أخبار اقتصادية

بعد أن قفزت 50 % .. دعوة لاحتواء خطر تنامي حوالات العمالة على الثروة الاقتصادية

بعد أن قفزت 50 % .. دعوة لاحتواء خطر تنامي حوالات العمالة على الثروة الاقتصادية

حذر الدكتور سعيد الشيخ، عضو مجلس الشورى وكبير الاقتصاديين في البنك الأهلي، من ارتفاع الحوالات المالية للعمالة الوافدة إلى الخارج، والتي قد تؤدي إلى عجز في الميزان التجاري خلال الأعوام المقبلة. وقال الدكتور سعيد الشيخ: "إن ارتفاع التحويلات المالية للعمالة الوافدة خلال السنوات الماضية، يأتي نتيجة ازدياد العمالة الوافدة في السعودية، خصوصا الزيادة الكبيرة بين 2005 و2009 نتيجة العدد الكبير من المشاريع التي تقام حاليا في المملكة والتي تتطلب الحاجة إلى استقطاب أو استقدام عمالة وافدة من جميع دول العالم؛ ولذلك ارتفعت التحويلات إلى نحو 95 مليار ريال لعام 2009، بناءً على إحصائات رسمية تصدرها مؤسسة النقد من خلال تجميع البيانات المتعلقة بالتحويلات التي تقوم بها البنوك والمؤسسات المالية". وتابع: "لا ننسى أن هناك زيادة في أجور العمالة الوافدة والتي صاحبت الزيادة في أجور السعوديين، كذلك الارتفاع في مستوى الأجور على المستوى العالمي خلال الفترة الماضية، وجزء من الارتفاع السريع في أحجام التحويلات المالية للعمالة الوافدة يعود إلى زيادة الأجور للعمالة بمختلف مستوياتها، سواء العمالة المهنية المدربة العالية التدريب أو العمالة غير المدربة؛ فالزيادة في الأجور بصفة عامة اتجهت إلى الارتفاع خلال السنوات الماضية". وتوقع الشيخ أن تتجاوز التحويلات المالية للعمالة الوافدة 100 مليار ريال في 2010، بخلاف الأموال التي يحملها المغادرون أو الزائرون كنقد، مشيرا إلى أن المبالغ المرصودة لا تعكس إجمالي التحويلات وقد يكون هناك مبالغ أخرى نتيجة لما تحمله العمالة عند مغادرة البلاد. وأضاف: "بلا شك تحويل الأموال يعني تسربا للأموال من داخل الاقتصاد عن طريق هذه الحوالات إلى الخارج، وفي الظروف الحالية للمملكة وارتفاع مستويات العوائد النفطية نجد أن الميزان التجاري يحقق فوائد خلال السنوات الماضية نتيجة ارتفاع قيم الصادرات النفطية وغير النفطية، ولم تكن التحويلات المالية للعمالة الوافدة مؤثرة بشكل كبير". واستدرك: "إذا ما تغيرت أوضاع السوق النفطية على سبيل المثال وتغيرت أسعار النفط ولا تصبح العائدات النفطية بمستوى أسعار اليوم قد تسبب الحوالات المالية، إضافة إلى استمرار ارتفاع أسعار الواردات، عجزا في الميزان التجاري، مستبعدا حدوث ذلك في المنظور القريب وحتى 2015 تحديدا، حيث إن أوضاع السوق النفطية لا تزال مطمئنة"، متوقعا ان تتراوح أسعار النفط حتى 2015، بين 80 إلى 100 دولار للبرميل. وزاد: "يجب التدرج في خفض العمالة الوافدة وإحلال العمالة السعودية تدريجيا، والتي بلا شك ستؤدي إلى تدني أرقام الحوالات المالية مع الوقت، وتبدأ العمالة السعودية تحل مكان العمالة الوافدة الموجودة بكثافة في قطاعات الإنشاء، الصناعة، التجزئة والتي تتركز فيها العمالة الوافدة"، موضحا أن العمالة الوافدة تشكل نحو 90 في المائة من العمالة في قطاع الإنشاء، ونحو 85 في المائة في قطاع التجزئة، وأكثر من 75 في المائة في قطاع الصناعة، وإذا تم الاستغناء عنها وإحلال العمالة السعودية محلها بشكل متدرج بلا شك سيؤدي ذلك إلى انخفاض حجم الحوالات. وأفاد: "نحن أمام أمر هيكلي متعلق بسوق العمل، هناك ضرورة للمعالجة وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وزيادة الاعتماد على العمالة السعودية لخفض معدلات البطالة وخفض حوالات العمالة الوافدة إلى الخارج". ودعا عضو مجلس الشورى وكبير الاقتصاديين في البنك الأهلي، إلى فرض رسوم إضافية على العمالة الوافدة من خلال تأشيرات الاستقدام أو الإقامة أو من خلال الضرائب على العمالة الوافدة، مشددا على أن الأمر يحتاج إلى دراسة الخيارات المطروحة دراسة متأنية لمعرفة أبعادها الاقتصادية وأبعادها فيما يتعلق بأثره على سوق العمل؛ لمعرفة الأجدى من تحقيق الفائدة المرجوة وتخفيض إعداد العمالة الوافدة في سوق العمل السعودية، وزيادة الاعتماد على العمالة الوطنية وبالتالي خفض معدلات البطالة وخفض معدلات الحوالات المالية إلى الخارج. واستطرد: "الرسوم على العمالة الوافدة يتحملها أرباب العمل من أجل التقليل على الاعتماد على العمالة الأجنبية، ويتطلب من وزارة العمل أن تقوم بدراسة الجدوى ومعرفة تبعات القرار على الاقتصاد وعلى المؤسسات العاملة في حال فرض رسوم إضافية أو زيادة كلفة الاستقدام، بحيث تصبح مرتفعة وتكون هناك مفاضلة في صالح المهندس أو العامل السعودي في جميع التخصصات"، متابعا: "أرى جدوى في تطبيق الرسوم وفرضها على أرباب الأعمال بعد الدراسة المتأنية لآثر هذا القرار من جميع الجوانب على البنية الاقتصادية والمؤسسات العاملة قبل إقراره، خصوصا لاعتمادها فترة طويلة واستمرارها في الاعتماد على العمالة الوافدة بالمستويات المتعارف عليها لتكاليف الاستقدام". وأشار إلى أن رفع كلفة الاستقدام وبالتالي رفع كلفة العامل الأجنبي على المؤسسات التي تستقطب العمالة الأجنبية، سيجبر المؤسسات لاستقطاب العمالة السعودية، وبلا شك إن هذا الأمر سيكون في صالح الاقتصاد السعودي رغم كلفته في بادئ الأمر، لكنه سيؤدي إلى خفض معدلات البطالة بين السعوديين وفي الوقت نفسه سيقلل من الحوالات الأجنبية، مع الاحتفاظ بالموارد المالية داخل البلاد؛ مما يؤدي إلى زيادة النمو الاقتصادي من حيث إن العمالة السعودية ستنفق معظم دخولها المالية أو تستثمرها وتدخرها داخل البلاد، وبالتالي ستكون في صالح الاقتصاد الوطني. وتطرق إلى فرض ضريبة على الدخل لإجبار أرباب المؤسسات على تحمل التكلفة الإضافية، مثل العديد من دول العالم التي تفرض الضريبة على العامل الوافد، وإذا تم تطبيقها على العمالة الوافدة سيطالب العامل أرباب العمل بتحمل التكلفة، وإذا تحملتها المؤسسات فالأجدى له التوجه إلى توظيف السعوديين، وبالتالي سيقلل من الاعتماد على العمالة الأجنبية. مبينا أن فرض رسوم على الحوالات المالية للعمالة الوافدة قد يكون مدعاة للتهرب وتحويل إلى الأموال إلى الخارج بطرق أخرى، كما يصعب تطبيق هذا الأمر إذا علمنا أن نسبة كبيرة من هذه العمالة من ذوي الأجور المتدنية سواء في قطاع الإنشاء أو التجزئة، وبالتالي فرض رسوم عليهم يدفعهم إلى التوجه إلى وسيلة أخرى لتحويل أموالهم إلى الخارج بطرق غير رسمية. وأبان الشيخ في حديثه عن الحوالات المالية للعمالة الوافدة، أن السعودية تعتبر في المرتبة الثانية عالميا من حيث الحوالات المالية للعمالة الوافدة مقارنة بالناتج المحلي. وعن حجم العمالة الوافدة في سوق العمل أضاف: "تطرقنا في الشورى من خلال تقرير وزارة العمل إلى حجم العمالة الأجنبية ومستوى البطالة والآليات التي يجب أن تتخذ لتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وزيادة استيعاب العمالة السعودية وتقليل معدلات البطالة، وقد تقدمت بتوصية سابقا تتعلق بتحديد مستوى أدنى للأجور، وقرار مجلس الشورى بعد التشاور مع لجنة الموارد البشرية أشار إلى ضرورة قيام وزارة المالية بدراسة تحديد مستوى أدنى للأجور في قطاعات ومهن محددة، وقد ركزنا على قطاع الصناعة والإنشاء والتجزئة، حيث إن العمالة الوافدة تتركز في هذه القطاعات، كما يوجد مهن في هذه القطاعات يمكن إشغالها بالسعوديين سواء الفنيين أو الكهربائيين وغيرها من المهن في قطاع الإنشاء، وكذلك في قطاع التجزئة سواء في تخصصات الإدارة، التسويق، المالية، وكذلك المهندسون والفنيون في القطاع الصناعي، ويمكن استيعابهم في هذه القطاعات إذا ما وجد حد أدنى للأجور، يكون جاذبا للعمالة الوطنية، حيث من الصعب منافسة العامل السعودي للعمالة الآسيوية على الأجور. من جهته، أكد طلعت حافظ، أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية، أن الزيادة التي حصلت في حوالات العمالة الوافدة المالية إلى الخارج وصلت إلى 50 في المائة خلال ثلاثة أعوام فقط والتي امتدت بين العام 2006، حيث سجلت الحوالات المالية 60 مليار ريال، وحتى 2009 والتي سجلت خلاله 90 مليار ريال، وهي نسبة زيادة وصلت إلى 50 في المائة. وأشار إلى أن هذه الأموال التي رصدتها القنوات الرسمية، وهي بخلاف الأموال التي يتم تحويلها بقنوات غير رسمية أو بمقايضة أو يحتفظ بها الوافد ويتم نقلها إلى الخارج نقدا حال مغادرته البلاد. وأفاد بأن الحل في الحد من حوالات العمالة الوافدة، يأتي في فتح المجال للاستثمار الأجنبي والتملك، وهي رغبة للأجانب المقيمين في السعودية، بدلا من التحويل إلى الخارج. وحذر حافظ من الانعكاسات الكبيرة للتحويلات المالية إذا استمرت على وتيرة مرتفعة على ميزان المدفوعات والحساب الجاري والعملة الصعبة في المستقبل؛ نظرا لتحويل الأموال بالدولار، والتي تؤثر على الثروة الاقتصادية ومخزون النقود. وعلل ارتفاع نسبة التحويلات الكبيرة من 2006 تحديدا، إلى زيادة العمالة الوافدة، وبالتالي زيادة التحويلات، كما تطرق الى زيادة الأجور للعمالة الوافدة في تلك الفترة مقارنة بالزيادات في أجور السعوديين والزيادة العالمية في الأجور، وجميعها عوامل أسهمت في ارتفاع قيمة التحويلات المالية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية