن استخدام المؤشر على هذه الصورة يشوبه بعض العيوب أهمها أنه يستند إلى متوسط نصيب الأسرة من الدخل، ومن ثم فإنه لا يعبر بدقة عن حال كل أسرة في المجتمع، إنما عن عموم الحال بالنسبة للأسر. من ناحية أخرى فإن هذه الحسابات تفترض أن المسكن يتم تمويله من خلال استخدام دخل الزوج والزوجة، مع أن الوضع في المملكة يختلف عن باقي دول العالم من حيث إن مسؤولية توفير المسكن ربما تقع على عاتق الزوج بصفة أساسية، لكننا لجأنا إلى حساب دخل الأسرة على أساس شخصين كي تتوافق الحسابات مع التقديرات المنشورة دوليا حتى تكون المقارنات سليمة في هذا المجال. باستخدام تقديرات دخل الأسرة وأسعار المساكن المختلفة في المملكة تم حساب مضاعف سعر المساكن إلى دخل الأسرة، سواء بالنسبة للشقق السكنية أو الفلل، وأظهرت النتائج أن مضاعفة سعر الشقق إلى متوسط دخل الأسرة تراوح بين 3.5 و4.6 بالنسبة لعموم مناطق المملكة (تفاصيل النتائج غير معروضة لضيق المساحة ويمكن توفيرها لمن يرغب في ذلك)، وهو ما يعني أن تملك الشقق السكنية في المملكة عملية متوسطة الصعوبة إلى صعبة جدا. من ناحية أخرى، فإن حسابات مضاعف سعر المسكن إلى دخل الأسرة بالنسبة للفلل السكنية معروضة في الجدول التالي، ووفقا للحسابات فإن هذا المضاعف يختلف من منطقة إلى أخرى في الدولة، لكنه يزيد على 5 في جميع المناطق، حيث يراوح مضاعف سعر البيت إلى متوسط دخل الأسرة بين 29.7 شمال مدينة جدة و5.5 جنوب مدينة الرياض، وهو ما يعني أن عملية تملك فيلا في أي منطقة في المملكة بالمؤشرات الدولية تعد مسألة صعبة بصورة حادة، لاحظ أن تراجع المضاعف في العامين الأخيرين يرجع إلى ارتفاع تقديرات الصندوق لمتوسط دخل الفرد من الناتج في هذين العامين، وليس لانخفاض أسعار المساكن، نظرا لارتفاع تقديرات الصندوق لإيرادات المملكة النفطية. من ناحية أخرى، فإن الجدول يوضح بعض المؤشرات لمضاعف سعر المسكن لدخل الأسرة في بعض دول العالم، ومن الجدول يتضح أن مضاعف أسعار المساكن بالنسبة لدخل الأسرة في معظم أنحاء المملكة يفوق مثيله في هذه الدول، وأن مضاعف سعر المسكن بالنسبة لدخل الأسرة في المملكة يعد بين الأعلى على مستوى العالم، وهو ما يعني مرة أخرى أنه بالمقاييس الدولية يعد تملك المسكن في المملكة من الأمور الصعبة بصورة حادة. الكتابات التي نقرأها عن سوق المساكن في المملكة تؤكد أن ارتفاع أسعار المساكن يرجع في جانب كبير منه إلى ارتفاع تكلفة الأرض، وأن ارتفاع ثمن الأرض يعكس الضغوط الاحتكارية في سوق الأراضي المخصصة للمساكن، وهو ما يعني أن استمرار هذه الأوضاع في سوق الأراضي يترتب عليه ارتفاع غير مبرر في تكلفة السكن الخاص، وأن الأمر يقتضي ضرورة التدخل تشريعيا لضبط إيقاع هذه السوق وإعادة التوازن المفقود إليها حتى تتمكن الأسرة السعودية من الحصول على المسكن المناسب في التوقيت المناسب وبالخصائص المناسبة. وهذا هو موضوع مقالي القادم إن أحيانا الله - سبحانه وتعالى.
إنشرها