ضغوط كبيرة دفعت الهيئات الشرعية لإجازة منتجات مشبوهة

ضغوط كبيرة دفعت الهيئات الشرعية لإجازة منتجات مشبوهة

أكد فقيه سعودي أن العديد من الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية تتعرض لضغوط شديدة من إدارات هذه البنوك لإجازة بعض المنتجات التي قد تكون محل شبهة ولا يقتنع بها الفقهاء، ما يوقعهم في حرج شديد، مبيناً أن هذه الأمور تحتاج إلى إعادة نظر ووقفة صارمة وحاسمة من الهيئات الشرعية والجهات الرقابية في الدول الإسلامية. وقال الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان المشرف العام على مؤسسة رسالة الإسلام، وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، إن هناك منتجات تتعامل بها البنوك الإسلامية ربما أجيزت للضرورة في وقت مضى، والذين أجازوها من العلماء جعلوها لمرحلة معينة، لكن - مع الأسف - لا تزال بعض البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تتمسك بها طمعاً في الربح السريع، ولو كان فيها نوع شبهة. وتمنى الفوزان في حديث مع "الاقتصادية" ممن ينتقدون المصرفية الإسلامية، ولا سيما أولئك الذين يعممون تعميما شنيعا وظالما على المصرفية الإسلامية بأكملها؛ أن يقدروا الإيجابيات الكثيرة والنجاحات الكبيرة التي حققتها المصرفية الإسلامية وأنها لا تزال في مرحلة مجاهدة ومع الأيام ستتحسن أحوالها شيئا فشيئا إلى أن تكون منضبطة بالضوابط الشرعية كاملة. من جهة أخرى، أوضح الفوزان أنه ستبقى هناك مسائل كثيرة تختلف فيها أنظار العلماء، وهي مسائل اجتهادية لا يجوز الإنكار فيها على المخالف، ولا بأس بيان الرأي المخالف، لكن لا يجوز إلغاء اجتهادات الآخرين وآرائهم المبنية على أصول وأدلة شرعية معتبرة. وأشار إلى أن وجود المؤسسات المالية الإسلامية على اختلاف أنواعها، هو نعمة من الله جاءت بعد جهاد طويل وصبر ومصابرة من كبار العلماء على مدار 50 عاماً لمكافحة الربا والغرر والميسر والقمار والمعاملات المحرمة التي انتشرت - بكل أسف - في البلاد الإسلامية بعد سيطرة الاستعمار الغربي. وأضاف "كان كثير من الناس، بل حتى من الأخيار، يشككون في إمكانية نجاح المؤسسات المالية الإسلامية، لكثرة التحديات التي تواجهها وكثرة العقبات الشديدة التي توضع في طريقها، لكن بالصبر والمصابرة وبعد توفيق الله - عز وجل - أثبتت وجودها وفاعليتها وأنها البديل الأمثل والأفضل والآمن حتى من الناحية الاقتصادية والتجارية من النظام الرأسمالي وقبله الاشتراكي الذي سقط في كل العالم". ولفت المشرف العام على مؤسسة رسالة الإسلام وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان إلى أن هذه الحقيقة تأكدت بعد الأزمة المالية العالمية وأصبحت أنظار العالم كله شرقه وغربه تتجه نحو المصرفية الإسلامية والاقتصاد الإسلامي، بشكل عام، وتابع "ثبت عمليا بما لا يدع مجالا للشك أن الاقتصاد الإسلامي المنضبط هو الحل لهذه الأزمات الذي لا يزال العالم المعاصر يعانيها بين فترة وأخرى". إلا أن الدكتور الفوزان تدارك حديثه بالقول "ومع ذلك لا تزال البنوك الإسلامية في حاجة إلى التطوير والإبداع في عملها المصرفي، وفي حاجة إلى المزيد من الضبط والرقابة الشرعية الجيدة التي تضمن استمرارها بالالتزام بالضوابط الشرعية والبعد عن المعاملات التي فيها شبهة أو نوع من التحايل أحيانا، وقد يظن ألا فرق بين هذه المعاملة التي تسمى إسلامية والتعامل الربوي"، مؤكداً أن هناك فعلا بعض الفتاوى الشاذة في هذا المجال، وربما تأخذ بها بعض المؤسسات المالية والبنوك الإسلامية، مضيفاً "هناك أيضا منتجات تتعامل بها البنوك الإسلامية ربما أجيزت للضرورة في وقت مضى والذين أجازوها من العلماء جعلوها لمرحلة معينة ويجب إذا تغيرت الظروف وانتفى حال الضرورة أن يغير الحكم ومع الأسف لا تزال بعض البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تتمسك بها لأنهم تعودوا عليها ولأنها تحقق لهم الربح السريع ولو كان فيها نوع شبهة، رغم أن العذر الشرعي الذي أجيزت بسببه قد زال، ويجب فعلا أن يتغير". وعلل الدكتور الفوزان بأن بعض المنتجات الإسلامية ربما أجازها بعض العلماء للضرورة وشدة الضغوط على البنوك الإسلامية لكنهم اشترطوا أنهم سيضيقون التعامل على هذا المنتج شيئا فشيئا بحيث ينتهي بعد سنوات، مشيرا إلى أن تلك المنتجات لا تزال على حالها وربما توسعت بشكل أكبر مما كانت عليه. ورأى الفقيه السعودي أن هذه الأشياء فعلاً تحتاج إلى إعادة نظر وإلى وقفة صارمة وحاسمة من الهيئات الشرعية والجهات الرقابية في الدول الإسلامية وأن يكون لها دور، وقال: "أعتقد أن الهيئات الشرعية عليها مسؤولية عظيمة وكبيرة في هذا المجال، البنوك بحكم أنها مؤتمنة على أموال المستثمرين وتعيش في معمعة منافسة شرسة مع البنوك التقليدية ومع بعض البنوك الإسلامية التي ربما فيها نوع من التساهل أحيانا، حريصة جدا على الربح للمساهمين وضمان رؤوس أموالهم، ولهذا قد تمارس ضغطا على الهيئات الشرعية وتقارن نفسها بالبنوك المماثلة، وهذا لا شك إشكالية". ويضيف "تجد الهيئة الشرعية فعلا في حرج بين حرصها على نجاح البنك وأن يثبت جدواه بحيث يكون أنموذجا للبنوك الأخرى لتحذو حذوه، ويثبت فعلا نجاح المصرفية الإسلامية وبين عدم قناعتهم ببعض المنتجات التي يرى البنك أنها ضرورية كي يحقق الأرباح ويرضي المستثمرين فيه، لكن أعتقد أن نراقب الله - سبحانه وتعالى - في هذا الأمر ونتقيه ما استطعنا وأن نوازن فعلا بين المصالح والمفاسد، ونرتكب أخف الضررين لدفع أعظمهما ونحقق أكبر المصلحتين ولو بتفويت أدناهما كما هي القاعدة الشرعية". وأردف "مع ذلك أتمنى ممن ينتقدون المصرفية الإسلامية وأحيانا مع الأسف يعممون تعميما شنيعا وظالما على المصرفية الإسلامية بأكملها، أتمنى عليهم أن يقدروا الإيجابيات الكثيرة والنجاحات الكبيرة التي حققتها المصرفية الإسلامية وأنها لا تزال في مرحلة مجاهدة ومصابرة، وبإذن الله مع الأيام ستتحسن أحوالها شيئا فشيئا إلى أن تكون منضبطة بالضوابط الشرعية كاملة". إلى ذلك، ينبه الدكتور الفوزان إلى أنه ستبقى هناك مسائل كثيرة تختلف فيها أنظار العلماء وهي مسائل اجتهادية لا يجوز الإنكار فيها على المخالف، ويقول "لا بأس أن نبين رأينا المخالف لكن لا يجوز لنا أن نلغي اجتهادات الآخرين وآراءهم المبنية على أصول وأدلة شرعية معتبرة".
إنشرها

أضف تعليق