Author

الأمن السعودي واستئصال الإرهاب قبل وقوعه

|
أن تتمكن أجهزة الأمن من الوصول إلى المجرم عبر الأدلة الجنائية بعد وقوع الجريمة، هذا إنجاز بالتأكيد، لكن أن تتمكن من الوصول إلى المجرم وتتعرف على كامل تفاصيل مخطط جريمته قبل وقوعها، فهذا هو الإنجاز الأعظم. الأجهزة الأمنية السعودية التي توالت إنجازاتها الوقائية عبر عدد من الضربات الاستباقية الناجحة، وسجلت حضورا فريدا ومميزا في القدرة على تطويق جرائم كبيرة في مهدها، وقبل أن يتمكن مرتكبوها من تنفيذ حماقاتهم، أصبحت اليوم وبفضل ديناميتها وقدراتها وخبراتها التراكمية السياج الحصين الذي تتكسر حوله كل سهام الحقد، وأباطيل المرجفين، حتى لم تعد المملكة على اتساع رقعة مساحتها ذلك الملاذ الآمن الذي يتيح لأولئك المرضى حرية التحرك أو العمل من خلالها لتنفيذ مآربهم، وهو نجاح لا يقاس فقط بعدد تلك العمليات التي تم ضبطها قبل الشروع في تنفيذها، وإنما أيضا بارتباطها بأشد التنظيمات الإرهابية وأطولها باعا في أعمال الإرهاب، حيث أثبت الأمن السعودي كفاءته في ملاحقة تلك التنظيمات والجماعات ورصد تحركاتها، وكشف خططها بأدق تفاصيلها. وخلية الـ (41) الإرهابية التي مثلت أخيرا أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في مستهل محاكمة أفرادها، التي ضمت قطريا ويمنيا وأفغانيا، إلى جانب بعض المواطنين، وكانت تنوي استهداف القوات الأمريكية في العديد والسيلية في قطر، ومهاجمة القوات الأمريكية في الكويت باستغلال الأراضي السعودية للتخطيط والتجهيز، وحيازة الأسلحة والتغرير باليافعين للانضمام إليهم في أعمالهم الشائنة، وقدرة أجهزة الأمن على وضع يدها على تفاصيل الجرم لكل متهم وبالأدلة الحسية والمادية ووضعها في تصرف الادعاء العام، ثم توفير كل معطيات التقاضي والدفاع للمتهمين، كل هذا يؤكد أن المملكة التي استطاعت أن تجتث عناصر الإرهاب من مجتمعها وتشل حركتها في الداخل بإحباط عديد من العمليات الإرهابية، أصبحت أيضا أكثر ثقة وأكثر قدرة على منع تلك العصابات من استخدام الأراضي السعودية للتخطيط أو التجهيز - بفضل الله أولا - ثم يقظة رجال الأمن، وما وفرته وزارة الداخلية لأطقمها الأمنية مما يمكنها من استباق أي فعل جرمي في حاضنته الأولى، وقبل أن يتحول إلى جريمة واقعة بكامل أركانها وكوارثها على الوطن والمجتمع. لقد تصدى الأمن السعودي ببسالة لأعمال إجرامية كبرى لم تستثن أحدا من استهدافاتها، واستطاع بهذه المباغتات أن يوفر للوطن وللمواطن بيئة أمنية نموذجية، لعل خير شاهد على نموذجيتها هذه الواقعية الاقتصادية المتنامية، التي باتت توفر للعمل الاقتصادي المناخ الأمثل الذي يستقطب رأس المال من كل مكان؛ على اعتبار أن الأمن هو المعيار الأول للبناء الاقتصادي، والأساس المكين للعمل التنموي، الذي فشلت - ولله الحمد - كل مخططات الإجرام أن تنال منه أو أن تتسلل إليه، ما حقق لهذا الوطن سمعة دولية حتى في صفوف الدول التي تعد الأكثر تقدما في مجال العمل الأمني. لا شك أن النجاحات التي أنجزت في سياق إحباط العمل الإرهابي قبل وقوعه وبمثل هذا العدد لا تمثل نجاحا محليا وحسب، إنما هي في حقيقة الأمر نجاح للأمن السعودي على المستويين الإقليمي والدولي، لأن التصدي بمثل هذه الكفاءة لإحباط أعمال عابرة للحدود وإيقافها قبل حدوثها، لا بد أن يمتد أثره للجميع جهة مواجهة الإرهاب الدولي الذي ما عاد له دين ولا ملة، وما عاد محصورا في جغرافيا واحدة، بعد أن أصبح يهدد استقرار المجتمعات برمتها، ويفتح كل أبواب الصراع على اتساعها .. غير أن تجربة المملكة الناجزة في هذا الصدد، التي يجب أن تحتذى إذا ما أراد العالم أن يقف في وجه هذا الداء العالمي، لا تزال تسجل بمثل هذه الإنجازات الأمنية الكبيرة ما يستحق الثناء والتقدير.
إنشرها