Author

كيف سيؤثر الزلزال الياباني في اقتصاد المملكة؟

|
يوم الجمعة الماضي، ضرب زلزالٌ عنيفٌ شمال شرقي اليابان بلغت قوته 8.9 درجة على مقياس ريختر؛ ما جعله الزلزال الأقوى في اليابان منذ نحو 70 عاما، حيث تركزت الأضرار الجسيمة في وفاة الآلاف من البشر ونزوح الملايين عن مساكنهم وفي دمار شبه كامل للممتلكات وللبنية التحتية من محطات للطاقة ومطارات وموانئ وسكك حديد وشوارع وطرق، وهو ما أجبر جميع الأنشطة الاقتصادية في تلك المنطقة، على التوقف الكامل بشكل مؤقت إلى أن تتم إعادة الوضع إلى ما كان عليه. ويبقى السؤال مطروحاً: هل نحن بمأمن عن تأثيرات هذا الزلزال؟ وإلى أي مدى سيؤثر ذلك في اقتصاد المملكة؟ بداية، يجب أن نضع في الاعتبار أن الاقتصاد الياباني يعاني منذ أكثر من خمسة عشر عاما ركودا مزمنا؛ وهو ما أجبر الحكومة ولسنوات طويلة على اتباع سياسات مالية ونقدية توسعية على أمل أن ينتعش الاقتصاد، لكن ذلك لم يحصل حتى الآن. المشكلة أن السياسات التوسعية هذه تم تمويلها بشكل رئيس من خلال الدَّين العام الذي ارتفعت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى مستويات قياسية قرب 200 في المائة (تكاد تكون النسبة الأعلى بين جميع دول العالم)، وهو ما سيصعّب من قدرة الحكومة على إصدار سندات جديدة لتمويل إصلاح الأضرار وإعادة الإعمار. هذا يعني أن الزلزال أتى في توقيت سيئ جداً، حيث تشير التقارير إلى أن التوقف المؤقت للأنشطة الاقتصادية في تلك المنطقة والتكاليف الباهظة لإعادة الإعمار من المتوقع أن تؤثر في قيمة الناتج المحلي الإجمالي؛ وهو ما يعني تفاقم مشكلة الركود الاقتصادي، في حين يأمل اليابانيون أن تسهم عملية إعادة الإعمار في تخفيض معدلات البطالة (التي بلغت أخيراً مستويات قياسية قرب 5 في المائة) وفي دعم قطاع التشييد والبناء الذي يبدو أنه أكبر المستفيدين من هذا الوضع. المهم هنا أن تفاقم مشكلة الركود سيؤدي بالتبعية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، والاقتصاد الآسيوي تحديداً، بحكم أن اليابان تعد ثالث أكبر اقتصاد في العالم وثاني أكبر اقتصاد في آسيا، وهذا بدروه قد يؤثر في معدلات النمو الاقتصادي للمملكة، وإن كان بمستويات بسيطة. من جانب آخر، ما يهمنا من تأثيرات هذا الزلزال تحديداً هو التعطل المؤقت لحركة النقل ولإنتاجية المصانع في تلك المنطقة، حيث إن تعطل حركة النقل من المتوقع أن تخفض حجم الطلب على النفط، كما أن تعطل إنتاجية المصانع من المتوقع أيضاً أن تخفض من حجم الطلب على البتروكيماويات؛ مما يدل على أن أسعار النفط والبتروكيماويات من المتوقع أن تشهد هبوطا بسبب ذلك؛ وهو ما قد يؤثر في صادرات المملكة من النفط والبتروكيماويات من حيث الحجم والقيمة. بقي أن أشير إلى أن أي تسرُّب لإشعاعات نووية سيفاقم من الوضع المتردي وبشكل كبير، حيث إن ذلك سيؤدي إلى توقف الأنشطة الاقتصادية على نطاق جغرافي أوسع (ربما لدول مجاورة من اليابان) ولفترة زمنية أطول وهو ما لا نتمناه على أي حال.
إنشرها