المصارف السعودية تمتلك سيولة تمكنها من تمويل جميع النشاطات الاقتصادية

المصارف السعودية تمتلك سيولة تمكنها  من تمويل جميع النشاطات الاقتصادية

المصارف السعودية تمتلك سيولة تمكنها  من تمويل جميع النشاطات الاقتصادية

المصارف السعودية تمتلك سيولة تمكنها  من تمويل جميع النشاطات الاقتصادية

المصارف السعودية تمتلك سيولة تمكنها  من تمويل جميع النشاطات الاقتصادية

المصارف السعودية تمتلك سيولة تمكنها  من تمويل جميع النشاطات الاقتصادية

أكد الدكتور سعيد الشيخ كبير الاقتصاديين لمجموعة الأهلي المالية عضو مجلس الشورى، أن المصارف السعودية تجاوزت جميع تداعيات الأزمة المالية العالمية، بمستوى وصفه بـ ''جيد جدا إلى ممتاز''، وأن المصارف المحلية تمتلك مستويات عالية من السيولة ستمكنها من تمويل الكثير من النشاطات الاقتصادية على كبرها واختلافها، خلال العام الحالي 2011، وعام 2012، خاصة في ظل التحسن الاقتصادي العالمي والمحلي معا، إضافة إلى المشاريع الكبيرة التي تم الإعلان عنها سواء من قبل الدولة أو من قبل القطاعات شبه الحكومية مثل ''أرامكو السعودية'' و''سابك''، وبعض جهات القطاع الخاص. وأبدى الشيخ إعجابه بقدرة النظام المصرفي السعودي على تجاوز الأزمة المالية العالمية، حيث استطاعت المصارف العاملة في المملكة اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية مراكزها المالية، إذ إنها تمتلك الآن رسملة عالية. وتحدث الدكتور الشيخ خلال استضافته في نادي الاقتصادية الصحفي في مقر الشركة السعودية للأبحاث والتسويق في الرياض، عن الوضع الذي يشهده القطاع المصرفي بعد عرض نتائجه التي حققها خلال العام الماضي 2010، ومقارنتها بعام 2009، كما تطرق إلى الآلية التي تعامل بموجبها القطاع المصرفي مع الأزمة المالية العالمية. وقدم الدكتور الشيخ أمام ضيوف نادي الاقتصادية القول الفصل فيما ذهبت إليه آراء البعض من المراقبين والمحللين الاقتصاديين المنقسمين بين مؤيد ومعارض حول فترة انتهاء تأثيرات الأزمة المالية العالمية في القطاع محليا، حيث عرض عددا من الإحصاءات الاقتصادية التي تضمنت معلومات تشير إلى أن البنوك السعودية تملك الآن من السيولة ما يفي باحتياجات القطاع الخاص، وأن الاحتياطيات الإضافية التي أودعتها البنوك لدى مؤسسة النقد وصلت إلى نحو 70 مليار ريال من الأموال التي لم تجد فرصة في الإقراض أو الاستثمار، وأن صافي الاستثمارات الأجنبية في البنوك السعودية وصل إلى ما يقارب 109 مليارات ريال بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2010، مبينا أن الملاءة المالية للقطاع المصرفي السعودي وصلت إلى نحو 17 المائة، في حين أن النسبة المطلوبة لهذا الجانب من قبل لجنة بازل الدولية هي 8 في المائة. إلى التفاصيل: #2# قال الدكتور سعيد الشيخ كبير الاقتصاديين لمجموعة الأهلي المالية عضو مجلس الشورى، إن هيكلة القطاع المصرفي السعودي ومثلها القطاعات المصرفية للدول الخليجية، شهدت تغييرا خلال الفترة الماضية من 2004 حتى 2010، خصوصا أن هذه الفترة ما بين 2004 حتى عام 2009 كانت فترة استثنائية بالنسبة للاقتصاد السعودي, إذ تراوح مستوى النمو بالأسعار الحقيقية ما بين 4 و 5 في المائة، حيث ارتفعت نسبة الأصول إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة من 68 في المائة إلى 95 في المائة، وفي هذا دلالة على ارتفاع قدرة مؤسسات وشركات القطاع الخاص على الحصول على التمويل، وهو ما يعني زيادة عمق القطاع المصرفي, مستفيدا من النمو الاقتصادي المرتفع خلال الفترة ما بين 2004 حتى 2008. ورغم الأزمة المالية وآثارها السلبية في القطاع لعامي 2009 و2010 استمرت الأصول تنمو، لكن بنسب متدنية مقارنة بما كانت عليه هذه النسبة خلال الفترة من عام 2004 إلى 2008. وبين الدكتور الشيخ أن المساهمة الأكبر في هذه الأصول كانت في محفظة الإقراض، ولكن تفاوتت هذه النسبة ما بين دول الخليج، فمثلا في الإمارات ارتفعت من 61 في المائة في عام 2004 إلى 137 في المائة في عام 2009، وفي الكويت من 112 في المائة إلى 140 في المائة خلال الفترة نفسها. وواصل الدكتور الشيخ حديثه: "إذا نظرنا إلى إجمالي أصول القطاع المصرفي فقد بلغت في المملكة العربية السعودية 1,3 تريليون ريال، لتحتل الحصة الأكبر وما نسبتها 36 في المائة من إجمالي الأصول على مستوى دول الخليج في نهاية 2009. وكما ذكرت مسبقاً فقد استفادت القطاعات المصرفية الخليجية من النمو الكبير في اقتصادياتها حيث كانت الأصول تنمو بمتوسط تراكمي بلغ 28.2 في المائة خلال الفترة من 2004 إلى 2008، إلا أن وتيرة هذا النمو تباطأت إلى 5.5 في المائة في عام 2009، وشكلت محفظة القروض الحصة الأكبر من أصول البنوك بنحو 66 في المائة من إجمالي الأصول للقطاعات المصرفية الخليجية. تراجع محافظ القروض عام 2009 لم يشهد نموا في الإقراض في المملكة، بل شهد انخفاضا، مما يعني أن ما يصل إلى البنوك من سداد يتجاوز ما قدمته البنوك من إقراض جديد, وبالتالي تراجعت محفظة القروض في عام 2009 بقرابة أربعة مليارات ريال. طبعا هناك أسباب عدة أدت إلى هذا التراجع أولها النمو الكبير في محفظة الائتمان خلال الفترة بالذات من 2004 إلى 2008 ، فعلى سبيل المثال وصلت الزيادة في محفظة القروض بمقدار 155 مليار ريال في عام 2008 ونحو 95 مليار ريال في عام 2007، وإن هذه الزيادات الكبيرة في الإقراض خلال الفترة التي سبقت حدوث الأزمة المالية في نهاية 2008 وضع البنوك في ظرف مختلف عن الظروف السابقة مما دفع البنوك إلى الحذر وإعادة تقييم محافظ القروض. ثانياً، إن انكماش الاقتصاد العالمي وكذلك تباطؤ نمو الاقتصاد المحلي، أثارا مخاوف البنوك من أن تتأثر بعض الشركات العاملة في القطاع الخاص إما نتيجة لعوامل داخلية مرتبطة بالاقتصاد السعودي من انخفاض الطلب على منتجات هذه الشركات, أو أن تكون هذه الشركات تعمل في قطاعات تصديرية, وبالتالي تتأثر بما يحدث عالمياً وأن ينعكس ذلك على أدائها وبالتالي على قدرتها على سداد التزاماتها للبنوك. وبالفعل فقد تحققت مخاوف البنوك حيث وجدنا أن هناك ارتفاعاً في تعثر السداد لبعض مؤسسات القطاع الخاص مع بداية عام 2009، و بدأت البنوك في مراجعة سياساتها الائتمانية ومن ثم التحفظ في الإقراض. ثالثاً، صاحب ذلك أيضاً تدن في الطلب على الإقراض، إذ إن بعض الشركات أرجأت خطط التوسعة، كما ألغيت أو أجلت بعض المشاريع التي كان من المنتظر أن يتم ترسيتها في عام 2009. وهذه الأمور مجتمعة تسببت في هذا الانكماش في محفظة القروض في عام 2009، إلا أن محفظة القروض عاودت النمو من جديد في عام 2010 لترتفع بقرابة 34 مليار ريال بنهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) للعام الماضي. إن الدور الكبير الذي قامت به البنوك في توفير الائتمان الذي جاء مثلما ذكرت ارتفع في عام 2008 فقط بنحو 155 مليارا لتصل محفظة القروض إلى قرابة 750 مليار ريال، أي أنها تضاعفت ثلاث مرات من 250 مليار ريال في عام 2003، وهذا يطرح تساؤلاً مهماً وهو: من أين تولدت هذه السيولة الكبيرة لدى البنوك حتى تستطيع أن تقرض هذا المبلغ الكبير؟ وهل كانت متوافرة في السابق ولم تقرضها, أم أنها توافرت خلال الفترة ما بين عام 2003 وعام 2008؟ تضاعف حجم محفظة القروض في الفترة 2003 إلى 2008 في حقيقة الأمر هناك أسباب جوهرية أدت إلى ذلك، أولها الإنفاق الحكومي الكبير في تلك الفترة, خاصة تركيز ذلك الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، إذ إن هذا الإنفاق يمثل ضخاً للسيولة في الاقتصاد وبالتالي يرتفع نتيجة لذلك مستوى السيولة في النظام المصرفي. ثانياً، اتجهت السياسة المالية مثلما نعرف في الفترة الماضية ما بين 2003 وحتى 2010 إلى خفض الدين العام من قرابة 700 مليار ريال إلى 176 مليار ريال بنهاية عام 2010، بمعنى آخر أن سداد مديونية الحكومة للبنوك ولمصلحة المعاشات والتقاعد وللتأمينات الاجتماعية بما يتجاوز 500 مليار ريال، يكون قد ضخ هذه الأموال في النظام المصرفي. ثالثا، شهدت هذه الفترة من 2005 وحتى 2009 ارتفاعا في وتيرة تدفقات الاستثمار الأجنبي لتتراوح عند نحو 30 مليار دولار سنوياً، وبالطبع فإن دخول هذه الأموال إلى المملكة أسهم في رفع مستوى النقد في الاقتصاد وبالتالي في النظام المصرفي؛ فلذلك هذه العوامل الثلاثة أسهمت في توافر هذه السيولة التي مكنت البنوك من القيام بالتوسع في الإقراض، كما يدل على ذلك ارتفاع نسبة الودائع إلى إجمالي الناتج المحلي غير النفطي من 88 في المائة في عام 2005 إلى 131 في المائة بنهاية 2010 في ظل ارتفاع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بشكل كبير خلال هذه الفترة. وطبعاً مع توافر السيولة لدى البنوك في جانب العرض وفي ظل توسع النشاط الاقتصادي في البلاد قابله طلب على الائتمان من قبل شركات القطاع الخاص لغرض تمويل المشاريع الجديدة والتوسع في أعمالها القائمة، وبالتالي نجد أن هذا النمو في الائتمان وصل إلى حدته في عام 2008 عندما وصلت نسبة القروض إلى الودائع نحو 85 في المائة في عام 2008، وهي أعلى نسبة تصل إليها نسبة القروض إلى الودائع على الأقل خلال العشرين سنة الماضية إذ كانت عادة تتراوح ما بين 70 80 في المائة. غير أنه بعد انخفاض الطلب على الائتمان من قبل مؤسسات وشركات الخاص وتحفظ البنوك مثلما ذكرت مسبقاً في أعقاب الأزمة المالية فقد تراجعت نسبة القروض إلى الودائع في عام 2009 إلى 75 في المائة وفي عام 2010 يقدر أنها وصلت إلى 72 في المائة، بمعنى أن هناك سيولة فائضة تتجاوز حاجة الاقتصاد إليها خلال هذه الفترة. مخصصات البنوك فيما يتعلق بالأداء، يقول الشيخ: "إن التحدي الكبير الذي واجهته البنوك خصوصا في عام 2008 هو تأثر محفظة الاستثمار في الربع الرابع لعام 2008، إذ كانت هذه المحفظة تحمل بعض الأدوات الاستثمارية كالتزامات ضمان الدين وبعض صناديق التحوط المنكشفة على السوق الأمريكية، وبالتالي عندما تعرضت هذه المنتجات إلى انخفاض في قيمها أو إلى خسارة اضطرت البنوك أن تجنب جزءا من أرباحها كمخصصات لتعويض هذا الانخفاض في قيمة الأصول من أجل حماية مراكزها المالية، حيث بلغت نحو خمسة مليارات ريال في نهاية عام 2008 ". وتابع حديثه : "بدأ التأثر يحدث في محفظة الائتمان مع بداية عام 2009 وحتى عام 2010، إذ تركز في ثلاثة قطاعات، حيث كان القطاع الأكبر تأثيراً في تدهور محفظة القروض هو قطاع التجارة بقرابة 44 في المائة من إجمالي القروض المتعثرة ( المشكوك في تحصيلها) ، يليه قطاع الصناعة بنحو 14 في المائة، ثم قطاع الإنشاء 11 في المائة من إجمالي القروض المتعثرة. ونتيجة لهذا الأمر ارتفعت نسبة القروض المتعثرة إلى نحو 3.5 في المائة من إجمالي محفظة القروض بنهاية عام 2009، كما يقدر أنها بقيت عند هذا المستوى في عام 2010، ليصل إجمالي القروض المتعثرة إلى نحو 26 مليار ريال بنهاية 2009. وهذه النسبة تعتبر عالية إذا ما قورنت بالسنوات الماضية، حيث كانت نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض 1.4 في المائة في عام 2008. وقد جنبت البنوك جزءًا من أرباحها لحماية مراكزها المالية ولتغطية هذه القروض المتعثرة, فوصلت نسبة التغطية في نهاية عام 2009 إلى نحو 90 في المائة من مستوى 150 في المائة في عام 2008. وقال الدكتور الشيخ إنه بناءً على نتائج الربع الثالث من عام 2010 هناك ما يشير إلى أن نسبة التغطية للديون المشكوك في تحصيلها تجاوزت 100 في المائة. وفي هذه الفترة أيضاً ورغم المخصصات الكبيرة، فقد استمرت البنوك في تحقيق الأرباح خلال عام 2009 وعام 2010، إذ وصل إجمالي ربحية البنوك إلى 20 مليار ريال للفصول الثلاثة من عام 2010، منخفضة بنحو 8 في المائة مقارنة بنفس الفترة من 2009، إلا أنه في تقديري بناء على ما تم من نشره من النتائج المالية لبعض البنوك حتى الآن، فمن المتوقع أن يكون مستوى الربحية قد حقق زيادة في نهاية عام 2010 بنحو 3 في المائة عن عام 2009. ونتيجة لذلك فإن العائد على رأس المال من المتوقع أن يكون قد وصل إلى 16 في المائة، وأيضاً العائد على الأصول وصل إلى 2 في المائة في نهاية عام 2010، وهذه النسب تبقى جيدة جدًا إذا تمت مقارنتها بالبنوك الأخرى على المستويين الإقليمي والعالمي؛ ولكنها مقارنة بسنوات سابقة خاصة في الفترة ما بين 2004 و2006 تبقى متدنية، لأنه في عام 2006 كان العائد على رأس المال للبنوك السعودية قد بلغ نحو 34 في المائة، وكذلك الحال بالنسبة للعائد على الأصول فقد بلغ 4 في المائة. البنوك ترفع صافي الاستثمارات الأجنبية إلى 109 مليارات ارتفعت بنهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 صافي الاستثمارات الأجنبية للبنوك إلى قرابة 109 مليارات ريال، بمعنى أن البنوك السعودية تمتلك أصولا استثمارية معظمها في سندات السوق الأمريكية, وبعض الأصول الأخرى في أوروبا ودول أخرى. كما تحتفظ البنوك السعودية باحتياطيات إضافية لدى مؤسسة النقد تقدر بنحو 70 مليار ريال بنهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، مما يعني أن البنوك تمتلك ما قدره 180 مليار ريال من السيولة من الممكن توظيفها في تمويل مؤسسات وشركات القطاع الخاص والمساهمة في تمويل بعض المشاريع العملاقة التي يتم ترسيتها من قبل أرامكو السعودية وسابك وغيرها من الشركات الكبرى. كما أننا نجد أن الملاءة المالية للبنوك السعودية في ظل هذا الوضع بقيت جيدة إذ وصلت في عام 2010 إلى 17 في المائة، في حين أن المتطلبات النظامية هي 8 في المائة فقط، وإن كانت هذه النسبة متفاوتة ما بين البنوك السعودية، فقد بلغ الحد الأدنى لأحد البنوك قرابة 10 في المائة. أما بالنسبة لكفاءة النظام المصرفي كمعيار لكفاءة تشغيل الأصول والذي يقاس من خلال علاقة الدخل إلى التكاليف، فقد وصلت إلى 34.3 في المائة في عام 2008 نتيجة لتوسع أنشطة البنوك وارتفاع التكاليف التشغيلية من مستوى 26.3 في المائة في عام 2006، غير أنها تحسنت قليلاً إذ انخفضت إلى 33.7 في المائة في عام 2009، وربما تكون قد وصلت إلى نحو 32 في المائة في عام 2010، وهذا بالطبع بعد استبعاد المخصصات، حيث اتجهت معظم البنوك إلى خفض التكاليف التشغيلية في أعقاب تأثير الأزمة المالية عليها. المداخلات د. سليمان العريني: كان بودنا أن نعرف كم إجمالي حجم أصول المصارف السعودية؟ الأمر الآخر أعتقد أن رقم حجم الاستثمار الأجنبي الذي يتم تداوله والذي ذكرته قبل قليل وهو 30 مليار ريال في 2010 رقم مبالغ فيه جدا، في الوقت الذي لم تصدر إي إحصائية رسمية تؤكد الحجم الفعلي لذلك. إجمالي الأصول بالنسبة للبنوك السعودية يصل إلى 1,4 تريليون ريال بنهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) 2010، أما فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية، فأنا ذكرتها هنا كأحد العوامل التي أسهمت في ارتفاع مستويات السيولة في الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية التي هي من 2004 وحتى 2009، مثلما ذكرت خفض الدين العام، وكذلك مستوى الإنفاق الحكومي، والمقصود هنا العوامل التي أسهمت في ارتفاع مستويات النقد، عندما تتضاعف محفظة الإقراض بثلاث مرات خلال فترة قصيرة من عام 2003 وحتى عام 2008 من 250 مليار ريال إلى 750 مليارا؛ فقد يتساءل البعض من أين تولدت هذه السيولة الكبيرة؟ نعم هناك استثمارات أجنبية, ولا أقصد أن كل قيم الاستثمارات الأجنبية تبقى, وإنما جزء منها يتجه لتمويل الواردات من آليات ومكائن، وبالتالي هناك تسرب لهذه السيولة؛ ولكن على العموم هناك جزء بلا شك ينفق داخلياً. أيضاً فيما يتعلق بالتحويلات، فإنه بلا شك أن التحويلات من العمالة الوافدة الموجودة في المملكة خصوصاً أنها كبيرة، ففي عام 2009 حسب بيانات مؤسسة النقد وصلت إلى 95 مليار ريال، هي الأخرى تمثل تسرباً للسيولة مقابل ما تقدمه هذه العمالة من خدمة للاقتصاد. صحيح أن الأزمة المالية العالمية ما زلنا نعانيها، ولكن ليست بمستوى الحدة التي عانينا منها في بداية عام 2008 و خلال عام 2009. والحقيقة أن بوادر ومؤشرات الانتعاش بدأت تحدث في بعض الاقتصادات، ومنها الاقتصاد الأمريكي وبعض الاقتصاديات في أوروبا إذا ما استثنينا الدول الطرفية فيها مثل اليونان، إسبانيا، وإيرلندا والبرتغال. إن مركز أوروبا هو ألمانيا وفرنسا اللذين شهدا تحسناً في أداء اقتصاديهما، وبالنسبة لليابان رغم أن معدلات النمو المتوقعة لعام 2011 ستكون أقل منها في عام 2010، إلا أنها ليست أقل بكثير عما حدث في عام 2010. وكذلك إذا ما نظرنا مثلاً إلى أسعار النفط، حيث إنها محرك رئيسي للنشاط الاقتصادي في منطقة الخليج خاصة في السعودية نجد أنها وصلت إلى قرابة 95 دولارا للبرميل خلال كانون الثاني (يناير) وكان متوسطها خلال كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي 88 دولارا للبرميل، والمتوقع أن يرتفع متوسطها في عام 2011 إلى 85 دولارا للبرميل؛ فبالتالي وبناء على هذه المعطيات فإن آفاق الاقتصاد العالمي هي أفضل مما كانت عليه في عام 2009 و2010. وعندما ذكرت أن البنوك السعودية استطاعت تجاوز هذه الأزمة، فذلك لأن حدة الأزمة كانت في عامي 2009 و2010 عندما تأثرت بعض الشركات، سواء نتيجة التباطؤ في الاقتصاد المحلي أو نتيجة اعتماد هذه الشركات على التصدير، وبالتالي كان هناك انخفاض في أسعار السلع المصدرة مثلما حدث للشركات البتروكيماوية مثل "سابك" في عام 2009 ،إذ انخفضت أسعار البتروكيماويات فلم تكن عوائدها مثلما كانت عليه في السنوات السابقة. مخصصات البنوك وتدخلات مؤسسة النقد مداخلة: إلى أي مدى تتدخل مؤسسة النقد في أداء البنوك، خاصة فيما يتعلق بالمخصصات، وما آلية أخذ المخصصات، وهل البنوك لديها المرونة في أخذ مخصصات أكثر أو أكبر بناء على أوضاعها الداخلية أو أوضاع الاقتصاد العام؟ طبعاً من المعتاد أن البنك المركزي لا يتدخل في هذا الأمر وإنما جهات المحاسبة والتدقيق وأيضاً جهات التصنيف هي التي تراجع مع البنوك محافظها الإقراضية، ويتم التقدير العلمي لما هو مطلوب من مخصصات لقروض متعثرة أو قابلة للتعثر. عند صدور النتائج المالية لعام 2009 كانت البنوك قد أصدرت ضمن بياناتها المالية بعض الأرقام المتعلقة بالمتأخرين عن السداد للقروض لفترة 60 يوما و90 يوماً و لا يطلق عليها متعثرة، ولذلك كان بالإمكان من خلال استعراض هذه الأرقام سواء على مستوى البنك الواحد أو مستوى القطاع البنكي، استقراء أن عام 2010 سيشهد نموًا في الديون المتعثرة وأيضاً صعوداً في المخصصات، وبالتالي هناك مؤشرات تدل على ذلك وتتم مراجعة هذا الأمر مع شركات المحاسبة والتدقيق التي تعتمد القوائم المالية وأيضاً مؤسسات التصنيف الدولية. #3# 137 مليار ريال ضمانات مرهونة لدى البنوك نجيب الزامل: ما وجه المقارنة بين الخطورة التي تواجهها البنوك المحلية قياساً بالبنوك الخارجية، على اعتبار أن الأخيرة تتعرض لمنافسة أكثر، في حين أن البنوك المحلية قد تكون محمية فعلاً بسبب عددها القليل في سوق كبيرة من ناحيتين: الأولى الطلب المرتفع في الأعمال والثانية حجم الطلب على الإقراض؟ لقد قامت البنوك بمراجعة سياستها الائتمانية في عامي 2009 و 2010، وكذلك دراسة كفاءة إدارات المخاطر لديها، وبالذات عندما نتكلم عن المخاطر السوقية أو المخاطر الائتمانية أو مخاطر السيولة, كما سعت إلى تطوير مستوى الكفاءات البشرية في إدارات المخاطر. وطبعاً بعد مضي خمس سنوات من النمو الكبير في الائتمان، في ظل أوضاع مطمئنة جداً، وزيادة سنوية في محفظة الائتمان بنحو 30 في المائة، فقد ولد هذا الوضع نوعاً من التراخي إلى حد ما بالنسبة للبنوك وشعور بأن الأمور تسير بشكل إيجابي وليس هناك ما يثير القلق. ولكن عندما حصلت الأزمة في نهاية 2008، وتأثرت بعض الشركات العاملة في قطاع التجارة وقطاع الصناعة وقطاع التشييد، وبالتالي انعكست هذه التأثيرات على قدرة هذه الشركات في سداد التزاماتها فوجئت البنوك بوضع لم تعتد عليه في السنوات السابقة. هذا الأمر دفعها إلى مراجعة سياستها الائتمانية، حيث تمثل في بعض الإجراءات التي منها متطلبات إضافية فيما يتعلق بالإفصاح والشفافية لأوضاع الشركات مالياً وأيضاً أنظمة الحوكمة في هذه الشركات، وذلك لكي يتم التأكد من سلامة الوضع المالي والنظامي للشركة، ومعرفة مقدرة إدارة الشركة المقترضة على مواجهة أي تحديات، مثلما حدث لبعض بيوتات الأعمال في السعودية خلال الفترة الماضية. وفيما يتعلق بحجم الخطورة التي تواجهها البنوك الأجنبية أو الدولية مقارنة بالبنوك المحلية، لا شك أن البنوك الدولية تواجه مخاطر أشد خطورة من تلك التي تواجهها البنوك السعودية؛ وفي اعتقادي أن البنوك السعودية أكثر تحفظاً من البنوك الأجنبية خصوصًا تلك بنوك الدول المتقدمة، والدليل على ذلك مثلما أشرت إليه مسبقاً، أن الملاءة المالية تصل عند البنوك السعودية وحتى في سنوات النمو العالي بين 2003 و2008 إلى 17 في المائة, وربما أعلى من ذلك، بمعنى أن البنوك تحتفظ بسيولة عالية تفوق ما هو مطلوب عند 8 في المائة ولا تسخر هذا الفارق في الإقراض. أيضاً البنوك المحلية لها ظروف استثنائية؛ خاصة فيما يتعلق بالبيئة القانونية وفض المنازعات ما بين المقترض والمقرض، إذ لسنا بعد في بيئة مثالية فيما يتعلق بهذا الأمر، ولذلك تجد البنوك المحلية لا تكتفي بتقييم المشروع الذي تمويله للعميل ومدى قدرة هذا المشروع بحد ذاته على سداد الدين، وإنما تطلب من هذا العميل ضمانات. وفي غالبية التمويل للشركات والمؤسسات المتوسطة والصغيرة فإن البنوك تتطلب ضمانات خوفًا من التعثر لهذا العميل، حيث إن موضوع التقاضي لا يتم من خلال محاكم تجارية بعد، وإنما تحال هذه القضايا إلى لجنة تسوية المنازعات في مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما). وإذا ما نظرنا إلى البنوك السعودية إلى نهاية الربع الثالث فعندها ضمانات مرهونة بنحو 137 مليار ريال. إذاً البنوك تأخذ احتياطياتها بأكثر من اللازم نظرًا للظروف البيئية القانونية. أما في الدول المتقدمة فليس الوضع كما هو عليه لدينا، إذ إن البيئة القانونية توفر طمأنينة أكثر للبنوك، ومن ثم لا تتحفظ البنوك كثيراً ويصبح تأثيرها في الاقتصاد أكثر إيجابياً إذ إنها تستطيع أن تمول بأقل المخاوف؛ ولكن الحذر أكثر بالنسبة للبنوك المحلية، خاصة أن هذه الأموال التي تقرضها هي أموال مودعين وبالتالي هي ملزمة أمام المودعين وأيضا ملزمة أمام ملاك الأسهم بالمحافظة على أموالهم، و هذا يعني أن الأمر ليس بالسهل، لذلك فإن البنوك السعودية متحفظة أكثر من البنوك الدولية. #4# مستقبل البنوك والظروف السياسية المحيطة د. محمد الجديد: من الملاحظ أن البنوك اتجهت إلى تقليل حصة الاستثمارات لصالح حصة القروض في سنة 2010 ، حيث تعدى معدل القروض 58 في المائة، بينما المعدل في السنوات الماضية 34 في المائة كيف تقرأ ذلك؟ السؤال الثاني: نجد أن العائد على الأصول من عام 2006 وصل إلى 4.3 في المائة, وانخفض في 2010 إلى 1.9 في المائة، فما هو مستقبل العائد على الأصول؟ السؤال الثالث: كيف ترى وضع القطاع المصرفي خلال السنوات الثلاث المقبلة، في ظل الظروف السياسية المحيطة، استنادا إلى ما حدث في تونس ومصر؟ بالنسبة لسؤالك حول تراجع حصة الاستثمار لمصلحة محفظة القروض؛ إذا نظرنا إلى ما يوجد على محفظة الاستثمار فقد كان معظمها سندات حكومية داخلية لما يسمى بسندات التنمية, وأيضاً سندات في السوق الأجنبي وبالذات في السوق الأمريكية. وفي حين أن الدولة بدأت بسداد مديونيتها للبنوك خلال السنوات الماضية، إذ لم تقم بتدوير السندات التي انتهت فترة استحقاقها حيث يشكل هذا الأمر السبب الرئيسي في تراجع حجم محفظة الاستثمار. والسبب الثاني يعود إلى البحث عن العائد الأعلى، إذ وجدت البنوك وبعد إدخال نظام "سريع" وتحويل الرواتب إلى البنوك مباشرة حسب اختيار الموظف وبالذات ما بين 2002 إلى 2006 مع ارتفاع الطلب على القروض الشخصية أن تسخر بعض الأموال من محفظة الاستثمار للتوسع في القروض الشخصية، ومن ثم أعقب ذلك نمو في الإقراض من قبل الشركات ما بين 2006 و 2008. وفي الوقت ذاته عندما مكن هذا الأمر البنوك من تحقيق عائد أعلى ساهم ذلك في تفعيل النشاط الاقتصادي من خلال تمويل الأفراد والشركات. غير أن هذا التوجه تباطأ خلال عامي 2009 و2010، فمع محدودية النمو في الإقراض، ارتفع صافي الاستثمارات الأجنبية لدى البنوك ليصل إلى 109 مليارات ريال. #5# أما فيما يتعلق بالعائد على الأصول، نعم تراجع من 4.3 في المائة إلى 1.9 في المائة، وكما ذكرت مسبقاً، جاء هذا التراجع نتيجة لتدني نمو الربحية خلال هذه الفترة وبالذات ما بين 2008 وحتى عام 2010 نتيجة للمخصصات الكبيرة التي وضعتها البنوك. وفيما يتعلق بالظروف السياسية الحاصلة في بعض الدول العربية طبعاً لا نستطيع أن نستقرئ ما سيحدث في المنطقة العربية كلها. ولكن إذا نظرنا إلى منطقة الشرق الأوسط وترابطها، وبالذات كونها مصدرا رئيسيا لصادرات النفط إلى العالم، فعندما تحدث أي قلاقل سياسية لا شك أن المنطقة ككل تتأثر. وإذا ما افترضنا أن أزمة مصر امتدت إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، فإن ذلك سيؤدي إلى قيام مؤسسات التصنيف السيادي بمراجعة هذا التصنيف ووضعه تحت المراقبة وربما خفضه. وإذا ما حدث ذلك فسوف يؤدي هذا الأمر إلى تدني الاستثمارات الأجنبية للمنطقة ككل، وبما فيها المملكة رغم الأوضاع المستقرة في المملكة، خوفًا من تبعات هذه الأزمة في منطقة ما على المناطق المحيطة. كما أنه مع خفض التصنيف السيادي، ترتفع تكلفة إصدار السندات الدولية المقومة بالدولار أو اليورو. وإلى جانب هذه الأمور التي قد تأتي مباشرة على البنوك، طبعاً هناك أمور غير مباشرة قد تكون إلى حد ما إيجابية، إذ إن هذه الأزمات في المنطقة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط مثلما حدث في أوضاع العراق في فترات ماضية, حيث ارتفعت أسعار النفط وبالتالي إلى تحسن في الميزانية العامة وأيضاً في ميزان المدفوعات، إلى جانب نمو أعلى لإجمالي الناتج المحلي للبلاد. مشاركة البنوك السعودية في التنمية مداخلة: د. خالد العثمان: ما دور البنوك السعودية في التنمية؟ وهل لدخول البنوك الأجنبية دور في رفع كفاءة النظام المصرفي؟ وكيف تنظر إلى البنوك الإسلامية وهل تشكل إضافة جيدة؟ في تقديري أنه بالنظر للبنوك خلال الفترات الطويلة الماضية وليس فقط خلال السنوات الخمس أو العشر الماضية, وإنما خلال الـ 30 سنة الماضية، أنا أعتقد أن البنوك في ظل محددات وتطورات بيئة الأعمال سواء على مستوى النمو الاقتصادي و السياسات المالية والاقتصادية والبيئة النظامية والقانونية، أعتقد أن البنوك أسهمت إلى حد كبير جداً في تنمية القطاع الخاص وحتى في مساعدة الحكومة على سد عجز الميزانيات في التسعينيات من خلال سندات التنمية الأمر الذي مكن الحكومة من الاستمرار في تنفيذ المشاريع التنموية، ولكن ليس هذا هو الدور الأساسي المعول عليه, إنما ما يعول عليها في الأساس هو توفير التمويل للقطاع الخاص حتى يوسع من طاقاته الإنتاجية وهذا ما تحقق فعلاً، إذ نما القطاع الخاص بنحو 48 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الحقيقية. وعلى العموم لم يكن لهذا أن يتحقق إن لم تقم البنوك بتمويل كثير من المنشآت وكثير من المؤسسات، و بلا شك بجانب الدعم الحكومي للقطاع الخاص. أما فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالك، فإن تركيبة القطاع الخاص الموجودة حالياً تشكل البيوتات العائلية حصة كبيرة منها، والبنوك ليس بمقدورها أن تغير هذه التركيبة في بيئة الاقتصاد المحلي، ولكن من خلال تمويلها لهذه البيوتات للتوسع وبناء المشاريع تسهم في تنمية الاقتصاد الوطني. كما أن هناك بعض البيوتات تحولت إلى شركات مساهمة, والبنوك مستمرة في تقديم الدراسات والمشورة المالية في هذا الدور. إن البنوك تقوم بتمويل الشركات المتوسطة والصغيرة ولكن ليس بحجم التمويل الذي تقوم فيه بالنسبة للشركات الكبيرة، وذلك لعدة أسباب، ولكن أهمها أن هذه الشركات الكبيرة لديها المقدرة على إعداد الميزانيات المالية المعتمدة من شركات التدقيق وبإمكانها تقديم الضمانات، وبالتالي تحافظ البنوك في ظل ظروف البيئة النظامية والقانونية على مراكزها المالية بما يضمن استمرارها وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. نعم، هناك من يطالب بتوسع البنوك في إقراضها لجميع المؤسسات، ولكن لو قامت البنوك بهذا التوسع غير المدروس، سيكون لهذا الأمر انعكاساته السلبية على البنوك وبالتالي على الاقتصاد، إذ إن انهيار بنك نتيجة تعثر في محفظة القروض سيكون سلبيا جداً على الاقتصاد ، وسيتضرر المساهمون والمودعون والموظفون، وستفقد الثقة بالبنوك الأخرى. وبالتالي يكون حرص البنوك مهماً، وطبعاً لا ينبغي أن يكون مبالغاً فيه بما يضيع فرصاً لنمو الاقتصاد، ولكن في ذلك الوقت يجب ألا يكون هناك استعجال وتهور بحيث ينعكس سلباً على البنوك والاقتصاد. إن البنوك السعودية مرت بتجارب وهي تستفيد من هذه التجارب، فلو نظرنا خلال فترة الثمانينيات عندما توسعت البنوك في تمويل القطاع الإنشائي وبالذات المقاولين خصوصًا خلال طفرة النمو الأولى في الجزء الثاني من السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وخلال الفترة المتبقية من الثمانينيات عانت البنوك كثيراً نتيجة لتباطؤ الاقتصاد، إذ تدنت قدرة "المقاولين" على سداد مديونياتهم ووصلت القروض المتعثرة إلى مليارات في تلك الفترة، ولولا أن قامت بوضع مخصصات كبيرة لما استطاعت أن تتجاوز تلك الأزمة. وأنا أعتقد أن البنوك قامت بدور كبير في التنمية، ونجد لها مساهمات كثيرة في تمويل المشاريع البتروكيماوية، ومصانع أسمنت وقطاع الكهرباء، إلى جانب مشاريع صناعية وعقارية كثيرة. وصحيح ما ذكرت أنه ينصب جزء كبير من تمويلها على قطاع التجارة, وذلك بحكم كبر حجم القطاع التجاري أولاً، ثم إن البنوك تعتمد على الودائع القصيرة الأجل، وهي لا تتمكن من التوسع في الإقراض الطويل الأجل، لأنه على البنوك أن تحقق المواءمة ما بين فترات السداد للأصول (القروض) والتزاماتها في جانب الخصوم (الودائع). وما دام الوضع هكذا نجد أن البنوك يتركز تمويلها على القطاع التجاري لأن فترة السداد قصيرة وبالتالي تجد نحو 60 في المائة من إقراض البنوك متجه نحو الإقراض القصير الأجل، ونحو40 في المائة للإقراض المتوسط وطويل الأجل، مثل قطاع الصناعة وقطاع المستشفيات وقطاع السياحة التي يكون فيها السداد طويل الأجل. لا شك أن التحفظ الذي حدث خلال الفترة الماضية انعكس على مجمل الشركات سواء كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، وفيما يتعلق بتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قامت البنوك بإنشاء إدارات متخصصة لتمويل المشاريع الصغيرة وبالتعاون مع صندوق التنمية الصناعية من خلال برنامج كفالة وبمشاركة من الدولة، إذ يوفر هذا البرنامج ضماناً أعلى للبنوك عندما تقوم بتمويل هذه المشاريع الصغيرة. ورغم حداثة هذا المشروع الذي أنشئ في عام 2006، فقد مول مجموعة كبيرة من المشاريع، وحتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2010، بلغ عدد الكفالات التي اعتمدها البرنامج نحو 1836 كفالة، بقيمة إجمالية قدرها 703 ملايين ريال، مقابل قروض منحتها المصارف السعودية تحت مظلة البرنامج تجاوزت قيمتها مبلغ 1.6 مليار ريال، استفادت منها نحو 1217 منشأة صغيرة ومتوسطة. البنوك الأجنبية بالنسبة لدخول البنوك الأجنبية وتأثيرها وهل يؤدي ذلك إلى رفع كفاءة النظام المصرفي؛ لا شك أن هذه الدخول رفعت من مستوى المنافسة في الخدمة وجودة المنتجات، وخاصة فيما يتعلق مثلاً بالمنتجات الاستثمارية، فإن البنوك الأجنبية تمتلك خبرات طويلة في أسواقها في تقديم المنتجات الاستثمارية وفي إدارة الثروات، وبالتالي فإن المنافسة من هذه البنوك أدت إلى زيادة كفاءة البنوك السعودية في هذا المجال، إلى جانب المنافسة في استقطاب الكفاءات البشرية وتطويرها. كما سعت البنوك إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة في المجال المصرفي، والآن أصبحت البنوك السعودية تجاري البنوك الدولية فيما يتعلق بمستويات التقنية، ولذا فإن دخول البنوك الأجنبية أسهم في رفع كفاءة البنوك في هذين الجانبين. المصرفية الإسلامية أما فيما يتعلق بمستقبل المصرفية الإسلامية وهل تشكل إضافة جيدة للعمل المصرفي في المملكة، أقول نعم، وبلا شك أن العمل المصرفي الإسلامي تطور تطورا كبيرا في المملكة، حيث إن معظم البنوك الآن تقدم منتجات مصرفية إسلامية متنوعة سواء في التمويل أو الاستثمار، وإن مصرفية الأفراد أصبحت في الغالب إسلامية. وأما فيما يتعلق بمصرفية الشركات، فهي تقدم بعض المنتجات الإسلامية وهنا مجال كبير للتطوير والابتكار. طبعاً لم تتطور المصرفية الإسلامية في المملكة بنفس المستوى الذي تطورت إليه المصرفية الإسلامية في ماليزيا على سبيل المثال، وأعتقد أن هنا العتب ليس على البنوك بقدر ما يكون على الهيئات الشرعية الموجودة في المملكة العربية السعودية و اختلاف وجهات نظرها، كما أظن أنها متحفظة نوعاً ما مقارنة بالهيئة الشرعية في ماليزيا. وفي ماليزيا على سبيل المثال هناك هيئة شرعية واحدة تحت إشراف البنك المركزي الماليزي. إن تعدد الهيئات الشرعية واختلاف الفتاوى المتعلقة ببعض المنتجات ربما يربك العمل المصرفي الإسلامي، و رغم ذلك فالعمل المصرفي الإسلامي مستمر حيث تصل نسبة التمويل الإسلامي إلى إجمالي التمويل في السعودية إلى قرابة 40 في المائة إلى 45 في المائة من إجمالي التمويل، وفي هذا دلالة على تقدم العمل المصرفي الإسلامي. أين البنوك من دعم الشباب؟ مداخلة: جمال الزامل: لا نرى أن البنوك تسهم في تأسيس المصانع أو الشركات، ألا ترى أنه حان الأوان لتغيير هذه النقطة؟ هل البنوك تتفهم المجتمع والمواءمة الاجتماعية وقامت فعلاً بالتنمية الاجتماعية الحقيقية بحيث إن الشباب يكونون مقترضين ومستثمرين للبنوك وأن ينمو المجتمع فعلا والبنوك تستقر؟ نعم، مساهمة البنوك في حصة في رأس المال للمصانع والمشاريع أمر لا تجيزه أنظمة مؤسسة النقد حاليا، وقد كان ذلك في الماضي في السبعينيات عندما أسهمت البنوك بحصص في شركات الأسمنت وغيرها؛ ولكن تغير هذا الوضع وأصبحت البنوك تركز اهتمامها على التمويل. وبالنسبة لنسبة التمويل التي تقدمها البنوك لتمويل المشاريع, فهذا الأمر يختلف من مشروع إلى مشروع حسب قناعة البنك بجدوى هذا المشروع وحجم المشروع، وأيضاً حسب جودة الضمانات التي تقدم من العميل المتقدم بالمشروع. أما بالنسبة لدور البنوك في مساعدة الشباب، وإن كانت هناك برامج تستهدف الشباب ومساعدتهم, فأنا أعتقد أن هذا الأمر يتم بشكل متفاوت بين البنوك، يعني ليس كل البنوك في مستوى واحد في برامج الخدمة الاجتماعية. بعض البنوك قامت بإنشاء إدارات متخصصة في مجال الخدمة الاجتماعية وأذكر هنا عددا من البنوك التي من بينها على سبيل المثال البنك الأهلي التجاري وبنك الرياض، وقد قدمت برامج كثيرة خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية استهدفت الشباب بالتعاون مع الغرف التجارية. وكانت هذه البرامج تتعلق بكيف تؤسس مشروعك لصغار المستثمرين أو ذوي المبادرات الذاتية، سواء للبنات أو للشباب. أيضاً كان هناك برنامج الأسر المنتجة، وهي أسر لا تمتلك القدرات التمويلية وساعدها البنك بتقديم بعض الإمكانات مثل ماكينات الخياطة وغيرها من الأدوات لتمكين هذه الأسر من الإنتاج وبالتالي شراء منتجاتهم. ومثلاً بالنسبة لنا في البنك الأهلي كنا نقوم بشراء منتجاتهم لأغراض الهدايا في مناسبات البنك المختلفة, وبالتالي تتمكن هذه الأسر من تسويق منتجاتها مستقبلاً ربما إلى جهات أخرى. ولقد أثبتت هذه البرامج المختلفة نجاحها. طبعاً المأمول من البنوك وشركات القطاع الخاص أن تقوم بدور أكبر، ولكن الأمور تسير في هذا الاتجاه الإيجابي. وهناك تنافس الآن بين البنوك في المملكة نحو ترسيخ هذه الصورة الذهنية في أفراد المجتمع بأن البنوك تقوم بهذا الدور الاجتماعي المهم إلى جانب دورها التنموي والرئيسي في تمويل الأنشطة الاقتصادية. تحديات تمويلية مداخلة: ما التحديات التمويلية التي تواجه البنوك في المستقبل؟ باختصار، إن التحديات المستقبلية التي تواجه البنوك موضوع ربما يطول، ولكن دعنا نتحدث عن أهمية تفعيل دور البنوك أكثر مما هو عليه الآن في تنمية الاقتصاد وما يتعلق بمساهمتها في تمويل المشاريع ذات فترات السداد الطويلة. وهذا يمثل تحديا كبيرا للبنوك حاليا، إذ إنها تعتمد على توفير السيولة من خلال الودائع تحت الطلب، وهي ودائع قصيرة الأجل. ولتوفير السيولة ذات الآجال الطويلة قامت البنوك بإصدار السندات المقومة بالدولار، وكذلك بالريال في الفترة من عام 2006 حتى عام 2008 بهدف زيادة مساهمتها في تمويل المشاريع الصناعية التي يتطلب سدادها فترات طويلة وأيضا تلك التي يتطلب تمويلها بالدولار. وأعتقد أن هذا الأمر يجب أن يعود حتى تستطيع البنوك تمويل المشاريع الكبيرة والطويلة الأجل وتزيد من قدرتها على التمويل ليس فقط بالريال وإنما أيضا بالدولار، لأن كثيرا من هذه المشاريع يتطلب تمويلا بالدولار ولا تتوافر للبنوك مصادر تمويل بالدولار لآجال طويلة من خلال الودائع المحلية. هناك ودائع محلية بالدولار ولكنها قليلة مقارنة بما هو مطلوب، وبالتالي فالبنوك بحاجة إلى إصدار سندات دولية من أجل تمويل المشاريع طويلة الأجل يمكن أن نسمي ذلك تحديات تمويلية، وإذا تحقق ذلك ستفعل البنوك دورها في تنمية القطاع الخاص بوتيرة أسرع، خاصة في تمويل المشاريع طويلة الأجل في السداد، مثل تلك التي في قطاع الصناعة، وقطاع السياحة وقطاع الخدمات الصحية.
إنشرها

أضف تعليق