Author

أكاديمية النصر للتأهيل!

|
إطلاق القدرات وتطوير الذات وفن التأثير من المفاهيم الحديثة في علم النفس، التي تصدى لها العلماء المختصون عبر إقامة الدورات التدريبية والمحاضرات والندوات وورش العمل التي تسهم في اكتشاف المواهب وتحفيز القدرات لدى المتعثرين والمخفقين في أي مجال. ومن أبرز المستفيدين من هذا العلم المهم الأندية الرياضية التي استعانت بهؤلاء المتخصصين في الفترة الأخيرة، لتحفيز فرقها وإطلاق قدراتها، ونتج عن ذلك تحقيق البطولات والعودة لمنصات التتويج، وإعادة تأهيل بعض اللاعبين الذين تذبذبت أو غابت مستوياتهم في فترة ما، ثم عادوا لتقديم عزفهم الكروي مرة أخرى. كل ما ذكر سابقا جميل ورائع، وتشكر عليه الأندية، ولاسيما أنه تحت إشراف مدربين معتمدين يعززون العلم النظري بالتطبيق، ويسهمون في التطوير وشحذ الهمم، لكني أستغرب بل وأتعجب عندما تقفز بعض الأندية على هؤلاء المتخصصين، وتتقمص شخصياتهم، وحينها يوكل العلم لغير أهله المبدعين فيه، وهذا ما شرعت فيه إدارة النصر التي أرادت أن تنافس أهل الاختصاص عبر بوابة تأهيل بعض اللاعبين وإطلاق قدراتهم، وليت الأمر اقتصر على ذلك فحسب، بل تجاوزه إلى التأهيل الطبي والمالي. مالك معاذ انضم إلى كتيبة النجوم الذين فقدوا بريقهم في السنوات الماضية، أمثال ياسر القحطاني وعبده عطيف وسعد الحارثي، فتعامل معه الأهلاويون منذ العام الماضي بعقلانية ومنطقية وبعيدا عن المجاملات بتحويله إلى تدريبات الأولمبي، وفي هذا الموسم، وقبل نهاية فترة التسجيل الأولى التي انتهت البارحة لاحت بوادر الصفقة الرابحة التي لم يكن يحلم بها مالك. ورأى فيها القائمون على "قلعة الكؤوس" فرصة ذهبية لا تعوض، لتفتح للاعب آفاقا جديدة في أكاديمية التأهيل وإطلاق القدرات وتطوير الأداء و"السمكرة" الرياضية التابعة لنادي النصر، حيث الباع الطويل والخبرات المتنوعة في هذا المجال، واسألوا الغشيان وفؤاد أنور والمهلل والداود ومنصور الموسى وصالح صديق والدوخي والطايع وفلاتة، لتعرفوا تاريخ هذا الصرح الأكاديمي العريق وفكره الاحترافي! صفقات "أبو ريالين" ليست مشكلة في حد ذاتها متى ما أدرك القائمون على النصر أن لديهم أزمة مالية بالفعل، وتركوا المكابرة والعناد من البداية، وبالتالي فقد كان عليهم أن "يمدوا صفقاتهم على قدر أموالهم"، ويجلبوا ما قل ثمنه وأنتج، كما تعمل أندية الرائد والفيصلي والقادسية، ولن أقول الهلال والاتحاد والشباب، لأن هناك بونا شاسعا في القدرات المالية والكوادر المؤهلة. ورغم أن الإدارة النصراوية كان لديها الوقت الكافي للتفكير في مستقبل الفريق منذ انتهاء الموسم الماضي، وبهدوء وتأن وبعيدا عن الارتجالية والارتباك اللذين وقعت فيهما في نهاية فترة التسجيل، إلا أن تحويل بوصلة التعاقد إلى مالك معاذ يكشف أن إدارة النصر استنفدت كل خيارتها المالية والفكرية منذ وقت مبكر، ولم يعد لديها إلا صفقات الوجبات السريعة التي تحاول فيها كسب ود الجماهير وتعاطفها بغض النظر عما تسببه من تعطيل روح الفريق ونبضه! إن الصدمة التي تلقاها جمهور "العالمي" من قبل الإدارة النصراوية التي أعلنت فشلها في تسيير أمور فارس نجد، وتلبية أقل ما يتمناه محبو النادي وحرمانهم من حقوق مشروعة لجميع الأندية، عندما بثت خبر الاكتفاء بثلاثة أجانب، تحتم عليها أن تعرف قدراتها منذ وقت مبكر، وأن تسير وفق إمكاناتها المحدودة، وأن تتأمل مليا في الحكمة الشعرية الشهيرة: إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع ولا أظن أن إدارة النصر ستستفيد من ذلك قياسا بمسلسل الأخطاء الغزيرة، بل ستكون الجماهير العاشقة للأصفر على موعد متجدد مع حلقات أخرى لدراما الأقوال ومسرحيات الصفقات التأهيلية في فترة التسجيل الثانية!
إنشرها