Author

الصحافة الاقتصادية.. الدور والمسؤولية إزاء مشاريع مجلس التعاون!

|
لا أحد ينكر أن هناك دوراً مهما كان يجب أن تلعبه الصحافة الاقتصادية الخليجية إزاء مشاريع مجلس التعاون الخليجي، ولكن للأسف لم يكن هناك وجود ملموس للصحافة الاقتصادية إزاء مشاريع مجلس التعاون التي أصيبت معظمها بالإخفاق! وفي هذا الصدد يجب أن نشير إلى أن الهدف الرئيس من إنشاء مجلس التعاون ــــ كما نص على ذلك النظام الأساسي للمجلس وكما نصت على ذلك الاتفاقية الاقتصادية ـــــ هو تحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي بين الدول الخليجية الست المؤسسة للمجلس. ولا شك أن مسؤولية الإعلام بصورة عامة ومسؤولية الصحافة الاقتصادية بصورة خاصة مسؤولية عظيمة إزاء مشروع اقتصادي وسياسي ضخم يستهدف في نهايته الوصول إلى صيغة كونفدرالية خليجية تظل تحت ظلها نحو أربعين مليون مواطن خليجي يأملون من المجلس أن يحقق لهم أكبر الآمال. من الإنجازات التي يمكن أن نذكرها لمجلس التعاون صدور قرار اعتماد تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية التي كانت تستهدف تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الخليج الست، أو لنقل تحقيق الاندماج الاقتصادي الكامل بين هذه الدول. ولكن رغم مرور نحو 30 عاماً على صدور قرار الموافقة على تنفيذ الاتفاقية إلاّ أننا على الأرض لم نر أي أثر للاتفاقية، بل حتى الآن تختلف دول المجلس على مشروع الرسوم الجمركية، كما تختلف على مشروع الوحدة النقدية وعملتها الخليجية الموحدة، وها هي الإمارات وعمان تعلنان اعتراضهما على مشروع الوحدة النقدية الخليجية، بل أكثر من ذلك فإن البحرين وعمان وقعتا اتفاقية تجارية تفضيلية مع الولايات المتحدة تتعارض تماماً مع الاتفاقية الاقتصادية لدول مجلس التعاون. إذن المشاريع الاقتصادية الكبرى المطروحة فوق طاولة دول مجلس التعاون ما زالت محل خلاف، وخلاف يعرقل التكامل الاقتصادي الخليجي بأكمله. لذلك نستطيع القول إن الصحافة الاقتصادية الخليجية لم تلعب للأسف دوراً إيجابياً لإنجاح ملفات التكامل الاقتصادي المطروحة في أروقة المجلس منذ أكثر من 30 عاماً، وهذا يؤكد ما يقال بأن الصحافيين الاقتصاديين في دول مجلس التعاون الخليجي مقيدون أو ليس لديهم إمكانات النقد الموضوعي لمثل هذه المشاريع، ولذلك اكتفوا للأسف بأخذ الأمور من قاصرها والاعتماد على نشر التقارير التي تصلهم جاهزة من دهاليز إدارة العلاقات العامة في الأمانة العامة لمجلس التعاون دون إضافة رأي موضوعي للمشاريع. إن أكبر وأهم مشروع مطروح أمام مجلس التعاون الخليجي هو مشروع التكامل الاقتصادي وقيام سوق خليجية مشتركة، ولكن نظراً لأن كفاءة الصحافة الاقتصادية الخليجية متواضعة فإن هذا المشروع ما زال يراوح مكانه، ونؤكد هنا ما سبق أن قلناه بأن الصحافة الاقتصادية الخليجية لم تلعب دوراً إيجابياً إزاء دفع المشاريع الاقتصادية نحو النجاح والتنفيذ، بل أميل إلى القول بأن الصحافة الاقتصادية الخليجية شريكة في فشل مشاريع مجلس التعاون لأنها لم تمارس دورها بل تنازلت عن واجباتها وظلت تتفرج على مشهد سقوط المشاريع الخليجية الاقتصادية المهمة. إن الصحافة الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي عليها مسؤولية الرقابة والتقويم والإحساس، ولذلك إذا ظلت تجرى وراء مانشتات المديح التي تقدمها سكرتاريات المجلس، فإنها سوف تضل وتضلل، ولكن ما يجب أن تعرفه الصحافة الخليجية هو أن المواطن الخليجي لم يعد جاهلاً يسهل تضليله، بل أصبح المواطن الخليجي يجاهر بعدم وصول مشاريع مجلس التعاون إلى الشارع الخليجي وإن مشاريع مجلس التعاون ما زالت ــــ بعد مرور أكثر من 30 عاماً ــــ تتلكأ في روتينيات المجلس بعيدة عن حراك المجتمع المتلهف إلى مشاريع تطول حياته اليومية. نعم إن مجلس التعاون الخليجي مازال يركض في المربع الأول رغم مرور أكثر من 30 عاماً على إنشائه وما زالت مشاريعه معطلة في هذا المربع، وما يحدث في اجتماعات المجلس هو سلسلة من الاجتماعات التي ما زالت تبحث عن أفعال ومكتسبات يستفيد منها المواطن الخليجي في كل مكان من دول الخليج. وما يُحسب لدول الخليج هو تحقيقها مجموعة من المشاريع الناجحة على الصعيد الرياضي، ولكن المشاريع الرياضية بدأت في عام 1970 بدورة الخليج لكرة القدم قبل أن يتأسس مجلس التعاون الخليجي بـ 11 عاماً. وهنا نغتنمها فرصة ونشيد بدور الصحافة الرياضية التي أسهمت بدور رائد وفعال في إنجاح سلسلة من المشاريع الخليجية الرياضية التي لم تكن لترى النور لولا طروحات الصحافة الرياضية الخليجية. إذن لماذا لم تتعامل الصحافة الاقتصادية في دول مجلس التعاون بكفاءة مع المشاريع الاقتصادية الكبرى شأنها شأن الصحافة الرياضية، أو دعونا نقول لماذا لم تتعامل الصحافة الاقتصادية في دول الخليج بكفاءة وشفافية مع مشاريعها الاقتصادية الكبرى، لماذا رمت نفسها في أحضان بيانات جاهزة تصدرها مكاتب العلاقات العامة في أمانة المجلس. إن ما نقرأه في الصحافة الاقتصادية الخليجية هو مجموعة البيانات الشكلية التي تتحدث عن النتائج المبهرة التي حققتها الاجتماعات البروتوكولية التي تعقدها الدوائر المختلفة والتي لا تعنى شيئاً بالنسبة للشارع الخليجي والمواطن الخليجي، فالمواطن الخليجي يريد أن يحس بأن قرارات المجلس تدق أبواب بيته وأبواب شركته وتجوب أنحاء مختلفة من مصنعه ومؤسسته. إننا نتمنى من الصحافة الاقتصادية في دول مجلس التعاون أن تكون حصيفة أمام أجندة المجلس الاقتصادية والسياسية، وأن ترتفع إلى مستوى المسؤولية وتطالب المجلس بتحقيق نجاحات على الأرض ورفض الاجتماعات البيروقراطية التي ضيّعت علينا 30 عاماً من الجهد الجهيد الذي لا طائل من ورائه إلاّ مجرد الدخول في الاجتماعات والخروج من الاجتماعات. إن المواطن الخليجي الذي ظل ينتظر 30 عاماً ليجني فوائد قيام المجلس لم يعد يستطيع أن ينتظر سنوات أخرى كي يجني ثماراً لم تعد تلوح بوضوح. ولا يغرب عن بال الجميع أن دول الخليج تتهددها في هذه الأيام مخاطر كثيرة، وأن دور الاقتصاد مهم جداً في حماية مكتسبات الدول الخليجية الست، وأن المواطن الخليجي يريد من صحافته الاقتصادية أن تكون لسان حاله في المطالبة بأدوار إيجابية تخرج المشاريع الاقتصادية الخليجية من الأدراج إلى ساحات العمل الخليجي المشترك.
إنشرها