Author

«نطاقات».. أسئلة وإجابات

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى
قبل أسابيع عدة كتبت سلسلة مقالات عن الحل الاقتصادي للبطالة، ورفضت حل نسب السعودة وفكرة ''نطاقات'' التي تقوم أساسا على فكرة نسب السعودة، وقلت ولم أزل أقول إن ''نطاقات'' والسعودة بشكل عام تعاقب رجل الأعمال وتهمل المتسبب في المشكلة، وهو العامل الأجنبي، فالعامل الأجنبي ينافس بطريقة لا يمكن للعامل السعودي مجاراتها أبدا، ووضحت ذلك بإسهاب. ورغم تفهمي لـ ''نطاقات'' إلا إنه لم يعالج هذه القضية تماما. نعم ''نطاقات'' فكرة ذكية بلا شك عندي، لكن لا يعني أنها بلا عيوب، ورغم إعجابي بها إلا أنني ما زلت مقتنعا بالحل الذي طرحته سابقا. ومع ذلك فإن ''نطاقات'' تجربة تستحق الدراسة والنقاش وتستحق أن تجد فرصتها في أرض الواقع. في المقال السابق ''الوزير المتفائل'' كنت أتلمس المشكلة في فشل ''نطاقات'' إن حدث وفشل البرنامج، ذلك أنه سيواجه مدمني الاستقدام وهو ليس معدا لذلك، من هنا لم يكن عدد من كتاب الرأي ومجموعة من القراء متفائلين بشأن قدرة ''نطاقات'' على حل مشكلة السعودة، فلدينا رصيد من الفشل يصعب نسيانه. وقبل مناقشة فكرة ''نطاقات'' سأبدأ برسالة وصلتني على بريدي الإلكتروني من المهندس علي القحطاني وهو متفائل جدا بنظام ''نطاقات'' فهو يرى أن فشل الدكتور غازي القصيبي (نسأل الله أن يرحمه ويغفر له) كان بسبب كرزماتيته واعتقاده أن قوته تكفي للحل وأنه روج لمصطلح ''الاستقداميون'' ورفض الاستقدام وقتره حتى وقفت عجلت التنمية من مشاريع بنية تحتية ومصانع أو كادت في انتظار من يرضى بالعمل من السعوديين في القطاع الخاص. ولما طال الانتظار وعجزت الحكومة عن تنفيذ مشاريعها وراجت التأشيرات بمبالغ خيالية في السوق السوداء رجحت كفة الاستقداميين ورضخت الوزارة للأمر. ثم في آخر الرسالة عرف مدمنو الاستقدام بأنهم ''المقاول المتعاقد لتنفيذ مشروع بمئات الملايين، صاحب النقليات المتعاقد مع شركة الكهرباء لإمداد المحطات بالوقود، صاحب المخبز الذي يؤمن الخبز في الأسواق''. وأوضح أنه لو اجتمع العاطلون في المملكة لما تمكنا من سد العدد المطلوب لمهنة سائق نقل ثقيل أو حداد أو نجار، وهذا ما عصي فهمه على غازي وفهمه جيدا الفقيه. انتهت الرسالة ومع تكرار شكري للقراء الأعزاء على المناقشة وإثراء الحوار حول هذه المشروع الوطني المهم ليس كي نقف حجر عثرة أمامه بقدر ما نوضح وجهة النظر ونقيم التجربة، أملا في الوصول السريع إلى الحل المنشود، فكما قيل الوقت ينفد بسرعة، وعلينا مجاراة الواقع المؤلم. ''نطاقات'' يحاول إجبار رجال الأعمال على قبول الموظف السعودي دونما تأثير في حركة التأشيرات والعمالة الأجنبية ودونما تأثير في مسار التنمية الشاملة. ''نطاقات'' ليس مجرد ألوان، بل فكرة ملونة تتلون بتلون وفق رغبة جدية رجل الأعمال على قبول السعودي. العين الحمراء لمن لا يرغب، فـ ''نطاقات'' حدد نسب السعودة ليس بشكل ثابت كما كان سابقا (30 في المائة)، بل قسم الاقتصاد السعودي إلى قطاعات وفي كل قطاع فئات من المؤسسات تراوح بين عملاقة وكبيرة ومتوسطة وصغيرة، وصغيرة جدا ثم تمت دراسة السعودة الفعلية في كل قطاع وكل فئة من المؤسسات. وهنا قوة ''نطاقات'' وجدارته العلمية وأفضل طروحاته، فمثلا قطاع التجزئة تمت دراسة نسب السعودة الفعلية في المؤسسات الصغيرة وظهر أن متوسط السعودة هو 10 في المائة وهناك مؤسسات لم تحقق أكثر من 4 في المائة، وبذلك تم إقرار نسبة السعودة المطلوبة للدخول في المنطقة الآمنة في قطاع التجزئة للمؤسسات الصغيرة بـ 10 في المائة. وهي معقولة جدا، وقد تم تحقيقها فعلا من أغلبية المؤسسات (في المتوسط)، فإذا لم تلتزم أي مؤسسة بذلك فليس مرده إلى صعوبات كبيرة أو عدم عقلانية النسبة، بل لعدم الرغبة والجدية، لذلك فإن هذه المؤسسات غير الجادة تقع في فئتين: فئة حمراء (4 في المائة فأقل) وهي منطقة الخطر، وفئة صفراء بين (4 في المائة و10 في المائة) وهذه ستعطي فرصة للتوافق. طبعا يحق للمؤسسة في المنطقة الخضراء الحصول على العمالة من مؤسسات المنطقة الحمراء دون موافقة صاحب العمل، ما يمكننا من المحافظة على العمالة الجيدة ذات الخبرة، وكذلك يخفف من أعباء الاستقدام على الشركات المتميزة في توظيف السعودي، وكأن نظام ''نطاقات'' يكافئ هذه المؤسسات، كما سيعاقب المؤسسات في المنطقة الحمراء من الاستقدام، ويزيد من ضغوط العمل عليها. بالطبع لكل قطاع وفئة نسب السعودة خاصة بها، وبما أن هناك 205 فئات، فإن الجهد الذي تم القيام به لتحديد نسب السعودة لكل فئة عمل ضخم ومعقد، فنسب السعودة تختلف حتى إنها تصل في بعض القطاعات إلى 70 في المائة، وذلك وفقا لمتوسط التطبيق في السوق الفعلية. والآن لنبدأ الأسئلة، نحن نعلم مشكلة العمالة السائبة ومشكلة التستر، فكيف سيحل ''نطاقات'' هذه المشكلة؟ التستر عادة يحدث في المؤسسات أقل من تسعة عمال، فيقوم صاحب الرخصة السعودي بتأجير رخصة المحل لعمالة أجنبية على كفالته، وتتعدد المؤسسات لصاحب الرخصة، وجميع هذه الرخص لمحال بأقل من تسعة عمال فيتم التخلص من قضية السعودة رغم كثرة العمال عنده، ''نطاقات'' يجمع هذه المؤسسات التي باسم مالك واحد ويقرر عليه نسب السعودة بغض النظر عن عدد العمال في كل رخصة محل. كيف يتم التغلب على السعودة الوهمية بحيث يتم دفع مبلغ 500 ريال لمواطن سعودي يبقى في منزله؟ ''نطاقات'' يستقي معلوماته من نظام التأمينات الاجتماعية مباشرة، وبناء على هذه المعلومات سيتم تحديد المستحقين لإعانة البطالة المقرر البدء بها مع ميزانية عام 2012. فليس من مصلحة مواطن عاطل أن يأخذ مبلغ 500 ريال ويضحي بإعانة بطالة ألفي ريال. فمن الطبيعي أن يطلب مبلغا أكبر من رجال الأعمال كتعويض عن فقدان إعانة البطالة، وليس من المجدي اقتصاديا لرجل الأعمال أن يدفع أكثر من ألفي ريال، ومعها تأمين اجتماعي، ولا يستفيد من خدمات موظفه. وتبقى بعض الأسئلة الاقتصادية سأتركها لمقال قادم.
إنشرها