Author

أول مؤتمر للغذاء الحلال .. المفاهيم الشرعية والعوائد الاقتصادية

|
لأن المملكة قبلة المسلمين في العالم أجمع، فهي أيضا مصدر الاطمئنان إلى نقاء الشريعة من الحرام وشبهاته، ليس في العبادات والمعاملات فحسب، وإنما كذلك فيما يستهلكه الناس من غذاء، ظل على مدى سنوات محل جدل في مدى حلاله وبعده من الحرام. ولأن نحو 1.8 مليار إنسان في العالم يعيشون بالغذاء الحلال الذي بلغت مبيعاته في الوقت الراهن قرابة 2.5 تريليون ريال، فقد وجهت القيادة السعودية بتنظيم المؤتمر العالمي الأول للرقابة على الغذاء الحلال في العام المقبل، وذلك خلال الفترة من 20 إلى 23 ربيع الأول. إن المؤتمر يهدف في الأساس إلى التعريف بالمفهوم الشرعي للأغذية الحلال ومنافعها من منظور علمي والجوانب الاقتصادية لتجارة الأغذية، حسب توضيح رئيس هيئة الغذاء والدواء الدكتور محمد الكنهل، إضافة إلى التعرف على التقنيات العلمية الحديثة في العالم، المتعلقة بطرق التحليل للكشف عن بقايا أو ملوثات من المواد المحرمة في الأغذية التي تحمل شعار "حلال"، وقد دعت الهيئة لهذه المهمة 15 عالماً وباحثاً في الطب والغذاء والبيطرة لتسليط الضوء على الضوابط الحالية للرفع بمستواها لوضع آليات واضحة لتطبيقها والتحقق منها وسهولة تنفيذها. سيجمع المؤتمر تحت قبته علماء الشريعة وعلماء الأغذية، وستشارك فيه دول إسلامية إلى جانب بعض الدول الأجنبية التي تهتم بالغذاء من جانب اقتصادي، باعتبار أن 30 في المائة من تجارة الغذاء في العالم تهتم بالحلال، ولهذا فإن المؤتمر يسعى إلى صياغة بروتوكول ونظام موحد للغذاء الحلال بين الدول الإسلامية والدول المنتجة غير الإسلامية، خصوصاً أن مفهوم الغذاء الحلال يتعدى طريقة الذبح وعدم الاتفاق عليها سواء الذبح أو المطرقة أو الصعق الكهربائي، إلى إضافة المواد الغذائية التي قد تحتوي على مواد محرمة من حيوانات ميتة في السلسلة الغذائية أو كحول أو دهون خنزير. إن حجم ما يرد للمملكة من إرساليات الغذاء حالياً يبلغ 800 ألف إرسالية سنوياً تستقبلها ستة مختبرات للكشف، وهذا مؤشر على أن جهداً كبيراً يبذل من قبل هيئة الغذاء والدواء في سبيل تكوين بيئة استهلاك صحي وحلال، ولا شك أن مؤتمرا كهذا سيشكل، ليس للمملكة فحسب، إطارا علمياً للدراسة والبحث ووضع الاستراتيجيات وآليات التنفيذ لجعل غذاء العالم الإسلامي مصوناً بالشريعة والصحة معاً، بل ولسيادة هذا النهج السوي في كرامة الغذاء وكرامة التعامل معه، كما أن المؤتمر الذي يحسب كمبادرة نوعية لهيئة الغذاء والدواء السعودية، سوف يؤسس لصناعة غذاء حلال، يضع لها الضوابط التي يتفق عليها شرعياً بين دول العالم الإسلامي من ناحية ويطلب إلى الدول غير الإسلامية مراعاتها في تجارة الغذاء وفق ما تسفر عنه توصيات المؤتمر وما يصدر عنه أيضا من توجيهات وتنظيمات يحتكم إليها فلا يضار فيها مستهلك أو منتج.
إنشرها