FINANCIAL TIMES

يوجد ما يدعو للتفاؤل رغم الظروف غير المواتية

يوجد ما يدعو للتفاؤل رغم الظروف غير المواتية

منذ الأسبوع الثالث من آذار (مارس) تشهد أسواق الأسهم تحسناً حاداً، على الرغم من وجود عدد من العوامل السلبية. ويتساءل كثير من المشاركين في السوق عن منطقية هذا التعافي. إن الرياح المعاكسة السلبية كثيرة ومتنوعة. وأكثر العوامل السلبية التي يتم الاستشهاد بها تتمثل في ارتفاع سعر النفط الذي يعود جزئيا إلى الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، والضغوط المستمرة التي تتعرض لها أسواق رأس المال في منطقة اليورو، والمخاوف المستمرة من خطر الإشعاعات في اليابان. إضافة إلى ذلك، تواجه الأسواق النهاية المحتملة لسياسة التخفيف الكمي في الولايات المتحدة، واستمرار الخلافات السياسية حول العجز في ميزانية الولايات المتحدة، وخطر حدوث عمليات بيع كبيرة لسندات الخزينة الأمريكية، والمزيد من التشدد النقدي في الصين وغيرها من الاقتصادات الناشئة، والبدء بدورة تشدد في أوروبا، وخطر ارتفاع المؤشرات الرئيسية الأمريكية والأوروبية، ومراجعة أرباح الشركات وتحولها إلى الجانب السالب. (في العادة عندما ترتفع مؤشرات مديري المشتريات وتبدأ عمليات مراجعة الأرباح في الدوران، تشهد الأسواق تصحيحاً بنسبة 5 – 10 في المائة). وتجدر أيضا ملاحظة أن الأدلة المتوافرة تظهر أن المستثمرين زادوا تعرضهم لأسواق الأسهم بشكل كبير. وبالطبع، تضاعفت قيمة معظم الأسواق خلال العامين الماضيين. ويمكن تحديد ثلاثة عوامل رئيسية لتفسير الاتجاه الصعودي الذي اتخذته الأسهم في الآونة الأخيرة: تحديداً لأن فئات الموجودات الأخرى غير جذابة، ولأن السيولة ما زالت قوية، ولأن كثيرا من العوامل السلبية الواردة أعلاه تم تجاهلها إلى حد بعيد، وهذا محل جدل. وباستخدام بيانات التضخم المؤقتة، فإن عوائد سندات الحزينة الأمريكية لعشر سنوات، والعوائد الحقيقية للسندات الألمانية واليابانية، جميعها تقريباً عند 1.3 في المائة، وهو مستوى غير جذاب على الصعيد التاريخي. وعوائد السندات الحكومية وسندات الشركات أقل حظا، مقارنة بعوائد الأسهم. ورغم أن أوروبا بدأت دورتها التشددية وفي نهاية المطاف سيتبع ذلك ارتفاع في أسعار الفائدة الأمريكية، ستكون خطى التشدد معتدلة. ومن المرجح أن يستمر الاستثمار في السوق في توليد عوائد حقيقية سالبة. ومن بين فئات الموجودات الأخرى، يمكن أن تعتبر مبررات الاستثمار في السلع في المدى الطويل سليمة، إلا أن أسعار الشراء في أسواق السلع في المدى القصير أعلى من قيمتها. وتعتبر المراكز الدائنة واضحة بجلاء للمستثمرين. وبالنسبة للعقار الأسعار متباعدة كثيراً، لكن مبررات الاستثمار في العقار تضعف عندما تأخذ عوائد السندات في الارتفاع. وتعد مستويات السيولة العالية عاملاً إيجابياً رئيسياً بالنسبة إلى أسواق الأسهم. ومع الجولة الثانية من التخفيف الكمي – أصبحت الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه تقريباً عام 2008، في حين أصبحت الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي أعلى مرة ونصف. وكان رد السياسة من جانب بنك اليابان على كارثة الزلزال، الذي تمثل في ضخ كميات كبيرة من السيولة بالين، عاملاً رئيسياً في التحسن الذي شهدته الأسهم أخيرا. وتنعكس الأموال الجيدة للسيولة في ليبور الدولار الأمريكي لثلاثة أشهر، عند أقل من 30 نقطة أساس، وفي نسبة الزيادة البالغة 12.2 في المائة في القاعدة النقدية الأمريكية منذ الإعلان عن جولة التخفيف الكمي الثانية، وفي ضيق الفوارق على ائتمان الشركات مقارنة بفروقات العائد الائتماني على سندات الدولار الأمريكية ذات التصنيف A والتي تقل الآن عن 100 نقطة أساس. ورغم ضعف الحجج الداعية إلى توسعة الجولة الثانية من التخفيف الكمي، كما صرح أخيرا عدد من محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، من المرجح أن تظل ظروف السيولة إيجابية إذا وضعنا في الاعتبار أن عملية التشدد التي سينفذها الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي من المرجح أن تكون بطيئة. وكان الإجراء الذي اتخذه بنك اليابان والتدخل من قبل مجموعة السبع لإضعاف الين داعما للأسواق. لقد أهمل المستثمرون إلى حد كبير كثيراً من العوامل السلبية. إن مستقبل أسعار النفط يعتمد كثيراً على احتمال توقف الإمدادات من بلدان مجلس التعاون الخليجي. ورغم أن الاضطرابات السياسية قد تستمر في عدد من البلدان، من غير المرجح كما يبدو إجراء مزيد من الخفض على إنتاج النفط. ورغم أن أسعار النفط الحالية تشكل قيداً على النمو، إلا أن نقطة الذروة بالنسبة للاقتصاد العالمي يمكن أن تتمثل في سعر يقارب 140 دولاراً للبرميل. وفي منطقة اليورو تقوم السوق حالياً بالتسعير بناء على تدني إمكانية اضطرار إسبانيا للوصول إلى صندوق الإنقاذ الأوروبي، وعلى أن رد الفعل الفوري على اضطرار البرتغال إلى الاعتماد على أموال الاتحاد الأوروبي كان إيجابياً بالنسبة إلى البنوك البرتغالية. وتعتبر عملية إعادة الإعمار في اليابان وزيادة الاستثمار فيها أمراً إيجابياً للاقتصاد العالمي. وفي الأسواق الناشئة تقترب دورة التشدد النقدي من نهايتها، لا سيما إذا أدت زيادة الإنتاج إلى تراجع أسعار المواد الغذائية في النصف الثاني من عام 2011. ومؤشرات مديري المشتريات في معظم البلدان مرتفعة. ولأن من غير المحتمل أن تكون هناك زيادات أخرى، فإن خطر حدوث انعكاس حاد لهذا الوضع منخفض. وبينما أصبح من الواضح أن المكاسب القوية في الأرباح التي حققتها الشركات عام 2009/2010 لن تتكرر، ينبغي أن يكون نمو أرباح السهم على الصعيد العالمي قريباً من 15 في المائة. وينبغي أيضاً ملاحظة أن التقييمات ليس مبالغاً فيها، وأن توزيعات الأرباح المدفوعة للمستثمرين عند مستوى تاريخي عال، وينبغي أن تزداد وتيرة عمليات الاندماج والاستحواذ. ومن الواضح أن هناك أسباباً تدعو لعملية تصحيحية في أسواق الأسهم في وقت لاحق من عام 2011، عندما يدخل البنك المركزي الأوروبي أكثر في دورته التشددية وعندما تبدأ الأسواق التركيز على مخاطر التشدد النقدي والمالي في الولايات المتحدة. لكن الأسباب التي تتحدث عن انتكاسة خطيرة في الأسواق سابقة لأوانها، خاصة في وقت من المرجح أن يكون فيه أداء أسهم الأسواق الناشئة متفوقاً مرة أخرى. الكاتب كبير مستشاري بنك كريدي سويس.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES