Author

عشوائية سوق العقار السعودي...هل من سبيل؟

|
إلى متى وسوقنا العقاري يعيش هذه الحالة من الفوضى والعشوائية في كل ما يتعلق بأسس صناعة وتجارة القطاع العقاري السعودي من بيع وتسويق وتطوير واستثمار؟ إلى متى وسوقنا العقاري مكبل بالروتين البيروقراطي القاتل للتطوير والاستثمار العقاري؟ إلى متى والسوق العقاري السعودي يفتقر إلى مناخ تنظيمي فعال وبيئة استثمارية جاذبة؟ فالمتتبع للشأن العقاري يدرك أن الاقتصاد السعودي يعيش فورة عقارية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العقار السعودي، لدرجة أنه لا تكاد تخلو جريدة من جرائدنا المحلية إلا وكان لهذا الموضوع (سوق العقار السعودي) نصيب الأسد من تقارير، ومقالات، ولقاءات مع مستثمرين ومطورين وكتاب ومختصين بالشأن العقاري. كيف لا! والقطاع العقاري السعودي يعد ركيزة أساسية في دفع وتطوير عجلة التنمية الاقتصادية الوطنية، ويعد المحرك الأساسي (بعد قطاع النفط) للنهوض بالقطاعات الاقتصادية الأخرى. ووفقاً لآخر الإحصاءات، يسهم القطاع العقاري بنحو (55 مليار ريال) في الناتج المحلي الإجمالي، أي بنسبة 9.5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي في الاقتصاد السعودي، ويستوعب أكثر من (1.2 مليون عامل) من إجمالي عدد العمالة الوافدة في جميع القطاعات الاقتصادية المحلية. كذلك تشير المؤشرات الإحصائية إلى أن إجمالي حجم الاستثمارات الجديدة في سوق العقار السعودي وفق آخر إحصائيات تقديرية سيتجاوز (484 مليار ريال) خلال الأعوام الثمانية القادمة، وأن شركات التطوير العقاري الخاصة والعامة في حاجة إلى بناء ما لا يقل عن (2.6 مليون) وحدة سكنية خلال المرحلة القادمة لتلبية الطلب المتزايد على المسكن في السوق السعودي على المديين القصير والمتوسط. هذه الطفرة التي يمر بها السوق العقاري يقابلها، ومع الأسف الشديد، سوق عقاري فوضوي وغير منظم مليء بالضبابية والغموض في ظل المتاهة المرجعية القانونية والتشريعية التي يعيشها سوقنا العقاري. فوجود هذا الكم من المكاتب والمؤسسات العقارية (الوهمية وغير المرخصة في أغلب الأحيان) وشركات التطوير العقاري والمساهمات العقارية (المتعثرة والتي يغلب على العديد منها الطابع غير الرسمي)، إضافة إلى تداخل وتعدد السلطات الحكومية وشبه الحكومية المعنية بتنظيم القطاع العقاري، قد أنجبت لنا سوقاً عقارية مبعثرة عشوائية وغير منظمة تفتقر إلى عنصر الاتزان والتنظيم القانوني والتشريعي. في ظل هذه المتاهة القانونية والتنظيم العشوائي لسوق العقار، سيكون من الصعب جداً تطبيق حزمة القرارات الحكومية التي صدرت أخيراً في الشأن العقاري السعودي في وقتنا الحاضر. ما ينبغي التأكيد عليه هنا، أنه من الصعوبة بمكان إيجاد سوق عقارية منظمة وبيئة استثمارية واعدة لتجارة العقار في السوق السعودي على المديين المتوسط والبعيد، ما لم يكن هناك إدارة أو هيئة عليا يندرج تحت مظلتها كل الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالقطاع العقاري، فتوحيد مرجعية القطاع العقاري عبر إيجاد هيئة عليا للعقار تعمل على استحداث وتحديث الأنظمة والتشريعات الخاصة بتجارة العقار بما يتماشى مع التطورات الاقتصادية المحلية والدولية خصوصاً في ظل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية (وما يواكبها من تحرير للقطاعات الاقتصادية المحلية) من جهة، ومتابعة ومراقبة تنفيذ الأنظمة والقوانين العقارية والمشاريع العقارية (بجميع أنواعها الحكومية والخاصة). من جهة أخرى، سيعمل على خلق سوق عقارية منظمة ذات منهجية قانونية وتشريعية واضحة تهدف إلى توطين وتنظيم صناعة العقار السعودي على المدى القصير، وتحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية في السوق العقارية على المدى البعيد. إن ما تقوم به اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية من دراسات ومبادرات حول كيفية إنشاء هيئة عليا للعقار قابلة للتطبيق في ظل الظروف (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية) التي تحيط بالقطاع العقاري السعودي تعد بمثابة اللبنة الأولى نحو التصحيح لسوق عقارية سيطرت عليها العشوائية والضبابية والغموض في التنظيم والتشريع العقاري، والتي بدورها حرمت الكثير من المواطنين من القدرة على تملك مسكن مناسب وبسعر مناسب من جهة، وهجرت الكثير من رؤوس الأموال العقارية السعودية (للمستثمر المحلي والأجنبي) من جهة أخرى. ما ينبغي على اللجنة الوطنية العقارية هو أن تلعب الدور المحوري والأساسي بأخذ هذه المبادرة "إنشاء هيئة عليا للعقار" محمل الجد وسرعة الإنجاز والتنفيذ والانتهاء منها وما يتعلق بها من اشتراطات تنظيمية قانونية وتشريعية في أقصر وقت ممكن، عوضاً أن يقتصر دورها على إسناد أو تكليف "مكتب استشاري!" للقيام بهذه المهمة ومن ثم رفعها لمجلس الشورى لإبداء الرأي والمشورة حولها.
إنشرها