Author

مشكلة البطالة والمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص

|
أشكر وزير العمل عادل فقيه على مقالته ''مشكلة البطالة والقطاع الخاص''، فقد شخص أصل المشكلة واقترح الحلول المناسبة لجميع الأطراف، التي تصب في النهاية في مصلحة الوطن والمواطن. لقد استمتعت بالمقال وكونت خلفية عن المشكلة، وبحكم تخصصي في إدارة المشاريع وعلاقتها مع الاستدامة الاجتماعية والمسؤولية الاجتماعية أحببت أن أستعرض بعض ما تقوم به الدول المتقدمة في هذا الجانب لعلها تفتح لنا بعدا آخر في محاولة التوصل إلى الحل. في العقدين الأخيرين برز مفهوم التنمية المستدامة Sustainability development في الأوساط العلمية ودخل حيز محاولة التطبيق من قبل العديد من الجهات الحكومية والخاصة، ولا سيما في الجانب البيئي للاستدامة. تلى بعد ذلك نشاط في البحث العلمي لمحاولة فهم وتطبيق التنمية الاجتماعية المستدامة، خاصة أن الدول النامية نادت بأهمية التطوير الاجتماعي والاقتصادي المستدام بالنسبة لها مقارنة بالبيئي الذي حظي باهتمام أكبر من قبل الدول المتطورة. في ضوء ذلك عمدت العديد من الشركات إلى تطبيق سياسة المسؤولية الاجتماعية في أدائها Corporate social responsibility. حيث تقوم المنشأة بتحديد ووضع أهداف اجتماعية لنشاطها ثم تقوم بالمتابعة الذاتية لمدى التزامها بتحقيق هذه الأهداف ومدى التزامها بالأخلاق المهنية والعادات الاجتماعية المتفق عليها. أيضاً عمدت العديد من الشركات إلى الالتزام بنظام عالمي للتقارير Global reporting initiative كآلية توضح فيها للعموم وللمستثمرين مدى التزامها بتطبيق مبادئ التنمية المستدامة، ما يحسن صورة المنشأة لدى المستثمرين ويتيح لها فرصا أكبر في المنافسة والنمو. التنمية الاجتماعية المستدامة تتمحور حول دعم الاقتصاد المحلي، توفير فرص عمل، تطوير التعليم والتدريب، تعزيز الأمن والسلامة، تعزيز ودعم الصحة، العدالة الاجتماعية، المحافظة على الهوية الثقافية، وغير ذلك. فمثلاً في قطاع الإنشاءات والمقاولات في بريطانيا تم إصدار برنامج تطوير مهارات البناء للعمال كمشاركة من شركات المقاولات في رفع الكفاءة المهنية الوطنية. وكذلك نقل وتدريس علم البناء للمجتمع المحلي وللمدارس المحلية في المكان الذي يقام فيه المشروع. كما قام بعض المقاولين بفتح مكتب توظيف مباشر في مكان المشروع كمساهمة في دعم الاقتصاد المحلي. محاولة إشراك أهل الحي الذي يقام فيه المشروع في القرارات والاستماع إلى وجهة نظرهم وتوعيتهم حول المشروع ومراحل بنائه، كما يقدم بعض المقاولين أعمالا تطوعية لأهل الحي لتعويض الأثر السلبي الناتج عليهم من جراء الأعمال الإنشائية. درجة رضا المجاورين عن أداء المقاول تؤخذ في الاعتبار في تقييم المقاول، كل هذه الأعمال والعديد من المبادرات تعزز صورة المقاول، وبالتالي أحقيته في الحصول على مشاريع أخرى من الدولة. مع الأسف، لدينا تنفق الأموال الطائلة على مشاريع إنشائية وقد لا يستفاد من هذه المشاريع إلا بعد الانتهاء منها بينما من الممكن الاستفادة على طول دورة حياة المشروع إذا تم التخطيط الاستراتيجي لذلك. كما أن هناك مشاريع لضخامتها ولعدم وجود استراتيجية تكاملية أدت إلى تجفيف سوق الإنشاءات من المواد والعمالة، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف بناء المنازل على المواطنين، التي قد تكون في أهميتها الاجتماعية بالنسبة للمواطنين أهم من المشروع نفسه. في وطننا الغالي وكدولة نامية حيث يغلب الإنفاق على المشاريع لمواكبة النهوض والتطور الذي تنعم به مملكتنا الحبيبة في عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - فإن من المهم قيام دور ريادي يفرض على المستفيدين اقتصادياً من هذا النمو إفادة المجتمع المحلي. يتم ذلك من خلال ربط المصالح المختلفة بالأطراف ذات العلاقة لتنمو في اتجاه متواز لا متضاد. وكما ذكر وزير العمل أن الاهتمام بالتنمية البشرية سيوقف تسرب الأموال إلى الخارج ويغذي الاقتصاد المحلي، ما يخلق توازنا اقتصاديا يستفيد منه المستثمر كما هو الوطن والمواطن.
إنشرها