Author

يا ربِّي، وبعزَّةِ جلالِكَ .. كفى!

|
* أهلا بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 390. *** * حافز الجمعة: حياةُ كل فردٍ أثمن ما على الأرض. يجب أن تُحَب، ويجب أن تُصان، ويجب أن تُقدَّر، ويجب أن تُكرَّم، ويجب أن تُحتَرَم. إننا كلنا، كل فرد، في كل مكانٍ، وظرفٍ، وموضعٍ إنما معجزات اللهِ تسير على الأرض .. من يضرها، من يقهرها، من يظلمها، من يقتلها.. فهو سفيرُ إبليس على الأرض. *** * أعاني من حساسيةٍ شديدةٍ في الرئة، وأسهمت أجواء الرياض المغبرة في إشعال هذه الحساسية، حتى احتجت تدخلا تنفسيا. والآن كل وجودي يختنق بأغبرةٍ كثيفةٍ لا يمكنني أن أرى من خلالها، وأنا أشهدُ عبثاً لا يعقل من أفرادٍ على ملايين الناس، يظلمون ويقهرون ويقطعون الأوصال ويئدون الحريات ويسحقون ويقتلون.. إني أغرق في غيلةِ أغبرةٍ سميكة القوام ليس فيها فسحة هواء، وكل الزعماء يكررون ذات السيناريو من غيرة حبة غبار إبداع، يبدأون بالبطش والقتل، ثم يأتون بإسهالات اقتصادية، ثم يكذبون فُجْرَاً وتصغيرا للأفهام، ويحيلون عمليات القتل إلى سلطات أخرى، وكأنها لا تأتمر بأمرهم بكل شاردة وبكل واردة، ويقولون إنهم سيحاسبونهم، وهم قذارة يحركها صانعو قذارات. يتشبثون على مقاعد ليست من جلد وخشب، بل من دم الناس ولحومهم وقهرهم وسحق وجوههم على صلادة حرارة الأسفلت الأسود. ثم يعاودون تحريك آلات الفرم من جديد. لعنة الله على سلطة، على شهوة مثل تلك تفتك بالناس كديدان الأرض من أجل أيام سيبصق عليها التاريخ .. اللهم أفرحنا باندثارهم، وألا تصافح عيوننا وجوههم، يا ربي، وبعزة جلالك .. كفى! *** * رحل في عام 2007 كلود لفي ـــ شتراوس عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي العظيم، وهو الأب الحقيقي لعلم الأنثروبولوجيا، وأول من شرح التحليلية البنائية ــــ نعم، البنائية والتفكيكية ليستا في الأدب فقط ــــ بالأنثروبولوجيا الاجتماعية .. مات عن قرن وسنة واحدة، وكان يقظا منتجا حتى آخر سنة من حياته، آخر رسائله كانت في أول العام الذي مات فيه .. وكنت قد حضرت له محاضرة في الولايات المتحدة، وتكلم عن نظريةٍ زعزعت الرؤى السابقة للتعامل البيني بين الأقوام من الأزمنة القديمة .. كانت فكرة أو نظرية من وادي عبقر كما نصف بالعربية، إنها نظرية التضاد التي تدعو لبناء العلاقات .. وقالت دورية جمعية الأنثروبولوجيا الأمريكية: بعد محاضرة شتراوس أطل على عالم الأنثروبولوجيا فجرٌ جديد.. وكنت عالة على كتب عمي أحمد الزامل حين قرأت أول كتاب لـ "لفي شتراوس" وكان كتابٌ آسرٌ قصصيٌ بعنوان: "الأنثروبولوجيا البنائية"Structural Anthropology، والكتابُ طبع في عام 1958، وبالمناسبة تعلقت به قراءةً سيمون دي بوفوار، ولكن مصيرها التعس قادها إلى المسخ الفكري جون بول سارتر. في الكتاب الممتع بدأت ملامح فعلا نظرية التناقض الموجب لاندفاع البشرية للتعاضد. *** * والنظرية تقول أن لا تغيير يأتي إلا بتعاون الجماعة من خلال آلية اسمها Kinship أي القرابة التي تفرضها روابط الظرف كعائلة بمصلحة جامعة، أو قبيلة، أو حتى حي، أو سكان مدينة، أو شعب دولة، عندما تبرز أمامها القوى الشريرة بأي نوع من الأنواع، فإنها تنقلب إلى ضد طبعها المعروف كي تغضب وتزأر وتثور حتى يذهب الأذى الغالب، لتعود لطبيعتها الأصلية .. هذا تماما ما حدث في الثورات العربية الراهنة. *** * والمهم لا تنسوا الليبية "إيمان العبيدي" من دعائكم اليوم، المهيضة التي تناوب عليها 15 شخصا يهتك كرامتها وشرفها من كتائب ال... قذافي! في أمان الله..
إنشرها