Author

الغرب أولى بتجفيف منابع الإرهاب

|
أول تفجير حصل في الشرق الأوسط كان تفجير فندق الملك داوود في مدينة القدس في فلسطين في 22 يوليو سنة 1946، حيث قام أعضاء من جماعة الإرجون الصهيونية `ذات الأصول الغربية وبتوجيه من رئيسها مناحين بيجن بتنفيذ هذا الهجوم ضد الحكومة البريطانية في فلسطين الذي قتل فيه 91 شخصاً، حيث لم تكن ثقافة التفجيرات معروفة في المجتمعات الشرقية. بعد تفجير أوسلو أعلنت شبكة "سي بي إس" الإخبارية وسي إن إن ونشرت "واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال" كعادتهما أن جماعة تطلق على نفسها اسم "أنصار الجهاد العالمي" أعلنت مسؤوليتها عن الانفجار، ففي "واشنطن بوست" كتبت الكاتبة جينفر روبن مقالاً حول أسباب تورط المسلمين في مذابح أوسلو، ولكن لم تمض ساعات قليلة حتى انكشفت حقيقة الأمر ويأتي الناطق الرسمي النرويجي ليخبر العالم أن الذي قام بالتفجير هو المدعو: اندرس برينج بريفيك النرويجي الأصل والمنشأ، من خريجي التشكيل اليميني الشعبوي وحركته الشبابية، فقد كان من طلائعهم الموعودين فكان مسؤولا محليا عن حركة الشبيبة في الحزب بين 2002 و2004. فالسؤال لماذا لم تعتذر الصحف والمحطات للمسلمين عن هذا الاتهام، كما طالب الكاتب الأمريكي جيمي فالوس في "واشنطن بوست"؟! أيها السادة: نحن بحاجة ماسة لمراجعة منابع الإرهاب .. كم سررت بتعليقات اليساريين الغربيين، حيث لم يضع أحدهم اللوم على ذلك الشاب المحقون بأفكار رفض الآخر، بل وضعوا تركيزهم على المدارس الحزبية اليمينية التي خرجتهم وعلى المسؤولين عنها فبعد الحادث مباشرة ندد جميع الرؤساء الغربيين بالحادث واعتبروه عملاً إجرامياً ولكن تغيرت نبراتهم عندما عُرف الجاني!! أيها السادة: العالم لا يحتاج إلى الشجب والتنديد بل يحتاج إلى العمل بجدية على حماية المجتمع الإنساني من مثل تلك الحوادث الإجرامية وتجفيف منابعها، بالطبع وبعد عشر سنوات من 11 سبتمبر الحل لا يكمن أبداً في تشديد الإجراءات الأمنية والحواجز والانتشار الأمني، فهذه إجراءات كانت أشبه بالانتقائية وحولت المطارات وبعض الطرق إلى منغصات كما تضرر منها الشخص العادي!! أيها السادة: من أهم الحلول الجذرية القضاء على منابع الإرهاب والتطرف، ففي المجتمعات الإسلامية قد تجد التطرف عند طائفة محدودة العدد والتأثير ينكرها جميع عقلاء ومفكري الأمة، أما في المجتمعات الأوروبية فقد أصبحت الأحزاب المتطرفة اليمينية ذات رواج كبير وتحظى بدعم من الكثير من رؤوس الأموال، ففي الولايات المتحدة التي هي في الواقع أشبه بمجمع كبير من شعوب وأديان وطوائف متعددة يحكمهم مبدأ (لكم دينكم ولي دين)، رأينا في الفترة الأخيرة انقلاباً على تلك القيم، وذلك بارتفاع أسهم المرشحين المتطرفين: فمنهم من يعلن حربه على دين معين، ومنهم من يحارب الأجانب والملونين. التطرف يا سادتي دق أطنابه حتى وصل إلى قيادة أمريكاً، ويعزى إلى بوش الابن قوله إنه قام بمهماته في حرب أفغانستان ضد الإرهاب بأمر من الله. قائلاً: لقد أمرني الله أن أذهب وأحارب الإرهابيين في أفغانستان، فذهبت إلى أفغانستان، ثم أمرني الرب بأن أذهب وأحارب الطغيان في العراق، فذهبت وحاربته ثم يضيف بوش قائلاً: أنا رئيس ملهم من الرب، ومن دون هذا الإلهام، لا أستطيع أن أقوم بعملي!! كما لا ننسى مهاتفته للرئيس الفرنسي جاك شيراك لإقناعه بدخول الحرب ضد العراق مبررا ذلك بتدمير آخر أوكار "يأجوج ومأجوج"، مدعيا أنهما مختبئان الآن في الشرق الأوسط قرب مدينة بابل القديمة، وأصر على الاشتراك معه في حملته الحربية، التي وصفها بالحملة الإيمانية المباركة، ومؤازرته في تنفيذ هذا الواجب الإلهي المقدس، الذي أكدته نبوءات له، ولا ننسى أيضاً خزعبلات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وما خفي أعظم. وكان ضحية هذه الأفكار المنحرفة مقتل أكثر من مليون عراقي وأفغاني وهدر مبالغ مالية تكفي لتشبيع وتعليم جميع فقراء العالم وإيوائهم. المشكلة يا سادتي أن هذا الفكر الديني المنحرف والمتطرق لقي رواجاً وقبولاً بين شباب أمريكا والدول الغربية، فقد اعترف المسؤول عن تفجيرات أوسلو بأن لديه ارتباطاً مع خلايا نائمة داخل النرويج وخارجها !! فالسؤل الآخر المطروح: هل يشملهم قانون محاربة الإرهاب؟!، وهل نتوقع أن تجفف منابعهم، ويسجن قادتهم ومنظروهم!!، فالعالم بحاجة إلى وقفة عادلة وصارمة لمحاربة أي نوع من التطرف ونشر روح التسامح، وأن لا ينظر إلى هذا الحادث بأنه فقط ضرب من الجنون!!
إنشرها