Author

أحداث 11 سبتمبر وابتزاز المملكة عن طريق التأمين

|
استغل أعضاء شركة لويدز للتأمين، وهي من أشهر هيئات إعادة التأمين في العالم مناسبة الذكرى العاشرة لهجمات سبتمبر للربط بين مسؤولية القاعدة عن هذه الهجمات وما يزعمون من أن هناك مسؤولية لبعض الأشخاص والجهات في المملكة عن تمويل للقاعدة ساعدها على تنفيذ هجماتها هذه. وطالب هؤلاء الأعضاء في دعوى قضائية جديدة (وهم من مكتتبي هيئة لويدز من نقابات وشركات تأمين وعددهم 3500) بحسب تصريحات نشرتها بعض الصحف، هذه الجهات التي يزعمون أنها مولت القاعدة بدفع أكثر من مائتين وخمسة عشر مليون دولار. وهي تٌعادل المبالغ التي قام هؤلاء الأعضاء بدفعها لأهالي ضحايا هجمات 11 سبتمبر. فبحسب زعمهم، فإنه لو لم تكن هناك رعاية مادية وداعمين للقاعدة بما فيهم الجهات المتهمة هنا، فإن منظمة القاعدة لم يكن في وسعها تأمين الإمكانات للتخطيط والتنفيذ في هجمات سبتمبر. وفي الحقيقة فإن أقل ما يقال عن هذه الخطوة إنها محاولة ابتزاز واضحة، واستغلال لهجمات سبتمبر، وتوظيف هذه الذكرى للزج مرة أخرى باسم المملكة في هذا الحدث الإرهابي، وذلك على الرغم من وضوح موقف المملكة والجهات العاملة فيها من منظمة القاعدة وما بذلته المملكة من مجهودات كبيرة لدرء خطرها ومحاربتها. ولكن البحث عن المال ومحاولة نقل الخسارة وإيجاد مسؤول (ما) تلقي لويدز وأعضائها باللائمة عليه عن حصول المخاطر التي قامت هي بتغطيتها هو أمر لا يعرف المنطق ولا يعرف العدل. فشركات التأمين حينما تقوم بدفع التعويضات فإنها تُصاب بتوحش وسُعار للبحث عن كبش فداء، وهي من خلال ما يُعرف بمبدأ الحلول القانونية تستميت في البحث عن مسؤول عن الضرر لتحصل منه على ما دفعته من تعويضات. وبما أنه يصعب عليها أن تحصل على حقها من منظمة إرهابية كالقاعدة فهي تبحث عن بديل ما لإسناد المسؤولية إليه. فلويدز ومكتتبوها يعلمون جيداً أنه وخاصة بعد مقتل بن لادن فإنه من الصعب ملاحقة القاعدة قانونياً، وذلك لعدة أسباب منها أنه تنظيم خارج عن القانون وتصعب مقاضاته فهو كيان غير محدد. كما أن الأفراد الذين يقفون خلف هذا التنظيم هم إما أفراد مجهولين، وإذا تمت معرفتهم فلا يمكنهم دفع مثل هذه المبالغ التي يطالب بها أعضاء لويدز. الإشكالية الأخرى بالنسبة لهؤلاء الأعضاء أو المكتتبين من وجهة نظري هي أن هناك إشكالية متمثلة في ثبوت المسؤولية القانونية للقاعدة عن هذه الهجمات، وهي تختلف بالتأكيد عنالمسؤولية التي تتقرر بقرار أو موقف سياسي معين. فما يعتد به في قضايا التعويضات هو ثبوت المسؤولية القانونية (الجنائية) للقاعدة عن هذه الأعمال. وهذه لا تكون إلا من خلال المحاكم ووفق إجراءات وآليات قانونية معينة. فالمسؤولية القانونية بشقيها الجنائي والمدني هي التي تتقرر قضاءً. أما ما يخص لويدز وأعضائها من الضامنين فإن مسؤوليتهم عن التعويض تتقرر بمجرد حصول الضرر للمؤمن عليهم، وعليهم دفع التعويض مباشرة. ولذلك فهم يقومون بتعويض عملائهم ثم بعد ذلك يبدؤون رحلة البحث عمن تقع عليه المسؤولية القانونية عن حصول الضرر. فلويدز وأعضاؤها يعلمون جيداً صعوبة هذا المسار في مواجهة القاعدة وبالتالي فهم اختاروا من يرون أنه بديل مناسب بالنسبة لهم من أفراد وجهات عاملة في المملكة لتقرير مسؤوليتهم القانونية. وهذه المسؤولية القانونية التي ينشدونها لا تتفق أبداً مع حججهم الواهية والضعيفة والتي اعتمدت بشكل كبير على استعراض ساذج لتاريخ القاعدة، ومحاولة الربط بين بعض الجهات الخيرية العاملة في المملكة وبينها. والحقيقة إن مجرد التفكير بهذه الطريقة يدل على ضعف موقف لويدز وأعضائها، ولا يمكن تفسير هذا التحرك إلا على أنه ابتزاز رخيص ومحاولة استغلال هذه المناسبة وهي ذكرى هجمات سبتمبر لا أكثر ولا أقل.
إنشرها