Author

الانتصار للطبقة الوسطى

|
خادم الحرمين الشريفين أصدر أمس، أمرا بتنفيذ الخطة التفصيلية المتضمنة حلولا قصيرة وبعيدة المدى لمعالجة تزايد أعداد خريجي الجامعات المعدين للتدريس وحاملي الدبلومات الصحية بعد الثانوية العامة، وكذلك القرارات المفصلية الأخرى للتعليم وعمل المرأة، كل هذه تؤكد مرة أخرى أن الدولة لن تترك أبناءها يواجهون مصيرهم وحدهم .. بالذات طلاب المعاهد الصحية، بعد أن اتضح أنهم ضحية لسوء تدبير القطاعين العام والخاص، فهؤلاء وضعهم ملح وصعب وتم تأهيلهم لقطاع حيوي يعاني شح الموارد البشرية. الخطة التفصيلية التي أمر الملك عبد الله باعتمادها جاءت بخريطة طريق وطنية كبرى لن تؤدي إلى حلول للبطالة فقط، بل تضع سياسات وطنية فعالة لاستثمار الموارد البشرية ورفع مساهمتها الإنتاجية وتوسيع قاعدة (توزيع الثروة) الوطنية بطريقة مستدامة تستجيب لاحتياجات شريحة واسعة وتكرس لاستقرار الطبقة الوسطى. لقد تضمنت الخطة التفصيلية إعادة ترتيب بيئة العمل للسعوديين، بالذات في القطاع الخاص، حيث نصت على ضرورة وضع حد أدنى للأجور، وخفض الدوام إلى خمسة أيام في الأسبوع، على أن يبقى العمل ثماني ساعات يوميا، مع رفع تكلفة العمالة لدى القطاع الخاص عبر زيادة الرسوم على الرخص للعمل وإحالة هذه الرسوم إلى صندوق الموارد البشرية، ودعم ذلك بتفعيل عمل لجان السعودة في إمارات المناطق لتطبيق قرارات السعودة في القطاع الخاص. قطاع التعليم حظي بحصة رئيسة جديدة من دعم الدولة، فالمدارس الأهلية سوف ترفع رواتب العاملين فيها إلى 5600 ريال وسوف يتحمل صندوق الموارد البشرية نصف الرواتب، وهذا أكبر دعم للتعليم الأهلي، مما يوسع قاعدة استيعابه للمعلمين والمعلمات، والمستهدف من الوظائف في هذا البرنامج ما يقارب 40 ألف وظيفة. أما المرأة فقد حصلت على نصيب الأسد من الأمر الملكي، فقد تضمنت الخطة وضع نظام يسمح بتعيين معلمتين على وظيفة واحدة ودراسة مقترح شراء المدد التقاعدية لمن أمضين 26 سنة وتتحمل الدولة دفع حقوقهن التقاعدية للمؤسسة العامة للتقاعد، كذلك نص الأمر على ضرورة الإسراع بإنشاء إدارات نسوية لدى الأجهزة الحكومية التي لم تنشئ مثل هذه الإدارات، وهذا سوف يوفر مئات الوظائف بدون شك. كذلك تضمنت الخطة ضرورة تفعيل قرارات السعودة للنساء في مجالات مثل التشغيل والصيانة وهذا قطاع حيوي يكبر الآن، فهناك المدن الجامعية لجامعة الأميرة نورة وجامعة الملك سعود وجامعة الإمام، وغيرها .. كل هذه تحتاج إلى آلاف الوظائف في التشغيل والصيانة. وأيضا جاء في الخطة البدء خلال ستة أشهر باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قصر العمل في محال بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية .. وهذا إجراء رغم أهميته ومناداة المجتمع به منذ سنوات إلا أنه مع الأسف تعثر ثم تعثر، والآن الأمر الملكي يضع المصلحة العليا هي الأساس للبدء في تنفيذ هذا القرار. أيضا جاء في الخطة البدء في تهيئة أراض صناعية لإقامة المشروعات الصناعية الموجهة لعمل النساء .. وهناك العديد من الصناعات الدقيقة التي يمكن أن تقوم وتكون نسائية تماما، ولدينا تجارب ناجحة في صناعة الذهب والمجوهرات. كذلك نصت الخطة على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأنيث وسعودة وظائف مصانع الأدوية العاملة في المملكة. الأمر الملكي جاء بخريطة طريق كبرى لمستقبل مجتمعنا وفيها إرادة سياسية واضحة تستهدف فتح مجالات العمل والأمل في المستقبل للشباب السعودي، وهي قرارات مفصلية إذا تحقق نصفها فسوف نجني الكثير، وأما إذا تحققت جميعا فإنها ستحدث نقلة مهمة لمجتمعنا لأنها تستهدف التنمية الإنسانية المستدامة. وبما أننا إزاء مشروع وطني كبير يتطلب المتابعة والتنسيق وحل المشكلات الإدارية بين الأجهزة الحكومية .. لذا نكرر الإشارة هنا لما يطالب به كثيرون، وهو ضرورة عودة (مجلس القوى العاملة) ليقوم بالمهام الوطنية السيادية لإنجاح هذا المشروع الذي يستهدف استقرار مجتمعنا وتكريس وحدته .. وخادم الحرمين عكس روحه القيادية وتصميمه في مثل هذه القرارات. إنه يضع مصالح شعبه هي الأعلى .. ألم يقل لشعبه: (أنا خادمكم وأقل من خادم)، هل تستجيب الإدارات الحكومية ومعها نحن جميعا لهذه الروح النبيلة؟!
إنشرها