Author

المدارس الأهلية.. ماذا أبقيتم من الاستغلال؟!

|
أولت المملكة اهتماماً كبيراً بالتعليم في خططها التنموية، خصوصا في هذا العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الحافل بالمنجزات التنموية الضخمة والإصلاح الشامل، التي حظي التعليم فيها بالنصيب الأوفر في ميزانياتها السنوية، حيث إن التعليم الأهلي يعد رافداً أساسياً للتعليم العام في المملكة، ويحظى بدوره بدعم الدولة المادي واللوجستي، وتشجيعها للنهوض بالتعليم جنبا إلى جنب مع التعليم الحكومي لتحقيق الأهداف السامية المنشودة، وما تتمتع به المدارس الأهلية من دعم ومميزات ما هو إلا دليل واضح على الاهتمام بهذا القطاع من جانب الدولة، الأمر الذي يفسر لنا ندرة وجود من يفشل في هذا النوع من الاستثمار أو يخرج منه خاسرا من جانب المستثمرين..! لن أتحدث هنا عن مخرجات التعليم في المدارس الأهلية، ولا عن مستوى وكفاءة المدارس والمدرسين، ولا عن نسبة السعودة فيها ولا عن نواحي السلامة الغائبة في معظمها، ولا عن الاعتبارات الخاصة التي تحظى بها، ولا عن طرق تحصيل الرسوم المتأخرة التي تتفنن المدارس في طرق إبلاغها والسبل التي تلجأ لها المدارس في الضغط على أولياء الأمور فيها من حجز تسليم النتائج الفصلية والتشهير بالطلاب المتأخرين عن السداد في شاشات وضعت في فناء بعض المدارس ورسائل الجوال وغيرها من الطرق، ولكن عن الرسوم الدراسية، التي أصبح تسلم نتائج أبنائنا الدراسية مع نهاية كل عام دراسي يشكل لنا هاجسا وبعبعا إن صح التعبير.. ليس خوفا من النتيجة بالطبع، ولكن من المظاريف المغلقة والمرفقة مع تلك الشهادات.. تلك المظاريف التي وجدت المدارس فيها أفضل طريقة للإبلاغ عن الزيادة وتلافيا للاعتذار بعدم وصولها, آخذة على عاتقها تعكير جو الفرحة على الآباء قبل الأبناء..! خلال الأسبوع الماضي تسلم أبناؤنا في المراحل الأولى شهاداتهم والفرحة تعلو محياهم بانتظار ما سوف تسفر عنه نتائجهم من هدايا، وما إن تسلمناها حتى وجدنا أن تلك المظاريف أصبحت إشعارا ملصقا في ظهر الشهادات بالزيادة للعام القادم، ولم تعد مظاريف، ولكن الزيادات جاءت بنسب جديدة وصلت إلى أكثر من 20 % خلال سنة واحدة على كل طالب لجميع المراحل الدراسية دون استثناء حتى رسوم النقل والتسجيل أصابتها عدوى الزيادة، وما يدعو للغرابة والعجب أن سبب تلك الزيادات نفسه لم يتغير عن السنوات الماضية وهو الحاجة للتحديث والتطوير ومواكبة التغييرات، لا أدري عن أي تحديث أو تطوير يتحدث هؤلاء إذا علمنا أن تلك المدارس كانت تمضي أكثر من نصف الفصل دون مدرسين في بعض المواد، وأنها ما زالت تستخدم الطباشير.. ناهيك عن الأعطال المتواصلة. فواقع تلك المدارس يشير إلى عدم الحاجة إلى تلك المظاريف إذ إن الزيادات كانت دورية وبنسب تتفاوت من 10% إلى 20% سنويا.. وإن نسبة الزيادة في الرسوم الدراسية في بعض المدارس خلال خمس السنوات الماضية تجاوزت 50% وصولا إلى 70 % في بعضها، وبلا شك الأمر الذي يؤكد أن المدارس الأهلية لا تخضع لضوابط ولا رقابة، وأن الزيادة في الرسوم حق مشروع لتلك المدارس كيفما تشاء علما أن الدولة– رعاها الله- تدعم المدارس الأهلية بداية بقروض التأسيس وصولا إلى الطلبة. وكأي نشاط تجاري يتجاوز حجم الاستثمارات فيه عشرة مليارات ريال سنويا يتطلب وجود لوائح تنظيمية مفصله تفصيلا دقيقا وتصنيفا للمدارس وإلى وجود جهات مراقبة لها تنظيميا وحسابيا، افترضت مسبقا وجود تلك اللوائح، إلا أنني وعند البحث في لوائح تنظيم المدارس الأهلية لم أجد ما يشير بوضوح إلى تلك الجوانب، ولا إلى آلية تحديد وزيادة الرسوم الدراسية عدا فترة ثلاثة الأشهر قبل بداية السنة الدراسية المحددة للإشعار بالزيادة. وبالنظر إلى أن هذا التوجه يعد مخالفة صريحة للتوجيه السامي الكريم ضمن القرارات الصادرة أخيرا وعدم استشعار للمسؤولية، فإن إقدام تلك المدارس على ممارسة هذا التوجه، سوف يشكل عبئا جديدا غير مخطط له على التعليم العام مع تزايد أعداد الطلاب المنسحبين من التعليم الأهلي مع بداية كل عام دراسي إذا علمنا أن نسبة المدارس الأهلية في مدينة الرياض تحديدا تصل 15% بالنسبة للمدارس الحكومية، إضافة إلى ما يشكله من أعباء مادية إضافية على الأسر يتجاهل استشعارها عمدا من المستثمرين في هذا المجال. فلماذا لا يكون هنالك تصنيف للمدارس؟ ولماذا لا يوجد ضوابط ومعايير لها، من حيث الرسوم والتجهيزات والكوادر للرقي بمستوى التعليم ومخرجاته؟ ختاما.. لست أول من طرح هذا الموضوع ولن أكون الأخير، ولكن الوضع أصبح لا يطاق ومصدر قلق وأجزم بأن زمن الاعتبارات الخاصة قد ولى بتولي سمو وزير التربية والتعليم هذه الوزارة، وأن هذا الوضع برمته لا يخفى على سموه، وسوف يكون له وقفه جادة في هذا الشأن، وإعادة هيكلته وتنظيمه وتصنيفه.
إنشرها