Author

الوطن في أبهى أيامه

|
اليوم الوطني، يوم أيام الوطن كلها.. موعد يتجدد في كل عام يشير بدلالة عميقة واسعة إلى مسيرة تاريخ ظافر لقرن من الزمان ونيف بدأ منذ دخول الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مدينة الرياض إلى أن أرسى دعائم توحيد البلاد وأعلن قيام المملكة العربية السعودية بتاريخ 21/5/1351 الموافق 23/9/1932. مسيرة كان فيها المؤسس منذ البدايات مملوءا بمشروع دولته يراها ببصيرته رأي العين ولو أنه هجس بها لأحد لاعتبر ذلك ضربا من الخيال، غير أن المعجزة مثلت شاخصة مدهشة بتحققها عقول المفكرين والساسة على حد سواء، ما جعل الملك عبد العزيز أبرز صناع التاريخ الحديث وفي صدارة رواده. فإذا كانت قد توافرت لسواه من صناع التاريخ الحديث معطيات ظرفية مواتية فقد كان عبد العزيز وجها لوجه مع ظروف وعرة شرسة من الفرقة والنزاعات وانعدام الأمن وعسر المورد والتخلف والجهل والمرض، إلا أن ذخيرة من المكونات الشخصية والقيادة للمؤسس من إيمان عميق ودراية بطبيعة الأرض التي يتحرك عليها ومعرفة بطبائع الناس والأعراف والتقاليد فيها إلى جانب رؤية ثاقبة ودهاء وحكمة أهلته كلها لأن يستثمر عقول وخبرات القدرات المميزة من رجالات هذه البلاد ويزاوجها بأساطين المستشارين والمفكرين من الأفذاذ في العالم العربي والعالم المتقدم، فلقد كان المؤسس كبيرا فاستعان بالكبار، وانطلق من الجذور إلى رحاب العصر. هذه المسيرة سجلتها وثائق تاريخية بمختلف اللغات، وكرست لها مئوية الملك عبد العزيز قبل 14 عاما مؤلفات وبحوثا ودراسات وترجمات صدرت في حينها من جهات حكومية وخاصة وأفراد ما يمثل كنزا عن قصة التحولات التنموية التي أحدثت نهضة شاملة صعدت بالبلاد إلى صدارة الدول في مختلف قطاعات التنمية وأحلها عضوا بارزا في المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية بل جعلها ثقلا مهما في عضويتها في دول قمة العشرين. الماضي الباهر والحاضر الزاهر لمسيرة التنمية في بلادنا، مدينان في عرفانها ووفائها لجهود المؤسس والأجداد معه ثم للسياق المترسم لخطاه على مدى مسيرة التنمية منذ كانت لجنة فنية إلى أن استوت مؤسسات ووزارات تضع خططا لبرامجها ومشاريعها ثم أنيط بوزارة الاقتصاد والتخطيط إعداد خطط خمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لكل القطاعات والمناطق وكان حصاد ذلك تسع خطط تنموية غمرت الوطن بمنجزات استراتيجية وإنتاجية وخدمية، كان فيها المواطن هو محورها والمستفيد الأول من ثمارها. كل هذا المتحقق المثير يستدعي ونحن في حضرة هذه المناسبة الوطنية العزيزة أن يكون هذا الحقل الواسع الثري من الإنجاز مدعاة إلى تفعيل الأداء والكفاءة في إدارة التنمية ترجمة لكل توجيهات القيادة في استهداف الجودة والنوعية والسرعة في الإنجاز وتجاوز العثرات والسلبيات التي تواجه بعض مشاريع وبرامج التنمية، خصوصا في قطاعاتها الحيوية كالإسكان والمياه والتموين والتجارة والأسعار والاستثمار بتفعيل أدوار وآليات الجهات المسؤولة عن مراقبة الأداء سواء مجلس الشورى أو ديوان المراقبة أو وزارة التجارة والصناعة أو الهيئة العامة للاستثمار والمتابعة في وزارة الاقتصاد والتخطيط والغرف التجارية، فضلا عن قيام الجهات نفسها بمراقبة وتقويم جودة أدائها وكفاءته.. وهذه المهمة والإصرار على جودة مخرجات التنمية ونوعيتها وسرعة إنجازها هما التعبير الفعلي عن عرفاننا وحبنا وإخلاصنا لوطن نحتفل اليوم بيومه الوطني، الذي كان دوي مولده في أرجاء الدنيا قبل ما يزيد على ثمانية عقود.
إنشرها