Author

خريطة الاستثمار العقاري السعودي في ظل أزمة الديون العالمية

|
تناقلت وكالات الأنباء المحلية والعلمية خبر خفض التصنيف لائتماني للدين الأمريكي من ''AAA'' إلى ''+AA'' من قبل وكالة ستاندرد آند بورز العلمية وهو ما يعني دخول اقتصاديات العالم بأزمة اقتصادية مالية جديدة أو استمرار للازمات الاقتصادية المالية التي عصفت باقتصاد العالم الغربي والعربي خلال الأربع سنوات الماضية بدءاً من الأزمة المالية العالمية في عام 2008 مروراَ بأزمة ديون دبي ومن ثم أزمة الديون السيادية الأوروبية وحتى وقتنا الحالي، هذه الأزمات المالية المتتالية عملت على تعزيز فكرة أن الاستثمار في الأصول المالية من سندات حكومية ''على وجه التحديد'' لم يعد الملاذ الآمن والاستثمار المجدي لكثير من المستثمرين ''من أفراد وحكومات'' في أسواق المال المحلية والعالمية على حد سواء. عادة وفي ظل هذه الظروف يتجه أغلب المستثمرين في جميع أنحاء العالم إلى التخلص من أكبر قدر من مدخراتهم من أصول مالية إما عن طريق شراء معدن الأزمات ''الذهب'' أو عن طريق الاستثمار في سوق العقار كملاذ آمن لحفظ رؤوس الأموال من جهة والتطلع إلى عائد استثماري مجد من جهة أخرى على المدى المتوسط والطويل. بالنسبة لمعدن الذهب، فسعر الذهب الحالي وصل إلى مستويات تاريخية لم يسبق لها مثيل فقد تجاوز سعر أوقية الذهب حاجز 1770 دولارا مدعوماً بالتوقعات المستقبلية بارتفاع سعره بصورة أكبر مما علية الآن، ومع تزايد حدة المضاربات في سوق الذهب تتزايد حدة انفجار فقاعة الذهب يوماً بعد يوم، فسوق الذهب في البورصات العالمية وصل إلى ما يعرف بـ''الكتلة الحرجة من المضاربة'' وهو يعد الآن أصل في غاية الخطورة لكثير من المستثمرين من أفراد وحكومات ومؤسسات مالية مما يجعل درجة العائد الاستثماري لهذا المعدن عالية الخطورة، ففي ظل هذه الظروف التي يشهدها سوق الذهب العالمي، لم يعد الاستثمار في معدن الذهب الخيار الأول في نظر الكثير من المستثمرين لحفظ رؤوس أموالهم ومدخراتهم على الأقل في المدى القصير والمتوسط، لذلك تتجه أنظار المستثمرين في بقاع العالم الغربي والعربي نحو الاستثمار في سوق العقار كواحد من الأصول الحقيقية ذات العوائد المجدية والمنتظمة ودرجة مخاطرة استثمارية منخفضة مقارنة بسوق الذهب. وبالحديث عن سوق العقار السعودي وفرص الاستثمار فيه، تؤكد التقارير الاقتصادية المحلية والدولية أن الاستثمار في سوقنا العقاري يعد من أفضل الأسواق العقارية في الخليج والوطن العربي خاصة في ظل التقلبات السياسية في العالم العربي من جهة وضعف الفرص الاستثمارية البديلة من جهة أخرى، يضاف إلى ذلك ما تتمتع به المملكة من استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي كبير عملت على تهيئة بيئة استثمارية خصبة ومناخ جاذب للعديد من مجالات الاستثمار وفي مقدمتها الاستثمار في القطاع العقاري. تشير أحدث التقارير الاقتصادية إلى أن قطاع العقار والبناء في المملكة العربية السعودية يعد من أكثر الفرص الاستثمارية جاذبية في منطقة الخليج والوطن العربي فهو من أكثر الأسواق العقارية ربحية من حيث تدفق السيولة النقدية والعائد الربحي الجيد. فقد وصل حجم الاستثمارات العقارية في السوق السعودي خلال العام الحالي إلى نحو 2.1 تريليون ريال مع توقعات بزيادة قيمة الاستثمارات إلى 3.5 تريليون ريال خلال الأعوام القليلة القادمة، كما أن هناك ما يزيد عن 285 مشروعاً عقارياً بقيمة 910 مليارات ريال يجري تنفيذها في المملكة خلال الفترة الحالية، عدا ما نفذت بالفعل خلال السنوات القليلة الماضية، كذلك تشير التقارير إلى حاجة المملكة لبناء ما لا يقل عن ''2.6 مليون'' وحدة سكنية خلال المرحلة القادمة بهدف تلبية الطلب الناجم عن تزايد عدد السكان، الأمر الذي يعني بناء 200-250 ألف وحدة سكنية سنوياً. كيف لا؟ والرغبة السياسية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- بتوفير المسكن المناسب لكل فئات المجتمع السعودي، والعمل على توفير المحفزات الاقتصادية والبيئية التحتية الملائمة لبناء مشاريع عقارية عملاقة تواكب متطلبات واحتياجات السوق السعودي قد أسهمت في تهيئة سوق العقار السعودي إلى طفرة عقارية كبيرة خلال المرحلة القادمة. كل هذه العوامل والمحفزات سوف تعمل، بما لا شك فيه، على جذب المستثمرين وشركات التطوير العقاري وبدرجة قوية للاستثمار في السوق العقارية خصوصاً في ظل هذه الظروف التي يعيشها العالم من أزمات مالية متتالية. في ظل هذه الظروف والأزمات العالمية المتتالية، يتفق الجميع ''من مستثمرين ومتعاملين ومطورين ومهتمين بالشأن العقاري السعودي'' على أن هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ خطوات جريئة في سوق العقار السعودي تعمل على رسم خريطة جديدة للاستثمار العقاري في السوق السعودي. هذه الخطوات الجريئة يجب أن تكون مدعومة بإصلاحات هيكلية وجوهرية للسوق العقارية، يكون في مقدمتها توحيد مرجعية سوق العقار السعودي من أنظمة وتشريعات عقارية، وتفعيل أنظمة التمويل والرهن العقاري، وأنظمة القضاء ''خاصة في ما يتعلق بأنظمة الاستثمار العقاري والمرجعية القانونية من بيع وشراء وتثمين وتوثيق عقاري''، وتفعيل أنظمة الاستثمار الأجنبي، وأنظمة التسويق والتطوير العقاري، إضافة إلي تفعيل حزمة الضوابط والإجراءات التي صدرت أخيراً في الشأن العقاري السعودي. ما ينبغي التأكيد عليه هنا، إن الهدف من رسم خريطة جديدة للاستثمار العقاري السعودي هو مواكبة الطفرة العقارية والعصر الذهبي الذي يعيشه اقتصادنا المحلي، وزيادة الميزة النسبية والتنافسية في صناعة العقار السعودي مقارنة بأسواق الخليج والوطن العربي، كذلك ينبغي التركيز على الجانب التسويقي ''الاحترافي!'' لرفع درجة قناعة المستثمر المحلي والأجنبي بأهمية الاستثمار في سوقنا العقاري من خلال المؤتمرات والندوات والمعارض المكثفة ''محلياً ودولياً'' عن سوق العقار السعودي والفرص الاستثمارية الواعدة فيه.. ينبغي العمل والتنسيق الفعلي والفعال مع جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة بالشأن العقاري وتهيئة هذا المرفأ المهم ليكون مركزاً عقارياً تجارياً من الدرجة الأولى لصناعة العقار والاستثمار العقاري في الخليج والوطن العربي.
إنشرها