FINANCIAL TIMES

اختفاء بحيرة أورومية يطلق سيلا من الاحتجاجات في إيران

اختفاء بحيرة أورومية يطلق سيلا من الاحتجاجات في إيران

كان هنالك أوقات كانت فيها شواطئ بحيرة أورومية تعج بطيور الفلامنغو، حسب قول حسين، البالغ 39 عاماً من عمره، المقيم في بلدة غوششي المحاذية لهذه البحيرة،التي تقع في أقصى الشمال الغربي من إقليم أذربيجان الغربي، حيت تتوسط واحداً من أوسع أحواض المياه المالحة في العالم، إذ بلغت مساحتها في إحدى الحقب السابقة 5,700 كم مربع. كان ذلك قبل فترة جفاف لمدة عشر سنوات، وإقامة منشآت للري عملت على تحويل المياه من البحيرة، وأدت إلى فقدان نصف مساحتها. ومن المعتقد أن هذه البحيرة أصبحت الآن أشد ملوحة من البحر الميت. تراجعت أعداد الروبيان الذي كانت تتغذى عليه طيور الفلامنغو، كما نقصت أعداد طيور الفلامنغو وغيرها من الطيور المائية بنسبة لا تقل عن 70 في المائة، حسب قول جماعات البيئة. أما الشاطئ الذي جاء حسين في إحدى المرات للسباحة فيه، فقد أصبح صحراء يغطيها الملح. ويقول حسين ''اعتدت سماع أصوات طيور الفلامنغو ست أو سبع مرات في اليوم. ولم أكد أسمع أي صوت لها هذا العام''. ظلت إيران تصارع الجفاف خلال العقد الماضي، الأمر الذي أثر في مواردها المالية، وزراعتها، ومواشيها. ويرى مسؤولو البيئة هنا أن الجفاف يتحمل 60 – 70 في المائة من مسؤولية الأزمة. غير أنهم يعترفون بأن النسبة الباقية تعود إلى إقامة عشرات من السدود، وتحويل مسار الجداول، والأحواض المائية – وهي طبقات تحت الأرض مكونة من الصخور الرسوبية التي تحتفظ بالماء لري 1.4 مليون هكتار من الأراضي الزراعية. يخشى كثير من الإيرانيين من أن بحيرة أورومية سوف تلقى المصير ذاته الذي لقيه بحر الآرال في آسيا الوسطى، الذي اختفى بالفعل بعد أن حرمته مشاريع الري، إبّان الحقبة السوفياتية، من مصادر تغذيته بالمياه. يقول حسن عباس نيجاد، المدير العام لمنظمة حماية البيئة في إقليم أذربيجان الغربي'' ''إذا قدر الله لبحيرة أورومية أن تجف تماماً، فإننا سنواجه ما يراوح بين 8 و 10 مليارات طن من الملح الذي سوف يعمل كقنبلة هائلة. ويضيف عباس نيجاد: ''العواصف الملحية سوف تصل إلى طهران، وإلى الدول المجاورة، وهي أذربيجان، وأرمينيا، وتركيا''. يقدر عدد السكان الذين سوف يضطرون إلى مغادرة أماكن عيشهم إذا جفت البحيرة تماماً، بما يراوح بين 5 و 13 مليون شخص. انتهت لجنة توجيهية شكلتها حكومة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، خلال الفترة الأخيرة، من صياغة مسودة خطة طوارئ للتعامل مع الأزمة. وخصصت 1.7 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لمشاريع تستهدف إعادة توزيع المياه بين ثلاثة أقاليم، إضافة إلى إعادة تصميم أنظمة الري، بل حتى تكوين غيوم صناعية. يقول علي نزري دوست، المدير الوطني لمشروع المحافظة على الأرضي الرطبة: ''إذا تم تنفيذ الخطة، فإننا واثقون – على الأقل على الورق – من أنه سوف يتم إنقاذ هذه البحيرة''. مصير هذه البحيرة مرتبط كذلك بقضايا عرقية، حيث إن معظم ساكني المنطقة من الأذريين والأكراد. وعلى النقيض من الأكراد، فإن لدى الأذريين الذين يشكلون نحو ثلث سكان إيران البالغ عددهم 73 مليون نسمة، تاريخا قليلا من السعي إلى الاستقلال عن إيران. غير أنه يُعتقد أن مجموعات الناشطين المعروفة بالبانتيركس، الذين يؤيدون الاتحاد مع أذربيجان في الشمال قد أصبحت أقوى خلال السنوات القليلة الماضية. في عرض للقوة في نيسان (أبريل) نظمت هذه الجماعة مسيرة فوق جسر مثير للجدل أنشأته نخبة الحرس الثوري الإيراني، حيث يربط بين إقليمي أذربيجان الشرقي وأذربيجان الغربي، وهو مشروع يعتقد أنه زاد من خطورة مشكلات البحيرة. حمل آلاف الأذريين زجاجات مملوءة بالماء كاحتجاج رمزي على إنشاء جسر يرون أنه جزء من مؤامرة للحكومة المركزية لتفريق الأذريين من خلال السماح باختفاء البحيرة. سرعان ما تحولت المسيرة إلى معادية للنظام الإسلامي، حيث حمل بعض المشاركين فيها أعلام أذربيجان، كما أعلن آخرون تأييدهم للحركة الخضراء المعارضة. تفيد تقارير غير رسمية بأن مئات من المحتجين قد اعتقلوا، وأن كثيرين منهم ما زالوا في السجون. رفضت السلطات في مقر الحاكم العام في إقليم أذربيجان الغربي التعليق على قضية البحيرة. ويقول عباس نيجاد: ''يجب ألا تكون البحيرة قضية سياسية على الإطلاق''. ويجادل حسين كذلك بأن القضية المتعلقة بالبحيرة مشكلة بيئية فقط، وإن كانت تزداد صعوبة وحرجاً. يلاحظ، وهو يقود قاربه عبر البحيرة، أنه لم يعد بإمكانه رؤية قاع البحيرة من خلال المياه، حيث إن سطح المياه مملوء ببلورات الملح الطافية. ويقول حسين ''إنقاذ البحيرة هو واجبنا المقدس. ولن ندعها تجف حتى لو اضطررنا إلى سقايتها بدمائنا''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES