العالم

نصر الله .. وكيل دمشق وطهران في المنطقة يحاول التملق إلى سورية ويتناسى إسرائيل

نصر الله .. وكيل دمشق وطهران في المنطقة يحاول التملق إلى سورية ويتناسى إسرائيل

بعد صمت طويل خرج حسن نصر الله ليتحدث في الموضوع السوري؛ وليؤكد دعمه لنظام الرئيس بشار الأسد؛ لأن سورية داعمة للمقاومة والمقاومة تدعم سورية، لكن نصر الله لم يوجه تهديدا أو يتوعد إسرائيل هذه المرة، وكعادته دائما باعتباره وكيلا لدمشق وطهران في المنطقة، فنصر الله يدرك أن انهيار السلطة في دمشق يعني تراجعا كبيرا لحزب الله وللدور الإيراني في المنطقة؛ ولهذا فقد وجّه أسلحة المقاومة من جنوب لبنان لتكون مشاركا في جريمة القمع والذبح للمجتمع السوري، متناسيا ومتغافلا أن الحرية لا تتجزأ، سواء كانت في مقاومة الأعداء لتحرير الأرض، أو لتحرير الإنسان من سلطة القمع والتعذيب والاعتقال. عندما أخرج اللبنانيون القوات السورية من لبنان في 2005، كان الجميع في لبنان يتحدثون عن الحرية، غير أن بعضهم والعارف ببواطن الأمور يؤكد أن لسورية في لبنان قوة تعمل على تحقيق أهدافها، فإن خرج الجيش فإن جيشا آخر موجود؛ ولهذا ومنذ عام 2005 ولبنان واقع تحت الوصاية السورية غير المباشرة، فميشيل عون وحسن نصر الله وبعض القوى اللبنانية لا تخرج عن سياسة دمشق وأن عارضتها أيضا، حتى مؤتمر الدوحة للمصالحة اللبنانية لم يتم لولا أنه كان تمهيدا لإخراج الأسد من رقبة الاتهامات الدولية له بمقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، والاتهامات التي طالت حزب الله في هذا الموضوع، فحزب الله وضع جل إمكاناته لخدمة سورية لا بل كان معطلا لاستقرار لبنان منذ مغامرته وحربه الأخيرة مع إسرائيل 2006 التي كلفت لبنان الكثير منذ بدء الاحتجاجات في سورية ومنذ أن أكدت الولايات المتحدة على لسان الرئيس لشؤون الأمن القومي بأن هناك دعما إيرانيا ودعما من حزب الله لسورية وأن الحرس الثوري وقوات حزب الله تدافع عن النظام السياسي السوري وتبطش بالمواطنين، لم ينطق زعيم المقاومة ولم يستطع أن يوجّه كلمة واحدة لإسرائيل؛ لأنه يعلم ويعمل ليس من أجل تحرير فلسطين وإنما يدافع عن أنظمة طائفية مرتبطة بطهران بعلاقات استراتيجية كارتباطاته هو بولاية الفقيه، واليوم يخرج نصر الله ليذكّر اللبنانيين بمحاسن سورية، سورية التي حكمت لبنان وضبطت أنفاسه، مؤكدا أن ما أنجزته سورية للبنان كان تاريخيا ومصيريا على المستوى الوطني، ومشيرا إلى موقف سورية من إسرائيل ومن القضية الفلسطينية وصمود سورية، على الرغم من كل الضغوط بعد انطلاق عملية السلام، في وقت تبعث دمشق برسائل لتل أبيب تؤكد رغبتها في السلام وتؤكد لها أن استقرار سورية مهم لإسرائيل. ويرى نصر الله أن سورية دعمت القضية الفلسطينية ووقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني وأنها رفضت مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أسقطته المقاومة في لبنان من بوابته الشرقية والآن تعود الولايات المتحدة وإسرائيل لكي تدخله من بوابات أخرى، مؤكدا أن سورية بلد ممانع ومقاوم شعبا وجيشا ونظاماً، غير أن نصر الله والذي يحاول حرف الأنظار وجعلها مصوبة ناحية الولايات المتحدة وإسرائيل لم ير المشروع الإيراني الفارسي والأحلام الصفوية التي تتمدد في السيطرة على العراق وسورية ولبنان وكيف يعمل هو وحزبه كأداة تدخل وعماله لأجل تحقيق مشاريعها البعيدة، كنا نتمنى أن نجد بعدا عربيا وقوميا في خطابات حسن نصر الله أن يرفض التدخل الإيراني في العراق وفي البحرين واليمن وفي الأمن القومي العربي، أن يدعم المقاومة العراقية؛ لأنه - كما يدعي - داعم للمقاومة والتحرير وضد إسرائيل وأمريكا.. فهل تختلف المقاومة العراقية عن المقاومة اللبنانية، وهل الاختلاف لأن حزب الله جزء من المخطط الاستراتيجي الإيراني، وهل الاختلاف لأن المقاومة في العراق متداخلة سنية وشيعية؟.. ولماذا لم يدعم نصر الله الحقوق القومية لشعبنا العربي في الأحواز، هل لأنهم مستعمرون من ولي نعمته وولاية الفقيه؟ يقول نصر الله: إن موقفنا بالنسبة لما يجري في سورية ينطلق من أننا في لبنان، خاصة في حزب الله نكنّ تقديرا عاليا لسورية وللرئيس حافظ الأسد وللرئيس بشار الأسد وللشعب السوري المقاوم الممانع، الذي تحمّل خلال عقود طويلة تبعات الموقف القومي للقيادة السورية وللجيش السوري الذي قدّم التضحيات في هذا الطريق، وهنا نسأل نصر الله الذي يبيع ويسوق على العالم أخلاقيات المقاومة أن يفهمنا ما الذي يجري في سورية وهل أسلحة المقاومة التي صدئت في سورية يمكن أن تصوب من الناحية الأخلاقية لصدور الشعب السوري المقاومة، وهل المقاومة تعني الإلغاء والتهميش وضرب الأعناق والمقابر الجماعية ودولة السجون والمعتقلات السرية، وتمكين إيران من الدول العربية؟ ويمضي نصر الله كعادته وباللغة الإيرانية نفسها من أن الاحتجاجات في سورية تحديدا هي مصلحة إسرائيلية أمريكية هدفها إجبار سورية على توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، لكن لم يجب نصر الله عن الاتصالات السرية الإسرائيلية السورية، والاجتماعات المشتركة والرسائل المتبادلة والتفاهمات الكبيرة التي وصلت وفقا لحديث الأسد إلى 98 في المائة.. فأين سورية من المؤامرة الإسرائيلية، وكيف أن تل أبيب ترى في الأسد مصدرا لاستقرارها السياسي وأنها بالضد من التغيير إلا بضمانات وشروط؟.. وماذا عن تصريحات رامي مخلوف، وماذا عن التحرك الشعبي الداخلي المطالب بالحرية والإصلاح؟.. فهل المقاومة لا تؤمن بأن الحرية لا تتجزأ في الداخل والخارج؟! ويبدو أن نصر الله يحاول تجاوز الحقائق، فلا عاقل مثلا يقبل بإهانة المكون الشيعي في لبنان وتهميشه وحجب حقوقه، مثلما يرفض أيضا أن يستبد حزب الله بالسلطة في لبنان وأن يفرض نفسه على الجميع، الا يرى نصر الله أن من حق السوريين أن يعيشوا في بلدهم في نظام ديمقراطي منفتح، ولماذا بدأت القيادات اللبنانية التحذير من التغيير في سورية وان قيام حكم إسلامي في سورية سيكون له نتائج سلبية على المسيحيين في لبنان، بدلا من مضاعفة شعورهم بالاستقلال والكرامة الوطنية، لماذا يعلي حزب الله من شعار المقاومة وينسى عن وعي أن الحرية هي أساس المقاومة وأن الإصلاح الحقيقي بديل عن الفوضى ونقيض للاستبداد، وهل حرية الشعوب واحترام التعدد الديني والإثني في سورية يعني أنه ضد المقاومة، وهل المقاومة تتطلب نظاما بمواصفات خاصة يرضى عنه المرشد الأعلى علي خامئني؟ بالأمس القريب كان يؤكد حسن نصر الله أن المبادرة العربية لا وجود ولا معنى لها، ليعود اليوم مطالبا بسحبها، فسبحان مغير الأحوال كيف يطالب نصر الله بالمبادرة، ولأن الأمر تعلق بسورية وإيران وحزب الله، يدعو نصر الله جامعة الدول العربية بسحب المبادرة، ويدعوها لرفض المفاوضات السلمية والاعتماد على المقاومة، فالمقاومة التي يتحدث عنها نصر الله تلك التي تؤمن حضورا سياسيا وأمنيا لإيران ونصر الله كما المرشد الأعلى في إيران يقع في شر أعماله، فإيران أيدت الثورات والاحتجاجات وقالت إن روح الخميني ويد المهدي تباركها، لكنها عندما حدثت في سورية وفي العراق كان لها موقف مختلف، في العراق أصدرت فتوى وفرمانا لوكيلها في النجف علي السيستاني بضرورة تحريم الاحتجاجات، وكذلك في سورية التي اعتبروا أنها احتجاجات مدعومة من الخارج وليست مطالب شعبية بالحرية والإصلاح السياسي، وهنا نتساءل: كيف يقنعنا نصر الله المؤيد للاحتجاجات على قاعدتي موقف هذا النظام العربي من مسألة الصراع العربي- الإسرائيلي وموقعه ودوره وأين يقع في قضية الأمة المركزية فلسطين والصراع العربي – الإسرائيلي، والثانية هي عدم وجود أي أفق أو أمل بالإصلاح على المستوى الداخلي؟.. ولحسن نصر أن يجيب لماذا لم تفتح سورية أبواب الجولان للمقاومين مثل حزب الله وهل لبنان أرض تختلف عن أرض سورية ولماذا سمح باختراقها بعد أمن دام 40 عاما، وهل البحرين كدولة عربية ودولة خليجية لم تدعم قضية الأمة المركزية، وهل البحرين دولة قمعية ليس فيها إصلاح أو حريات وبرلمان منتخب، أم أن نصر الله يرى الإصلاح ويرى دعم القضية الفلسطينية لا يكون إلا بما يتوافق والأهداف الإيرانية؟! الشعب السوري المقاوم والممانع، حسب نصر الله لم يستشيره أحد ولم يطالب بإغلاق بوابة المقاومة السورية، والشعب السوري المقاوم يرى أن الحرية شرطا أساسيا للتحرر والمقاومة، فالشارع السوري كسر جدار الخوف، والسلطة اكتشفت أنها هشة وضعيفة وأنها مرتبكة ومقيدة، وهذا الارتباك والتقييد قد يؤدي إلى حرب تصفيات في باحة القصر الجمهوري، كما أن المشهد العربي والإقليمي مختلف ناهيك عن المشهد الدولي الذي بدأ يتطور بسرعة عاجلة،ولعل القرارات الأخيرة التي شملت شخصيات مقربة من الرئيس وعادت وشملت الرئيس نفسه،واستعجاله ترحيل زوجته وأطفاله إلى لندن، يؤكد أن ثمة هواجس أمنية داخلية، وتقييما داخليا بأن رحيل الرئيس قد يكون أحد أهم الخيارات القادمة، في وقت تتطور فيه حركة الاحتجاج الداخلي لتصبح حركة شعبية شاملة، أليس هم السوريون الذين وصفهم نصر الله بأنهم شعب المقاومة والممانعة، هل الحرية لا تدخل من ضمن هذا الباب أم أن الحرية وفقا لفلسفة نصر الله لها نتائج واحدة ومحددة؟ اجتماع المعارضة السورية في أنطاكية وتكوينها مجلسا انتقاليا، مؤشر على بدء المعركة الحقيقية في سورية، وسيكون هذا المجلس الغطاء الشرعي للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد والذي أضاع فرصا كثيرة للحوار الوطني، وعليه يأتي عقد السوريين مؤتمرهم البداية في إزالة الشرعية عن حكم الأسد، ضمن خطاب سياسي مدني وواقعي يؤمن بالتغيير الديمقراطي والسلمي، واستيعاب لجميع المكونات السياسية والإثنية والدينية. سورية تعيش حالة انفجار داخلي منذ 40 عاما ولم يستفد الرئيس الأسد من رغبة السوريين وتطلعاتهم في الأمن والاستقرار والحرية على حساب الفوضى، وتطلعاتهم لبناء دولة القانون والمؤسسات بعيدا عن إرهاصات الأمن الناجمة عن انقلاب قاعدة الحكم، وتوريث الجمهورية، وجعلها على نمط الأسر الحاكمة، في ظل الاستقواء الداخلي والتعدي على حقوق المواطنين، كما يفعل رامي مخلوف في سيطرته على الاقتصاد السوري عبر شركة الشام القابضة التي تضمن تحتها ما يقارب 80 شركة كبيرة، فأول الخاسرين من التغيير بالطبع هم أسرة الأسد والمقربون منها وقوى الفساد والخارجون عن القانون وهم القوى التي تمانع الإصلاح وترفضه، وهؤلاء هم قوى الشد العكسي، وسيدفعون النظام السوري ناحية تبني الخيار الأمني بكامل مجالاته، وهذا بالطبع له كلفة عالية كونه يأكل من رصيد الحكم إن كان هناك رصيد، ويعزز ويوسع قاعدة الاحتجاج ويمدها بالطبع بقوة جديدة ومعاكسة، ويسهم في تبلور المواقف الوطني وتطوره، ويشجع على تكامل التحالفات الداخلية والخارجية. أما على المستوى الخارجي فإن أكثر المتضررين هم حزب الله وإيران وحكومة المالكي؛ ولهذا فإن إيران تعمل جهدها لدعم استقرار الأسد لاعتبارات عدة، لعل أهمها أن سقوط السلطة أو إضعافها يعني انتهاء عمود الارتكاز الإيراني في محور علاقات واهتماماتها العربية، وثانيا سيضعف حزب الله بالطبع، ومخاوف إيران أيضا من أن السقوط سيغير المعادلة الجيوبوليتيكية في بعدها الإثني والديني؛ ليعزز من قوة المكون السني في العراق ولبنان، ويدعم نضالات العرب في الأحواز والسنة في بلوشستان للضغط على عصب النظام الإيراني للحصول على حقوقهم المشروعة؛ ما يؤدي إلى عزلة إيران وربما حدوث ثورة داخلية موازية من حيث القوة للثورات العربية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من العالم