Author

الآثار المترتبة على إعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة

|
يركز العالم العربي هذه الأيام على ورقة مهمة في القضية الفلسطينية واعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين، استنادا إلى سلسلة قرارات الجمعية العامة بدءاً بقرار التقسيم رقم 181 لعام 1947 وانتهاء بقرار مجلس الأمن رقم 1397 لعام 2002، الذي تضمن التسوية في فلسطين على أساس قيام دولة فلسطين إلى جانب إسرائيل، وهي رؤية أوباما نفسها، وبذلك تتحول دولة فلسطين غير العضو إلى الدولة الفلسطينية، ثم تتقدم الدولة بعد إعلانها إلى مجلس الأمن للحصول على موافقته على عضويتها لتكون العضو رقم 194 بعد انضمام جمهورية جنوب السودان. في الجمعية العامة الأغلبية اللازمة متوافرة رغم الضغوط، أما في مجلس الأمن فإن الفيتو الأمريكي يقف بالمرصاد، لأنه يشترط في طالب العضوية خمسة شروط يقرر مجلس الأمن مدى توافرها، ويكفي اعتراض دولة واحدة دائمة العضوية حتى تمنع الدولة طالبة العضوية من الانضمام. فيشترط أن تكون دولة، وفلسطين دولة تتوافر فيها عناصر الدولة وهي الإقليم الذي تلتهمه إسرائيل بالاستيطان والجدار العازل والتهويد، ثم الشعب وأخيراً الحكومة وهي قائمة، وبذلك تحتاج الدولة إلى اعتراف دولي وقد تحقق. فهي إذن دولة محتلة، والدولة المحتلة رغماً عنها على سبيل الاسترداد وليس الاحتلال، لكنها يمكن أن تكون عضواً في كثير من المنظمات الأخرى. كما يمكن للدولة الفلسطينية أن تنضم إلى نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، فتطلب مقاضاة إسرائيل على جرائمها. لكن ما أثر إعلان هذه الدولة الفلسطينية في مصير السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وكذلك في حق العودة؟ يفترض أن اتفاقية أوسلو أنشأت السلطة الفلسطينية، وتفاوض منظمة التحرير إسرائيل، وأن تنتهي اتفاقية أوسلو بإعلان قيام الدولة الفلسطينية وهو ما لم يحدث، ولذلك فإن إعلان الدولة الفلسطينية يعني إنهاء عمل منظمة التحرير، لولا أن بعض الفصائل قد لا توافق على هذا الخيار، فالدولة الجديدة هي التي تفاوض إسرائيل على مستقبل العلاقة بينهما. فهل إعلان الدولة يعني أن حق العودة صار إلى الدولة الجديدة أم إلى إسرائيل كما هو واضح من قرار الجمعية العامة رقم 194؟ حق العودة مقرر للاجئين الذين فروا من ديارهم في المنطقة التي قامت عليها إسرائيل، وقيام الدولة لا يعني عودة اللاجئين إلى هذه الدولة. بعبارة أخرى فإن إعلان قيام الدولة يظل أمراً مقسوماً بين حقيقتين، الأولى هي أن إسرائيل تحتل الأرض وتملك القوة وتريد أن تفرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي كله، والآخرى أن الحق في الدولة بالنسبة للفلسطينيين أمر بدهي، فلا يعقل أن يكون الغازي قد أقام دولة وأن صاحب الحق يحرم من هذا الحق، خصوصاً أن الحق في الدولتين قد تقرر في قرار التقسيم وقرارات مجلس الأمن التي لا تحترمها إسرائيل. وهذا الوضع يخلق صراعاً بين الحق والقوة وبين الواقع والمثال وبين السياسة والقانون، خاصة أن إسرائيل المعتدية على مصر وتركيا وفلسطين تتمرد على قواعد القانون والحساب. ويرى الاتحاد الأوروبي المفاوضات ممكنة قبل الذهاب إلى الأمم المتحدة، لكنني أحذر من أن هذه المفاوضات قبل الأمم المتحدة وقبل تحديد المرجعية والجدول الزمني عبث.
إنشرها