Author

شركات الاستقدام .. هل هي لغز الألغاز؟

|
وأيضاً اليوم سوف نواصل الحديث عن المجالات التي تحتاج إلى التحرك العاجل .. وفيها (مجالات عمل) جيدة وواسعة .. وفوق هذا لها آثارها الوطنية العديدة، ونقصد إعادة تنظيم قطاع استقدام العمالة، وهذا القطاع تضربه الفوضى، والمكاتب العاملة فيه أغلبها مكاتب هي أقرب إلى السمسرة وتدار بالتستر التجاري, ونستثني عددا من المكاتب التي يقوم عليها ملاكها السعوديون ويتابعونها بأنفسهم ويعملون بطريقة محترمة, انطلاقا من حرصهم على سمعتهم وحرصهم على الجانب الوطني، إنهم مستثمرون جادون بلا شك. أبرز الأفكار التي طرحت منذ أكثر من خمسة عشر عاماً هو ضرورة إلغاء المكاتب والعمل بنظام جديد يتيح قيام (شركات مساهمة كبرى) لاستقدام العمالة، فالأضرار الوطنية للفوضى القائمة الآن أصبحت تمس سلامة الأمن الوطني، وتمس سمعة بلادنا، وتؤثر على مصالح أغلب الناس الذين هم ضحية مكاتب الاستقدام وتلاعباتها مع الشركات والسماسرة في الدول المصدرة للعمالة. هذا المشروع الوطني ظل يتعثر لسنوات طويلة .. وكأنه مشروع لإنتاج الطاقة الذرية! ولا ندري ما هي المعوقات العظيمة التي تؤخره، ولا نعرف من هو صاحب القرار لإخراجه، السؤال: هل فقدت الدولة إرادتها إزاء هذا الملف؟! الشركات المقترحة لاقتصار نشاط الاستقدام فيها هي خطوة ليست جديدة، فقد سبق أن ألغت الدولة مؤسسات الصرافة الصغيرة ودمجتها في بنك واحد، وبما أن هذه الخطوة تمت لأهداف وطنية رأتها الدولة، لذا لم يعترض أحد، فمصلحة الوطن فوق الجميع، حتى لو كان هناك ضرر، فالتضحية واجبة .. والدولة ضحت بالكثير لأجل بناء القطاع الخاص وعدم الإضرار بمصالح الناس. الشركات الجديدة إذا قامت برؤوس أموال كبيرة وتملّكت الدولة فيها حصة رئيسية وطرحت حصة منها كمساهمة عامة, فإنها سوف تتيح الفرصة لآلاف السعوديين ليعملوا في هذه الشركات, خصوصاً أن نشاطها مناسب جداً للقوى العاملة متوسطة التأهيل، فالمستويات الوظيفية التشغيلية لا تحتاج إلى معرفة ومهارة متقدمة. كما أن القيادات المتعلمة والمتخصصة في نشاط الموارد البشرية التي تحتاج إليها هذه الشركات, متوافرة، والطلاب الذين ابتعثوا في إطار برنامج خادم الحرمين الشريفين بدأت طلائعهم تعود بالشهادات المتخصصة، فهؤلاء نواة لإدارة عمليات هذه الشركات. أيضاً العاملون في هذا القطاع من أصحاب المكاتب القائمة يشكلون رافداً مهماً لإنجاح شركات الاستقدام، كما أن هذه الشركات سوف تتيح، عبر أسلوب المشاركة، الفرصة لقيام مكاتب صغيرة يملكها سعوديون تحت إشرافها وتوجيهها وطبقاً لضوابطها، وهذا يفتح خطاً جديداً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجال الاستقدام. نرجو أن يرى مشروع هذه الشركات النور، فليس هناك مبرر أن يترك هذا القطاع الحيوي لمكاتب هي أقرب للسمسرة والمتاجرة بالتأشيرات، وهذا يتم رغم المحاذير والمخاطر والمشاكل التي نلمسها الآن من أغلب نشاط مكاتب الاستقدام .. لقد أصبح المواطن ضحية تلاعب هذه المكاتب، كما أننا بسبب سوء عمل هذه المكاتب أصبحنا عرضة لهجوم منظمات حقوق الإنسان، فنحن ضحية, والعمالة ضحية أيضاً بسبب تلاعب المكاتب الوسيطة في بلادها, خصوصاً أن أغلب هذه المكاتب يملكها أشخاص متنفذون في حكومة بلادها، لذا هم يتسترون على مشاكلها وتلاعبها .. فكل عامل يأتي ولديه قصة مؤسفة من المعاناة، حيث الإجراءات الطويلة والرسوم العالية! نرجو أن يرى هذا المشروع النور، ونرجو ألا تكون هناك مصالح خاصة تعطله، نرجو ذلك، ونجزم أن إرادة الدولة هي الأكبر، فالمصلحة العليا لا يساوم عليها.
إنشرها