أخبار اقتصادية

البنوك المركزية من إصدار النقود وتنظيم المصارف إلى داعم للتنمية الاقتصادية

البنوك المركزية من إصدار النقود وتنظيم المصارف إلى داعم للتنمية الاقتصادية

تعود على الأرجح نشأة البنوك المركزية على مستوى العالم إلى ما قبل القرن السابع عشر، عندما أنشئ بنك أمستردام في عام 1609 كأول بنك مركزي عرفه التاريخ والعالم، والذي كان يقوم بممارسة مزيج من الأعمال، التي تقوم بها البنوك المركزية والبنوك التجارية اليوم، مثل استقبال الودائع، فتح الحسابات، منح السندات، وكفالة سلامة ودائع المودعين، التي تعتبر من بين أهم أعمال البنوك المركزية في وقتنا الحاضر. بعد ذلك تم إنشاء بنك أمستردام، وتبع ذلك إنشاء أول بنك مركزي بمفهومه الصحيح والدقيق في السويد عام 1664، ومن ثم تأسيس بنك إنجلترا المركزي في عام 1694، بنك فرنسا المركزي العام الذي أنشئ في عام 1800، وهي لا تزال جميعها قائمة حتى وقتنا الحاضر. وقبل ظهور البنوك المركزية، كانت البنوك التجارية تقوم بمهام ومسؤوليات البنوك المركزية مثل إصدار النقود، إضافة إلى قيامها بمهامها المعتادة والتقليدية المتمثلة في استقطاب الودائع، وتقديم القروض وإلى غير ذلك من المهام. وفي ظل تواضع النشاط الاقتصادي والمالي خلال القرن الـ 16 من الميلاد وما قبل ذلك، لم تكن هناك حاجة ملحة لوجود بنوك مركزية على مستوى العالم بالشكل الذي نشهده اليوم، بحيث تكون من ضمن مهامها رسم وإدارة سياسة نقدية عامة، والإشراف على أعمال البنوك التجارية. ولكن نتيجة لتوسع أعمال البنوك التجارية آنذاك وإفراطها في إصدار النقود بالشكل الذي أدى إلى حدوث أزمات اقتصادية ومالية وانعكاسات سلبية على النشاط الاقتصادي، فرضت الحاجة استحداث مؤسسات نقدية مركزية على مستوى دول العالم، تكون من ضمن مهامها الرئيسة تنظيم النشاط المصرفي، وتنظيم إصدار النقود، بما في ذلك التحكم في عرض النقود. وبانتهاء الحرب العالمية الثانية، توسعت مهام البنوك المركزية من مجرد منظم لأعمال البنوك ومصدر للنقود إلى داعم للتنمية الاقتصادية بمفهومها الواسع والعام، ولاسيما بعد انتهاء الحرب، حيث كانت هناك حاجة ملحة لإعادة إعمار ما تم تدميره خلال الحرب من بنية تحتية، وبهذا اتسعت مهام البنوك المركزية على مستوى العالم، وخصوصاً في الدول النامية لتشمل المساهمة الفاعلة في دعم النمو الاقتصادي من خلال استخدام عدد من الأدوات والسياسات النقدية، التي تسهم في تحقيق الاستقرار النقدي، وتمويل عجوزات الموازنات العامة، والتأثير على السياسات الائتمانية للبنوك. وبظهور جيل جديد من البنوك المركزية على مستوى العالم مثل البنك المركزي الألماني "البونديسبانك"، البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والبنك المركزي الأوروبي الذي أسس في القرن العشرين، ونتيجة لتعاقب الأزمات المالية والاقتصادية على العالم، تغير مفهوم النظرة إلى البنوك المركزية والأدوار المناطة بها لتصبح أكثر أهمية من ذي قبل، حيث أصبحت البنوك المركزية تضطلع اليوم بمسؤوليات ومهام جديدة، وبالذات منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في منتصف عام 2008، والتي تطلبت من البنوك المركزية وضع السياسات والقوانين والأنظمة بما في ذلك التشريعات الكفيلة بتحقيق الاستقرار المالي والنقدي على مستوى العالم. كما قد أصبح من بين مهام البنوك المركزية إحكام الرقابة على العمليات والأنشطة المصرفية للتأكد من سلامتها وعدم تسببها في حدوث أزمات مالية أو اقتصادية محتملة في المستقبل شبيهة بالأزمة المالية العالمية. وتعد مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" هي المصرف أو البنك المركزي في المملكة العربية السعودية، والتي أنشئت في عام 1952 للقيام بعدد من المهام، من بينها إصدار العملة الوطنية (الريال السعودي)، القيام بعمل مصرف الحكومة، الرقابة على النشاط المصرفي والبنوك العاملة في المملكة، إدارة احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي، وإدارة السياسة النقدية للمحافظة على استقرار الأسعار بشكل عام وعلى استقرار أسعار الصرف بشكل خاص، بما في ذلك التشجيع على نمو النظام المالي وضمان سلامته. وتمارس مؤسسة النقد مهامها المختلفة وفق نظام صدر بموجب المرسوم الملكي رقم 23 وتاريخ 23/5/1377هـ، والذي يتكون من 14 مادة، حددت الأطر العام لمهام المؤسسة ومجال عملها، حيث حددت على سبيل المثال المادة الأولى من النظام أغراض المؤسسة، التي تتلخص في إصدار ودعم النقد السعودي، توطيد قيمته في الداخل والخارج، القيام بأعمال مصرف الحكومة، ومراقبة المصارف التجارية والمشتغلين بأعمال مبادلة العملات، في حين حددت المادة الثالثة وظائف المؤسسة بالنسبة لعمليات النقد ومراقبة المصارف التجارية، والتي من بينها على سبيل المثال: - تثبيت ودعم القيمة الداخلية والخارجية للعملة، والعمل على تقوية غطاء النقد. - حفظ الأموال الاحتياطية المرصدة لأغراض النقد على أساس أنها أموال لا يجوز تشغيلها إلا بالعمليات المتعلقة بالنقد فقط. - سك وطبع وإصدار النقد السعودي والأعمال الأخرى كافة المتصلة بذلك طبقاً لنظام النقد السعودي رقم 24 وتاريخ جمادى الأولى 1377هـ. - مراقبة المصارف التجارية والمشتغلين بأعمال مبادلة العملات ووضع التعليمات الخاصة بهم كلما رئي لزوم لذلك. من بين المهام، التي أسندت أخيراً إلى مؤسسة النقد العربي السعودي وبالتحديد في عام 1424هـ، إضافة على مهامها الحالية، مهمة الإشراف على شركات التأمين التعاوني ومراقبتها بهدف حماية حقوق المؤمن لهم والمستثمرين، والتشجيع على المنافسة العادلة في السوق، بما في ذلك العمل على توفير خدمات تأمينية بأفضل الأسعار الممكنة، وبتغطيات منافسة، إضافة إلى توطيد استقرار سوق التأمين في المملكة، وتطوير القطاع وتطوير أساليب التدريب وتوطين الوظائف بالقطاع. وعلاوة على المهام ولأدوار سالفة الذكر، تدير مؤسسة النقد أيضاً منذ أكثر من 20 عاماً أنظمة متقدمة للغاية من نظم المدفوعات المصرفية تربط جميع البنوك العاملة في المملكة وأجهزة الصرف الآلي والجهات ذات العلاقة بشبكة واحدة بشكل آمن وفعال
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية