Author

هل تحب نفسك؟!

|
هل تساءلت يوما ما عن إذا ما كنت تحب نفسك أم لا؟ وهل حبك لنفسك نوعٌ من الأنانية أم مؤشرٌ للرضى عن الذات؟! نقول لبعض الناس: فلانٌ يحب نفسه، فهل نحن نمدحه أم نذمه؟ يخلو البعض منا فيشعر بالوحشة، وبعضنا الآخر يشعر بأنس كبير في الخلوة، فما هو السبب يا ترى؟ نتساءل على الدوام كيف نحافظ على معنوياتنا مرتفعة طوال الوقت، ويجد بعضنا الجواب ولا يجده آخرون! كيف يريد الواحد منا أن يعرف الناس ما يريد وهو لا يعرف ما هي احتياجاته؟! هل تتوقع أن يعرفك الآخرون ويفهموك أكثر مما تعرف أنت نفسك بشكلٍ عميق؟ إن فهم الذات بشكلٍ صادقٍ وأمين، يضعنا على خط البداية من أجل أن نتطور ونسعى للكمال المنشود. وفي التخطيط الاستراتيجي لن تستطيع أن تمد جسرا بين وضعك الحالي وما تريد أن تكونه، إلا بعد أن تقيّم الوضع الراهن، عن طريق تحديد نقاط القوة والضعف والفرص والمخاوف. وهذه المواجهة الصادقة مع الذات تتطلب الكثير من الشجاعة والصبر وقبول الذات بعلاتها، ولا يستطيع ذلك كل البشر؛ لذا تجد البعض منهم يخشى الخلوة مع الذات لكونه سيبدأ في تجريدها من بعض الأقنعة التي يغطي بها جوانب النقص لديه؛ مما يجعله يأنس مع الجماعة ويخشى أن ينفرد مع نفسه في محاسبة صادقة، تجعله في حالٍ أفضل يوما بعد يوم. ومن أسباب هروب الكثيرين من البشر من هذه المواجهة مع الذات، أنهم يتطرفون في هذه المحاسبة؛ إذ ليس الغرض من محاولة فهم نفسك أن تقوم بجلدها، بل أن تقوم بتقييم جوانب القصور لديك بطريقة عملية وواقعية، والعمل على معالجتها من أجل أن تكون أفضل في المستقبل. وليس من العقلانية أن تكون مثاليا خاليا من العيوب، ولكن يكفي أن تكون لديك نية حسنة لكي تعمل على التطور مع الأيام؛ مما يجعلك في قبول دائم للذات في إطار بشريتك، وليس أن تتحول إلى ملاك. وهذا الأمر بالتحديد يجعل أُنسك في الخلوة أمرا ممكنا، بل ومحببا إلى النفس، فلست مضطرا للهروب من ذاتك إلى أي مكان، بل يفترض أن تكون معها دائما. ومن دون هذه الرغبة من كل فردٍ منا في التطور فلن يتطور المجتمع، ولا يجب أن يكون معيار قبولك أو رفضك لأمرٍ ما مبنيا على ما يفعله أغلب البشر وحسب، بل يفترض أن يكون مبنيا على قناعاتك. وتشخيص الداء هو نصف الطريق إلى العلاج، ومعالجتك لعيوبك خطوة صغيرة ضمن خطواتٍ حضارية كبيرة سيخطوها أفراد آخرون معك نحو مجتمع متقدم وحضاري - بإذن الله تعالى.
إنشرها