أحداث في صور

لوحات الفنان التشكيلي غسان النعنع تعطي حساسيات لونية مختلفة

لوحات الفنان التشكيلي غسان النعنع تعطي حساسيات لونية مختلفة

لوحات الفنان التشكيلي غسان النعنع تعطي حساسيات لونية مختلفة

ينتقل الفنان غسان النعنع في لوحات معرضه ضمن حساسيات لونية مختلفة تبدأ من أكثرها بروداً وحتى أكثرها حرارة من العتمة إلى الضياء الناصع وبذلك لا يكون الموضوع هو الأساس وإنما الغطاء اللوني القادر على مخاتلة عين المتفرج وجذبه إلى تناقضاتها التي تمر بسلاسة جذابة. وتتجاور في هذا المعرض لوحات الأبيض والأسود مع اللوحات الملونة دون أن تحس بفرق كبير فالحدس اللوني يشدها إلى وثاقه بقوة ويربطها مع بعضها كما أن لعبة الضوء في الأعمال رغم زواياها المختلفة إلا أن تدرجاتها تسير على سلم موسيقي واحد يؤاخي بين الكتلة والفراغ ضمن مقاييس دقيقة وشفافيات تعطي معنى إضافياً لأعمال هذا الفنان. للموسيقا في لوحات النعنع وجودها الآسر فمن عازفي البيانو الغارقين في نقاط وهم نوتاتهم إلى عازفة الكمان بكامل حيويتها مروراً بعازف التشيللو الذي يملأ سطح اللوحة إلى المغنية المنتصبة بخجل قرب البيانو أو المتروكة على الحافة كل ذلك يتوازى مع نوتات من الألوان الزيتية أو المائية تعكس عشقه للموسيقا الكلاسيكية. ويتناهى المشاهد إلى دمج واضح بين عالم الأحلام والواقع ضمن توليفة تتراكب فيها التكوينات ضمن أكثر من فضاء مختلف في ثقله اللوني فمن الغامق باتجاه ألوان فاتحة تنتج مساراً للنظر لا يلبث أن يدخل إلى عمق اللوحة مثل عقد قران أو زاويتها اليسرى كما في لوحة عرسها في السماء حيث يتركز المعنى ويصبح كل ما حوله حشداً لونياً يقود إليه. وتنحو لوحات النعنع التي تتمحور حول الطبيعية باتجاه مجازات بصرية أخرى تأخذ من السماء مساحة كبيرة بألوان ضبابية أقرب إلى البياض بينما الغطاء الأخضر مجرد كتلة صغيرة لكن فيها ثقل لوني يقترب من الأخضر المسود بحيث ان التوازن متحقق من خلال التعارض اللوني وعبر الزاوية الحساسة التي يتخذ منها الفنان ذريعة للعب اللوني وخلق تنوع في شفافياته وقتامته كما في لوحة منظر من الملاجة. #2# ويمكن تلمس حساسيات لونية أخرى في مجموعة اللوحات المائية على الورق حيث تتماهى الحدود بين خط الرسم والتلوين لدرجة تغيب فيها تمايزات الأشخاص عن الطبيعة وينصهر الجميع في مغامرة تشكيلية واحدة ويتجسد ذلك في لوحة دونكيشوت المتأهب برمحه الطويل لمصارعة الظلام في حين سانشو يرخي رأسه المتعب من متابعة سيده الحالم وكذلك في لوحة عرسه في السماء. وأوضح الفنان النعنع في حديث خاص لوكالة سانا.. أنه رغم ما توحي إليه معظم لوحاته في انتماءاتها إلى القرن التاسع عشر ولاسيما لوحاته الموسيقية كما أسماها إلا أن تركيزه الأكبر ليس على ما يلبسه الشخوص أو تموضعاتهم ضمن الفراغ وإنما كيفية تلوينهم ووضعهم ضمن صيغ لونية فاتحة أو غامضة باللون الحار أو اللون البارد لأن ذلك هو ما يعطيها قيمتها التشكيلية أكثر من كونها تنتمي إلى عصر دون غيره. وأضاف.. أحاول عبر شغلي في هذا المعرض إثبات أن التقنية الخاصة للون هي القادرة على تحديد هوية الفنان وخصوصيته دون غيره فضلاً عن أهمية الخيال في صياغة العمل الفني وكتابة نوتاته فكل لوحة هي بمثابة مقطوعة علاماتها الموسيقية هي ضربات الفرشاة التي تغرف من اللون وتملأ به فراغ اللوحة. من جهته بين الناقد عمار حسن أنه في لوحات النعنع تمتزج الطقوس وتتجاور العتمة بالضوء والأزياء بالشموع وينعكس ذلك كله من خلال فرح الألوان والأحلام المتعلقة بها كما يظهر فيها الخوف والرهبة والجمال والسحر. وأوضح حسن أن طريقة هذا الفنان في الرسم تبدأ من نقطة على سطح اللوحة لكنها سرعان ما تولد نقاطاً أخرى ومساحات وأجواء سديمية وصولاً إلى الشكل الذي ينتهي عليه في اللوحة تلك النهاية الإنسانية الرومانسية والصوفية المتحررة من الكلاسيكية اللونية والمدارس الواقعية وإن كان لرامبرنت وتيرنر وسيزان تأثير على صيرورة العمل كما للطبيعة الحية والمحفوظة في الذاكرة تأثيراتها المتبادلة مع طبيعة الفنان. وأضاف إن بداية الرسم عند النعنع عفوية غالباً وتتصاعد على خلفيات وتأثيرات الحياة والموت والشهادة والأعراس والوجع لكنها سرعان ما تتوج بمفاجآت تتصل بالحدس لتتحول إلى مناخات تعبيرية جامحة في الخيال والحلم لكنها لا تنتهي على المستوى التعبيري وتبقى متاحة للمتلقي أن يرسم فوق الحلم حلماً آخر. يذكر أن غسان النعنع من مواليد حمص 1953 تخرج من مركز الفنون التشكيلية بحمص عام 1971 وفي عام 1978 تخرج من كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق له العديد من المعارض الفردية والجماعية وحاز في عام 2000 على الجائزة الأولى في مسابقة فكر مع يدك للفنانين السوريين والأجانب المقيمين في سورية في معهد سرفانتس.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أحداث في صور