Author

«لا إله إلا الله» .. «سننتصر بإذن الله»!

|
تردَّدت كلمة الإخلاص: «لا إله إلا الله»، عبر الفضائيات، الناقلة لمشهد الشوارع العربية الثائرة، ولتلك التي دخلت في أتون حرب مستعرة مع الطغاة، الذين، بالمقابل، ردَّدوا،: «سننتصر بإذن الله»، وهم يعبئون النفوس ضد مخالفيهم، ويُظهرون انتصاراتهم الظالمة ضد شعوبهم! ولا شك، أن المشاهد تملكته الحيرة، وهو يسمع الطاغية وأولاده، يصرخون، وهم يقهرون ويقتلون مواطنيهم: «سننتصر بإذن الله»! في وجه الثائرين عليهم الذين يصدعون بـ: «لا إله إلا الله»، حين يحققون نصرا على زبانية النظام، وآلته العسكرية، التي تذيقهم الضيم والقتل والتشريد.. لقد سبق للغربيين، أن توصلوا إلى أن أكثر ما يخاف منه الطاغية، أن يعرف الناس معنى الحرية، ومكانة النفس وعزتها، والشرف وعظمته، والحقوق وكيف تُحفظ، والظلم وكيف يُرفع، وتفضيل كل ذلك على الحياة.. هذا عندهم، أما الطغاة الشرقيون، فأكثر ما يخافون من صولة العلم، كما يرى الكواكبي، كأن العلم نار وأجسامهم بارود! يخافون حتى من كلمة «لا إله إلا الله»! لأنهم يعلمون معناها، التي لا يعلمها الغربيون، ويعلمون، أنها أفضل الذكر، وأنها وقود للروح والنفس؛ لما تعنيه من عظمة الله، ولا معبود سواه، وما فيها من معنى العبادة والخضوع.. ومنها، معنى لفظة «العبد»، فيكون معنى «لا إله إلا الله» أنه لا يستحق الخضوعَ شيءٌ غيرُ الله.. وهذا لا يناسب أهداف الطغاة، أن يرى «عبيدهم» أن السيادة والخضوع والعبودية لله وحده، ولا ولاية ولا خضوع لغيره - سبحانه وتعالى - وربما عدّ الطغاة كلمة «لا إله إلا الله» شتما لهم وإهانة، وانتقاصا من مقامهم! ولهذا نجدهم، يَظهرون، مدركين أو غير مدركين، أنصارا للشرك، أنصارا للشيطان، أعداءَ للدين وللحق! وإذا كان الطاغية وأعوانه، وهم يقتلون من يصدع بـ: «لا إله إلا الله»، يصرخون بوقاحة: «سننتصر بإذن الله»! فهم: إما مجانين، أو منافقون، أو لا يعلمون معاني هذه العبارات.. ولربما أرادوا أن يقولوا: «لا إله غير الطاغية»، أو ربما، باعتقادهم، هناك إله آخر غير الإله الذي يستنجد به عامة الناس! الذين حين يصدعون بـ «لا إله إلا الله»، فهم يقصدون، مع حُسن الظن بهم: «أنت الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، أعنَّا يا الله على الطاغية الظالم، الذي يقتل عبادك، ويهتك أعراضهم، ويسلب أرزاقهم، ويدعوهم إلى الاستغناء عن حولك وقوتك إلى حوله وقوته»!.. وفي شارع عربي آخر، قد يُراد بـ «لا إله إلا الله»: «يا ربنا وإلهنا، هذا الطاغية منع الحجاب والنقاب، وعذَّب الملتزمين بدينك من عبادك الصالحين، فأغننا بك عنه، وعن بطانته، واهزمه يا هازم الأحزاب وقاهر العباد».. إذ، لا يمكن لعاقل أن يتصور أن المستبد وأعوانه، يستعينون بالله على عباد الله، ظلما وعدوانا، ودون أي مبرر شرعي، إلاَّ أللهم حبا بالدنيا! على المشاهد، أن ينظر إلى قائل هذه الكلمات العظيمة، التي هي أصل الدين، التي لا تحتمل أي تأويل في معناها، ويضع قائلها في مكانه الصحيح، وإن شكَّ في استنتاجه، فليستفتِ قلبه، بإخلاص وتجرّد؛ حتى يصل إلى وضع الصورة الصحيحة، لكل من يتجرأ على استعمال هذه الكلمات، ومكانتها ومآلاتها، والهدف منها، بهدف تحقيق منفعة دنيوية، قد تكون سببا في هلاكه، قبل أن يرتدَّ إليه طرفه.. (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ). إن التهاون، خاصة، من قِبل الطغاة المستبدين، في تقدير قيمة «لا إله إلا الله»، التي من أجلها خُلق الثقلان، يؤدي، لا شك، إلى هلاكهم، ولو بعد حين.. خاصة، إذا علمنا أن المجد مفضّل على الحياة عند الأحرار والنجباء، الذين يفضلون الموت على الاستعباد وحياة الذلّ، التي، للأسف، فضّلها ابن خلدون، حين خطَّأ البشر في إقدامهم على الخطر إذا هُدِّدت كرامتهم! لا بل، هناك بعض أنواع الحيوان، ومنها البلبل، الذي يفضّل، أحيانا، الانتحار تخلصا من قيود الذلّ، وأنّ أكثر سباع الطير والوحوش، إذا أُسرت كبيرة، تأبى الطعام حتى تموت، وأن الحرَّة من النساء تموت ولا تأكل بعرضها، والماجدة تموت ولا تأكل بثدييها! فالحمد لله الذي أنعمَ علينا براية «لا إله إلا الله» خفَّاقة، وبأولي الأمر الذين عرفوا معناها، وعملوا بمقتضاها، وهم يسعون في تدبير شؤوننا الدينية والدنيوية، بأمن وأمان.
إنشرها