مختصون: أهمية محورية للإسكان والتوظيف في قرارات الخير

مختصون: أهمية محورية للإسكان والتوظيف في قرارات الخير

مختصون: أهمية محورية للإسكان والتوظيف في قرارات الخير

يرى اقتصاديون سعوديون، أن قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي أصدرها أمس الأول ارتبطت بالشقين الاقتصادي والاجتماعي للمواطن السعودي. وأن القضيتين الأساسيتين اللتين كان لهما أهمية محورية في القرارات الاقتصادية، هما الإسكان والتوظيف. قال الدكتور إحسان بوحليقة، الاقتصادي السعودي، فيما يتعلق بقضية الإسكان: "منذ توليه مقاليد الحكم اهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، اهتماما جليا بقضية الإسكان من خلال مبادرة منهجية متكاملة بدأت بإنشاء الهيئة العامة للإسكان قبل نحو أربع سنوات، والتي كلفت بعد ذلك بالإشراف على مشاريع الإسكان الشعبي التي خصص لها آنئذ عشرة مليارات ريال، وكلفت الهيئة بعد ذلك بالإشراف على وضع استراتيجية الإسكان، التي يتم حاليا وضع اللمسات النهائية عليها. وقبل أسابيع قليلة تم تخصيص 15 مليار ريال دعما للهيئة العامة للإسكان، واليوم "أول أمس" تم إطلاق مشروع إسكاني عملاق قوامه 500 ألف وحدة سكنية بتكلفة 250 مليار ريال، ويصب هذا المشروع في تحقيق الرؤية الهادفة لرفع مخزون المملكة من المساكن بنحو 250 ألف وحدة سنويا من مختلف المصادر العرض المختلفة". ويضيف الدكتور بوحليقة: "تجدر الإشارة إلى أن عدد الوحدات التي ستبنى من خلال المشروع الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين يوازي عدد الطلبات المتراكمة لدى صندوق التنمية العقارية، التي يبلغ عددها نحو 500 ألف طلب. عدد يضاهي ما أسهم به صندوق التنمية العقاري منذ إنشائه، كما أن هذا المشروع سيسهم في زيادة عدد مخزون المساكن في المملكة نحو (العشر) مما هو عليه الآن". تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي وأشار الدكتور بوحليقة إلى أن هذا المشروع يستهدف تيسير توفير سكن لمن لا تمكّنه أوضاعه المالية الذاتية من تمتلك السكن، وهذه الفئة تمثل شريحة واسعة من محدودي الدخل، ولا سيما أن عدد من الدراسات بينت أن النقص حاد حاليا في الوحدات السكنية لذوي الدخل المنخفض، كما أن هذا المشروع الإسكاني على صلة وثيقة برؤية خادم الحرمين الشريفين التي نالت اهتماما مباشرا منه لتقوية وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للشرائح الأكثر احتياجا فيما يتصل بالضمان الاجتماعي لتوفير المال للإنفاق على الاحتياجات الجارية للأسر، وكذلك الدعم المباشر وغير المباشر من خلال برنامج الضمان الاجتماعي، وتيسير توفير المأوى من خلال مشاريع هيئة الإسكان، وفرص العمل والتعليم والتدريب والتأهيل من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية والصندوق الخيري الاجتماعي، والإقراض الاجتماعي من خلال بنك التسليف والادخار. مضيفا أنه ونظرا لضخامة المشروع، فمن غير المتوقع إنجازه خلال عام واحد أو عامين، وبالقطع ومما يدفع إلى القول إن المشروع لن يشهد عوائق تتعلق بوفرة الأراضي هو ما أعلن عنه محافظ الهيئة العامة للإسكان أخيرا من أن الهيئة قد استلمت أو في طريقها لاستلام 200 مليون مترمربع من الأراضي السكنية في مختلف مناطق المملكة، ومع ذلك فتوفير السكن الميسر أمر مطلوب في كل المحافظات والبلدات والمراكز والقرى والهجر في السعودية على امتداد مساحتها الشاسعة، وهذا يمثل تحديا كبيرا دون شك. ومن الناحية الاقتصادية، يتوقع الدكتور بوحليقة، أن يكون لهذا المشروع انعكاسات إيجابية واضحة على قطاع التشييد والبناء في المملكة، الذي يسهم حاليا بنحو 7.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يشهد انتعاشا يؤدي إلى مضاعفة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي خلال خمس سنوات من الآن، كما يسهم في تنشيط نمو الأنشطة الاقتصادية كافة ذات الصلة بسلسلة القيمة المرتبطة بقطاع التشييد البناء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وعلى صلة بذلك، رفع سقف قرض صندوق التنمية العقارية من 300 ألف ريال إلى 500 ألف ريال، بالتأكيد أن قرض 500 ألف ريال تتيح مجالا أكثر واقعية، خصوصا لأصحاب الأسر ممن اضطروا للانتظار لسنوات طويلة للحصول على قرض يسهم بشكل كبير في امتلاك المنزل، أضف إلى الاعتبار أن متوسط حجم الأسرة السعودية يعتبر كبير نسبيا (في حدود ستة أشخاص)، فهذا سيسهم - حتى لو كان الحديث عن امتلاك منزل اقتصادي- مساهمة كبيرة، ولا سيما أن تكلفة بناء منزل شهدت ارتفاعات متتابعة منذ أن حدد سقف القرض بـ 300 ألف ريال في بدايات إنشاء الصندوق، وأن رفع سقف الصندوق إلى 500 ألف ريال يأتي في وقته المناسب لمقابلة متطلبات واحتياجات المواطن لامتلاك سكن خاص به وأسرته. تحديان.. اجتماعي واقتصادي فيما يتعلق بالسعودة، يقول الدكتور إحسان بوحليقة إنه من المفيد في البداية بيان أننا أمام تحدٍ اجتماعي -اقتصادي حقيقي؛ فالبطالة تقدر بنحو 10.5 في المائة وقرابة 13 في المائة فقط من العمالة في القطاع الخاص سعودية! وهذا بالتأكيد يبين تدني مساهمة المجتمع الذي يمثل الشباب فيه نحو ثلاثة أرباع. وقضية سعودة قوة العمل كانت ولا تزال محل اهتمام ومتابعة من قبل الحكومة السعودية منذ صدور قرار مجلس الوزراء رقم 50 قبل ما يزيد على 15 عاما، حيث كان القرار ينادي بزيادة متدرجة لتحقيق سعودة قوة العمل في القطاع الخاص بزيادة سنوية بمقدار 5 في المائة. ولكن، رغم أن القرار كان يتسم بكثير من المرونة، إلا أن الاستثناءات المتعددة لم تتح فرصة لتطبيق القرار تطبيقا كلاما. ويرى الدكتور بوحليقة، الخبير الاقتصادي، أن الأوامر الملكية التي أعلنت والمتعلقة بالسعودة تعتبر ضرورة للغاية، ولا سيما أن الجانب الأهم في هذا الشأن هو المتعلق بتنظيم سوق العمل، خصوصا الشق المرتبط بتوظيف السعوديين، وحيث يلاحظ أن التشوه الأهم يكمن بما يعانيه سوق العمل من انفتاح على استقدام العمالة الأجنبية، حيث يلاحظ أن عدد تأشيرات العمل الممنوحة تتصاعد بوتيرة مطردة في السنوات الأخيرة، ففي العام المنصرم قدر عدد التأشيرات بنحو 1.200 مليون تأشيرة عمل، وهذا العدد يوازي عدد فرص العمل التي تتوقع فرص العمل توفيرها على مدى سنوات الخطة الخمسية التاسعة! ولا توجد تسمية تعبر عما يحدث في سوق العمل نتيجة لهذا الانفتاح على استقدام العمالة الوافدة من تعبير "إغراق" أو "مزاحمة" العمالة المواطنة، خصوصا الداخلين الجدد من الباحثين عن عمل من السعوديين؛ ولذا، فإن الأمر الملكي الكريم يتصل بالتنسيق بين الوزارتين المعنيتين بتنظيم سوق العمل والإشراف على القطاع الخاص للقيام بدور فاعل للتعامل مع الأمر. ولعل من المناسب التذكير بأن الحكومة تهدف إلى تقليص معدل البطالة بمقدار النصف على مدى السنوات الأربع المقبلة من 10.5 في المائة إلى 5.5 في المائة، وهذا مطلب في حاجة إلى ضبط سوق العمل والتخلي عن سياسة الاستقدام القائمة والحرص على تحقيق سياسة الإحلال من خلال آلية أكثر شفافية وخاضعة لقدر أكبر من المساءلة؛ ولذلك جاءت الأوامر الملكية ذات الصلة، كخطوة ضرورية للمساهمة في إزالة تشوهات وتقوية الهيكل التنظيمي لسوق العمل في المملكة، كما أن تحديد إعانة الباحثين عن عمل بواقع ألفي ريال شهريا قطعت جدلا كان محتدما على مدى الأسابيع الماضية منذ الإعلان عن هذه الإعانة. والآن، يبدو أن سوق العمل السعودية أمام منظومة متكاملة من الآليات لتنظيم سوق العمل والمساهمة في إزالة التشوهات التي كانت تحد من قدرة الباحثين عن العمل في الحصول على فرص وظيفية مناسبة محليا، ولعل من المهم هنا الإشارة إلى أن الاقتصاد السعودي اقتصاد يُولد فرص عمل جديدة، لكن وطبقا لإحصاءات وبيانات رسمية، فإن جُل ما يولده الاقتصاد السعودي من فرص عمل (تصَدّرّ) يذهب للعمالة الوافدة. تضافر الجهود ويضيف الدكتور بوحليقة: "إن صدور مثل هذه القرارات يحتاج إلى تضافر الجهود بين وزارة العمل كمنظم للسوق وزارة التجارة والصناعة كجهة حكومية معنية بشؤون القطاع الخاص؛ لتحقيق الغاية المنشودة لزيادة مساهمة القطاع الخاص في توظيف الباحثين عن العمل؛ إذ يمكن الجزم بأن سياسة الإحلال التي أعلن عنها منذ بداية الخطة الخمسية السابعة، التي تقوم على أن جُل الداخلين الجدد من السعوديين لسوق العمل سيتم توظيفهم في القطاع الخاص من خلال إحلالهم محل العمالة الوافدة.. يبدو أنها - أي سياسة الإحلال - لم تحقق أهدافها، بل إنها لم تكن حتى قريبة من تحقيق تلك الأهداف. وإن الأوامر الملكية الكريمة تمثل دفعة جديدة لإتاحة المزيد من فرص العمل أمام السعوديين في القطاع الخاص. ولعل من المناسب بيان أن الحكومة السعودية أخذت توظف المزيد من المواطنين في وظائف حكومية من خلال تثبيت العاملين على وظائف مؤقتة على وظائف دائمة واستحداث أعداد كبيرة من الوظائف للباحثين عن العمل. وبالتأكيد، وفي هذا المناخ، ليس من المعقول أو المبرر أن يبقى القطاع الخاص خارج المساهمة في توظيف السعوديين، خصوصا أن الإنفاق الحكومي والمجتمع المحلي يمثلان أهم عملاء ومصادر إيرادات القطاع الخاص؛ لذلك فإن توسع القطاع الخاص في توظيف السعوديين أمر لا مفر منه، مع الأخذ في الاعتبار أن الدولة، بطبيعة عملها، لن تستطيع زيادة أعداد موظفيها بصورة مطردة على مدى السنوات المقبلة؛ فالحكومة ليست قطاعا إنتاجيا، أما القطاع الخاص فإن فرص نموه لا متناهية – نظريا - ما دام الاقتصاد السعودي يشهد نموا؛ مما يعني أن هناك مزيدا من الوظائف التي يولدها الاقتصاد، ولا بد أن يذهب جُل هذه الوظائف للمواطنين والمواطنات. وفي هذا السياق، فإن من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن غالبية العمالة الوافدة (نحو 65 في المائة) يحملون تأهيلا ثانويا فما دون؛ لذلك فإن تنافسية السعودي قائمة في حال إزالة تشوهات تنظيمية قائمة في سوق العمل والحد من المنافسة غير العادلة، وخصوصا التوسع في استقدام العمالة الوافدة. وهنا، فلا مفر من التركيز على تفعيل سياسة الإحلال، التي تشمل ما لا يقل عن 70 في المائة من الوظائف التي تشغلها وافدة محدودة إلى متوسطة التأهيل ودون كبير عناء في التعليم والتدريب والتأهيل وإعادة التأهيل. #2# الاستفادة من القروض من جانبها، قالت ريم أسعد، عضو جمعية الاقتصاد السعودية: "إن صندوق التنمية العقارية ظلّ لفترة طويلة إحدى الوسائل الحكومية المدعومة من الدولة، إلا أنها غير فاعلة، خاصة طيلة فترة التسعينيات ومطلع الألفية، حيث إن أكثر المواطنين لم يستفيدوا من القروض الممنوحة من الصندوق". وأشارت أسعد إلى أسباب عدة نتيجة عدم استفادة المواطنين من قروض صندوق التنمية العقارية، لعل من بينها بطء الإجراءات وضعف السيولة المتوافرة مع التضخم في أسعار الأراضي وتكاليف البناء، والذي لا يتناسب مع ما يقدمه الصندوق من قروض. وتضيف أسعد: بعد الأوامر الملكية الصادرة أمس الأول نأمل أن يصبح الصندوق من الأدوات الفاعلة في إسكان المواطنين، وستعزز نمو القطاع العقاري بشكل صحي وطويل الأجل، إلا أن ذلك لا بد أن يتبعه رقابة حكومية مشددة على أسعار البناء وألا نشهد تضخما غير مبرّر في أسعار العقارات". ودعت أسعد المواطنين إلى عدم الاقتراض من أجل شراء الأراضي ومن ثم بيعها لجني أرباح أو مثل ذلك من الممارسات السلبية التي تتميز بها أغلب أسواق الأصول لدينا. كما يجب على المواطنين تغيير الأنماط السكنية الدارجة، وخاصة الإصرار على شراء الفلل والمساكن الكبيرة، ومحاولة شراء الشقق السكنية أو السكن في المناطق غير المكدّسة سكانيا؛ وذلك للاستفادة من القرض بأمثل صورة ممكنة. بناء الإنسان السعودي وترى أسعد أن أهم الأوامر الصادرة والمتعلقة بالتوظيف والسعودة هو وضع "الحد الأدنى للأجور" بالنسبة للمواطنين، الأمر الذي سيسهم بدرجة كبيرة في استقرار سوق العمل، خاصة في القطاع الخاص ويحد من التسرب الوظيفي ويقلل الضرر الواقع على صاحب العمل ويرضي الموظف في آن معا. وتعتقد أسعد أن هذا القرار لن يؤتي ثماره إلا بتضافر وزارة العمل في مسألة الحد من إصدار تأشيرات الاستقدام وقصر المزيد من القطاعات، خاصة في المجالات التقنية، على السعوديين فقط. وتقول أسعد: "وقد يتبادر هنا أن العديد من السعوديين غير مؤهلين للعمل في قطاعات كبيرة، وربما أن ذلك صحيح، إلا أن يجبر القطاع الخاص على الاستثمار في بناء الإنسان السعودي، ويتوافق مع خطة التنمية الثامنة، التي نصت بوضوح على ذلك من خلال الإنفاق الضخم على التعليم العالي ومعاهد التقنية والتدريب المهني".
إنشرها

أضف تعليق