Author

الاستراتيجيات والشعارات ليست ترفا إداريا

|
متى يأتي الوقت الذي نمحص فيه أهداف مؤسساتنا وشعاراتها؟ سؤال يجب أن يطرح ويناقش ولا سيما بعد ما ركزت بعض المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على بناء سياسات واستراتيجيات تحتوي على رؤية ورسالة وأهداف وشعارات ومبادئ للعمل وغيرها. وهذا جميل في حد ذاته، ولكن الأجمل أن تفعّل هذه السياسات والاستراتيجيات على أرض الواقع وأن تحقق الأهداف الاستراتيجية لا أن تكون حبرا على ورق كما نلاحظه في حال الكثير من المؤسسات مع الأسف. اختلف التعامل مع هذه السياسات والاستراتيجيات باختلاف المؤسسات، فمنها ما يطبق نسبا عالية من سياساته واستراتيجياته وينفذ خططها التنفيذية بفعالية جيدة، وهذا نتيجة التزام من قبل العاملين فيها ووعي من قبل التنفيذيين بضرورة متابعتها بشكل دوري، ومنها من لا تعدو كون السياسات والاستراتيجيات إلا ترفا إداريا ولوحات ''مزركشة'' تعلق على الحوائط داخل المؤسسة وخلف بطاقات العمل وأمام أبواب المصاعد الكهربائية وغيرها والواقع منها براء! السياسات والاستراتيجيات لم تعمل إلا لتطبق ولم تعمل إلا لتوجيه المؤسسة، فهي خريطة طريق مستقبلها وهي أحد المعايير الرئيسة لقياس أدائها. أما الشعارات فلها أهمية كبيرة في تسويق الأعمال وفي صنع هالة إعلامية حول المؤسسة، ثم تأتي خطورة زيف الشعارات بأنها تعود سلبا على أداء المؤسسة وتعطي معلومة مخادعة عنها، ومن ثم تتأثر مصداقيتها تجاه المستفيدين من خدماتها. ولذلك يكون من الضروري أن تكون المؤسسة قادرة على تنفيذ هذه الاستراتيجيات والشعارات، ولا يخلو الأمر من بعض التحديات لكن لا يجوز أن تضع المؤسسة أهدافا استراتيجية تفوق طاقتها بكثير وأن توعد في شعاراتها بشيء لا تقدر أن تفي به. الوفاء بتحقيق السياسات والاستراتيجيات للمؤسسة وتحقيق مصداقية الشعارات هو مطلب مهم ليس من قبل المسؤولين عن المؤسسة فقط وإنما يعد مطلبا مهما من قبل المجتمع كون المؤسسة عليها الوفاء بمسؤوليتها الاجتماعية. فالمؤسسات الحكومية يأتي هذا المطلب لتحقيق ما يصبو إليه المواطن وإنجاز ما يتطلع إليه قادة هذا البلد المعطاء، وفي المؤسسات غير الحكومية يأتي هذا المطلب لحماية المستهلك من الشعارات البراقة المخادعة ولتحفظ أموال المستثمرين من عبث وتسيب الإدارة. أخيرا عندما تجد مؤسسة تقيّم أداءها تجاه استراتيجياتها وشعاراتها فاعلم أنها على المسار الصحيح وإن انحرفت عن تحقيق أهدافها الاستراتيجية، فهذا سلوك إداري صحيح سينتج في يوم ما ـ بمشيئة الله ـ تحقيق المؤسسة لكامل أهدافها الاستراتيجية، على عكس المؤسسات التي تكتفي ببريق حسن صياغة استراتيجياتها وأهدافها وشعاراتها وهي في حقيقة الأمر لا تعلم موقعها من هذا البريق.
إنشرها