Author

أين نستثمر أموالنا؟ (1 من 2)

|
قبل عام 2008م، كانت الأصول الاستثمارية ذات المخاطر العالية (من أسهم ملكية عامة وعقارات وصناديق تحوط وغيرها) تعطي في المتوسط عائداً على الاستثمار لا يقل عن 30 - 40 في المائة سنوياً، وكان بعضها يحقق في المتوسط عائداً على الاستثمار يفوق تلك النسبة وبمراحل. أيضاً كانت الأسواق المالية حول العالم تتداول أسعار الأسهم في المتوسط بمكررات لا تقل عن 20 أو 25 مضاعفا للربحية وكانت بعض الأسواق المالية (تحديداً في الأسواق الناشئة) تتداول في المتوسط أسعار الأسهم بمكررات تفوق 40 مضاعفا للربحية، وأعتقد أن جميع المستثمرين حول العالم كانوا يعيشون ويدركون هذه الحقائق جيداً. أما الآن وتحديداً بعد مرور نحو ثلاثة أعوام على بدء الأزمة الاقتصادية العالمية، أصبحت هذه الأصول الاستثمارية لا تعطي في المتوسط عائداً يزيد على 8 - 10 في المائة سنوياً بينما حقق بعضها خسائر رأسمالية (كما هو الحال مع أسهم الملكية العامة والمدرجة في الأسواق المالية)، في حين تعاني جميع الأسواق المالية حول العالم ظاهرة غريبة لم تشهدها من قبل تتمثل في الهبوط المتواصل لمكررات الربحية حتى بلغت الآن ما دون 13- 15 مضاعفا في المتوسط وفي بعض الأسواق المالية بلغت هذه المكررات ما دون 10 مضاعفات، ولا ندري حقيقة أين ومتى سيتوقف هبوط مكررات الربحية مستقبلاً؟ لتفسير ذلك، أعتقد أن السبب يعود بالدرجة الأولى إلى حالة القلق والخوف التي تنتاب المستثمرين حالياً من الاستثمار في الأصول الاستثمارية ذات المخاطر العالية (نتيجة لما يحدث في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وانعكاسات ذلك على الأصول الاستثمارية) على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة في معظم العملات العالمية إلى مستويات منخفضة تاريخياً وعلى الرغم أيضاً من ارتفاع ربحية هذه الأصول الاستثمارية. ما يؤكد هذا أن حجم الودائع المصرفية ارتفع بشكل ملموس إلى مستويات قياسية لم تحققها من قبل، مما يدل على أن المستثمرين يفضلون حالياً الأصول الاستثمارية الآمنة (مثل الودائع الجارية والودائع الادخارية وغيرها) على الأصول الاستثمارية الخطرة وإن كانت هذه الودائع لا تحقق لهم أي عائد على الإطلاق!!! ويبقى التساؤل مطروحاً: إلى أي مدى سيستمر هذا الحال مستقبلاً؟ والأهم أين يجب أن نستثمر أموالنا؟ في الحقيقة، لا أحد يستطيع الإجابة عن هذه التساؤلات المهمة أولاً لأن علم الغيب بيد الله سبحانه وتعالى ثم ثانياً لأن الاقتصاد العالمي يعيش حالة من عدم وضوح الرؤية حول المسار المتوقع له في السنوات القادمة في ظل وجود تقارير من مؤسسات مرموقة (مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية المتخصصة) تحذر من احتمالات عالية لدخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود اقتصادي وربما في مرحلة كساد اقتصادي. لكن هذا (إن حصل فعلاً) لا يعني أن الأصول الاستثمارية الخطرة لن تحقق عوائد مجزية في السنوات القادمة، بل أرى أن قيم الأصول الاستثمارية الخطرة ستتذبذب بحدة وهو ما سيشكل فرصة ذهبية لتحقيق عوائد عالية لكن هذا لن يتحقق إلا باتباع استراتيجيات محددة وهو ما سنناقشه في مقالي القادم بإذن الله تعالى.
إنشرها