«جوجل» في حاجة إلى مزيد من العتاد لحرب براءات الاختراع

«جوجل» في حاجة إلى مزيد من العتاد لحرب براءات الاختراع

إنها مفارقة أن جوجل، التي تحظى بتوقعات عالية بسبب قوتها العقلية المحضة، ضعيفة للغاية حينما يتعلق الأمر بما لديها من الملكية الفكرية.
وثمة مفارقة أكبر، وهي أن شركة البحث التي تخضع قوتها السوقية إلى تحقيق رسمي على جانبي الأطلسي، يجب أن تعتمد على وزارة العدل الأمريكية كآخر خط دفاع لها لمنع مركزها النسبي المتعلق بالملكية الفكرية من أن يصبح أسوأ بكثير.
هذا ما تبدو عليه الصورة في أعقاب العرض الأخير بشأن ستة آلاف براءة اختراع كانت تملكها سابقاً شركة معدات الاتصالات التي أفلست، نورتل. وفي حرب براءات الاختراع الطاحنة في عالم حوسبة الهواتف الجوالة، يمكن أن يتحول هذا إلى معركة ووترلو (التي هُزم فيها نابليون) الخاصة بجوجل.
مثلما أشرنا هنا سابقاً، فإن الهبة المنخفضة بشكل ملحوظ، المخصصة لقسم الملكية الفكرية في جوجل جعلتها ضعيفة أمام الهجوم القانوني. وحيث توجد 600 براءة اختراع فقط باسمها في الولايات المتحدة، فإنها متخلفة للغاية عن أبِّل (التي تملك قرابة أربعة آلاف براءة اختراع)، وميكروسوف (17 ألف براءة اختراع). كما أن شركة صناعة الأجهزة اليدوية التي تشحن الأجهزة مع برمجية أندرويد مفتوحة المصدر مكشوفة كذلك.
تبدو أهمية براءات اختراع نورتل واضحة من الطريقة التي زادت بها جوجل عرضها من 900 مليون دولار إلى أكثر من أربعة مليارات دولار خلال 18 جولة من العرض. لكن كانت هناك جولة واحدة مهمة للغاية: هناك اتحاد يدعى روكستار بيدكو قدم عرضاً بـ 4.5 مليار دولار، أو 750 ألف دولار لكل براءة. وتشتمل روكستار على بعض أكبر منافسي جوجل في برمجيات الهواتف الجوالة: أبل، وميكروسوفت، وريسيرش إن موشن.
حصلت محفظة نورتل على أكثر من 510 آلاف دولار لكل براءة اختراع، بحيث أن اتحاداً آخر – يشمل أبل وميكروسوفت كذلك – دفع مقابل الحصول على 882 براءة اختراع قدمتها شركة البرمجيات، نوفيل، في عملية بيع شهيرة أخرى نهاية العام الماضي.
بطبيعة الحال، مثل تلك المقارنات المباشرة ذات قيمة محدودة. ويعتمد الكثير على طبيعة ونوعية البراءات المعنية. لكن في حروب الملكية الفكرية، فإن للأرقام فقط أهمية كذلك. ولتسليم أية براءة في المحكمة، يجب أن يقدم المدعى عليهم دليلاً "واضحاً ومقنعاً" على أنها غير سارية المفعول. وفي مواجهة مثل هذا الاختبار القاسي، يفضل كثيرون التوصل إلى تسوية.
بالنسبة إلى جوجل كان الخطر واضحاً في العدد المتنامي من شركات صناعة أجهزة أندرويد الذي اصطف ليدفع أتاوات إلى ميكروسوفت التي تدعي أن البرمجية تتعدى على براءاتها. وفي أعقاب صفقة مع إتش تي سي في العام الماضي، باعت ميكروسوفت تراخيص إلى أربعة آخرين خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
أما بالنسبة إلى ميكروسوفت، فمن شأن ذلك أن يصبح خطاً جديداً مهماً للعمل. ووفقاً لسيتي جروب، فإنها تحصل على خمسة دولارات من إتش تي سي مقابل كل جهاز يدوي، وكانت تطلب من الآخرين قرابة 12.50 دولار. وسيتم شحن نحو 180 مليون جهاز أندرويد هذا العام، يرتفع العدد إلى 430 مليون جهاز عام 2015، وفقاً لآي دي سي – وسوف تدرج جميع هذه الأموال في المجمل النهائي للأرباح والخسائر.
هناك ميزة ثانية: من شأن فرض ضريبة ملكية فكرية على النظام البيئي لأندرويد أن يحسن المركز التنافسي لبرمجية هاتف ويندوز المنافس الخاص بميكروسوفت. أما أبل التي تقدم الدعاوى الخاصة بها ضد شركة صناعة أجهزة أندرويد، فإنها تصطف للغوص ثانية في الحوض ذاته.
على الأرجح يبدو كل هذا عادلاً على نحو كافٍ. فرغم كل شيء، تم تأسيس نظام براءات الاختراع لمنع الربح المجاني من الأفكار اللامعة للآخرين، لكن نقاط الضعف في النظام تجعله ناضجاً لإساءة الاستخدام.
بصفتها مدعى عليها في قضية براءة الاختراع الخاصة بها التي تم تسليط الأضواء عليها بقوة، حاولت ميكروسوفت ذاتها حديثاً إقناع المحكمة العليا الأمريكية بأن الاختبار "الواضح والمقنع" لتسليم البراءات كان صعباً للغاية. وفي الشهر الماضي تم رفض هذه الحجة.
بناءً عليه، أين ينتهي دفاع الشركة المبرر عن حقوقها في الملكية الفكرية وأين يبدأ الاستغلال غير المدعوم؟ وفي أعقاب مزاد نورتل، هل يمكن الآن استخدام براءات الاختراع لجعل ميدان التنافس في حوسبة الهواتف الجوالة، أسخن سوق جديدة في التكنولوجيا، يميل إلى جهة ما؟
هنا تظهر وزارة العدل في الصورة. وأعطى المنظمون تصريحاً بعدم وجود احتكار مقدم إلى المزايدين في مزاد نورتل، بمن فيهم اتحاد روكستار. لكن كان ذلك قبل أيام من بدء المزاد فعلياً – وكان ذلك بعد خمس جولات فقط من العروض التي وحدت فيها روكستار وأبِّل قواهما، ووضعت المنافسين الرئيسيين لجوجل في مواجهته.
مما لا شك فيه أن تلك النتيجة تغير الديناميكية التنافسية وتفرض مزيدا من التدقيق من جانب وزارة العدل – وهو شيء يجري حالياً، وفقاً لأحد المطلعين على القضية. تصرف المنظمون في السابق في ظل وضع مثل هذا. وفي قضية نوفل، تدخلت وزارة العدل لمنع ميكروسوفت من أن تمتلك مباشرة أية براءات معروضة للبيع. كما تم منع إي إم سي من الحصول على براءات ذات علاقة بمجال حساس تحديداً من التكنولوجيا.
من الصعب القول ما إذا كان الإجراء مبرراً كذلك في هذه المرة، بالنظر إلى السرية التي سيشكّل شركاء روكستار بواسطتها محفظة نورتل. لكن مثلما حذر المعهد الأمريكي لمكافحة الاحتكار، مخاطر التصادم عالية للغاية.
بالنسبة إلى جوجل هذه المسألة تصبح ملحة للغاية. ولديها الكثير من السيولة ولا يوجد لديها نقص في الذكاء وقوة العقل: عليها أن تبتكر طريقة لجعل الميدان لمصلحتها دون أن تضطر إلى الاعتماد على واشنطن لمساعدتها.

الأكثر قراءة