ثقافة وفنون

قلعة معترم في سوريا .. تحفة أثرية نادرة ولوحة ناطقة على الصخور

قلعة معترم في سوريا .. تحفة أثرية نادرة ولوحة ناطقة على الصخور

يرى كثيرون أن قلعة معترم الاثرية في محافظة ادلب شمال سوريا أحد أهم المعالم الأثرية الخالدة التي تنطق بكل ألسنة الابداع وتحاكي جميع اشكال الفنون وتعكس مهارة اليد البشرية التي انطقت الحجارة فنقشت في الصخور لوحة فنية نادرة خلدتها باسم قلعة معترم . وتتربع قلعة معترم ضمن جبل صخري يقع في الجزء الشمالي الغربي من سورية على ممرات إنطاكية التاريخية وتبعد عن مدينة ادلب حوالي 20كم جنوبا وتعود القلعة إلى العصر النبطي و أطلق عليها بتراء ادلب نسبة إلى بتراء الأردن حيث تتشابه معها من حيث الاختيار المكاني للقلعة وطرائق نحت الغرف والمغاور السكنية في الجروف . ويحازي القلعة من الشمال واد صخري ضيق ذو انحدار شديد باتجاه الشرق والغرب و من الجنوب على بعد 10 كم تجاورها قرية أورم الجوز ومن الشرق قرية معترم على بعد 5 كم وواد يتجه من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي ومن الغرب جبل صخري متجه باتجاه الشمال والجنوب.20110104-091823.jpg ويصف الدكتور انس حج زيدان رئيس شعبة التنقيب والدراسات الأثرية وشعبة الترميم بدائرة اثار ادلب القلعة بانها عبارة عن جرف صخري ارتفاعه من 80 م إلى 100م في منتصف السفح تاخذ شكل فتحة كبيرة في الجبل الصخري تتوضع على شكل عمودي وبزاوية قائمة ويوجد فيها اماكن للصعود منها محفورة بالصخر ضمن هذه الفتحة لوضع الاقدام والايدي عند عملية التسلق معتقدا ان هذه الفتحة كانت تغلق برحى صخرية ضخمة لأنها تحمل اثار الاغلاق بشكل دائري في أسفل هذه الفتحة الصخرية. وتتألف القلعة من طابقين الطابق الأرضي مؤلف من مغاور للسكن البشري ومغاور كبيرة استخدمت كبناء قضائي يوجد فيه مشنقة منحوتة من الصخر ومكان لوقوف الحاكم أمام المشنقة المنحوتة بالشكل الغائر بالصخر على ارتفاع 2م عن الطابق الأرضي مقابل المشنقة ويوجد أسفلها جب على شكل قمع ضيق من الأعلى وواسع من القاعدة على شكل دائرة وتبلغ أبعاده 5 م للطول ومثلها للعرض وارتفاعه 2م له باب من الأسفل يتجه نحو الشمال ويوجد فيه أيضا بعض القبور التي تعود إلى العصر البيزنطي وفيه اثار تعود لمعصرة في منتصف الطابق الأرضي. ويمكن الوصول الى الطابق الثاني عبر درج منحوت بالصخر يبلغ عدد درجاته حوالي 22 درجة بشكل زاوية قائمة ويوجد على يسار هذا الدرج مسطبة منحوتة بالصخر و على جانب مدخله من اليسار في القسم العلوي أماكن لوضع شعل النار لإضاءته ليلا و في أعلاه فتحة منحوتة بالصخر لتامين الضوء نهارا وعند نهايته باتجاه الأعلى يمكن الوصول إلى مجموعة من الغرف المنفتحة على بعضها البعض. ويوجد على يمين الدرج على بعد 1م تقريبا باتجاه الغرب خزان ماء محفور بالصخر يبلغ عمقه 150 سم ويبلغ قطر فتحته 60 سم ولهذا الخزان مصب مائي منحوت بالصخر من اجل جريان الماء فيه عند ما يمتلئ هذا الخزان بالماء يتم ملء الخزان من أمطار الشتاء التي تتجمع أعلى القلعة بحوض محفور بالصخر ولهذا الحوض قناة تخرج منه من اجل عبور الماء فيه تتصل بالفتحة المنحوتة في سقف الطابق الثاني والتي يبلغ ارتفاعها حوالي 3م حيث يتم نزول الماء إلى أرضية الطابق الثاني وعبورها عبر قناة أيضا تصب بالخزان . ويضم الطابق الثاني فتحات في الجهة الشمالية المطلة على الوادي وامكنة لرمي السهام ويوجد على جدرانه من الداخل أماكن لوضع الشعل النارية محفورة في الجدار الصخري لتامين الضوء وإنارته ليلا ويوجد في سقف الطابق الثاني فتحة منحوتة بالصخر تقود إلى أعلى القلعة للنفاذ في حالة الحصار يبلغ ارتفاعها باتجاه الأعلى بزاوية شاقوليه حوالي 3م . ويرى نيقولا كباد رئيس دائرة اثار ادلب ان الطريقة الهندسية في عملية نحت القلعة تقوم على مبدأ عسكري بالدرجة الأولى وذلك لأسباب عدة منها الموقع الاستراتيجي لهذه القلعة حيث تقع على سفح جبل صخري يبلغ ارتفاعه حوالي 80م متجه من الشرق إلى الغرب ويحده مباشرة من الجهة الشمالية واد ضيق شديد الانحدار يلتقي بواد آخر ويلتقيان في نقطة تسمى عقبة الصليب و يشكلان واديا صخريا واسعا يتجه باتجاه الغرب ليصب بحوض الروج يوجد في نهاية هذا الوادي من الجهة الغربية بوابة دخول مؤلفة من عدة مغاور سكنية استخدمت كمسكن للإنسان اضافة إلى صعوبة اجتياح هذه القلعة عسكريا والصعود إليها بسبب وعورة الطرق المؤدية إليها حيث يحميها من الجهة الشمالية واد ضيق شديد الانحدار. وأضاف انه توجد أيضا بعض القبور المنحوتة بالصخر تعود للفترة البيزنطية وهذه القبور يوجد ما يماثلها في القلعة معتقدا أن هذا يعد دليلا واضحا على الارتباط التاريخي لهذه الأماكن مع بعضها البعض . ولفت رئيس دائرة اثار المحافظة الى انه يتوضع إلى الشرق من القلعة على بعد حوالي 300م مكان سكني منحوت بجرف صخري يبلغ ارتفاعه حوالي 70م يتم الصعود إليه عبر سلم يؤدي إلى فتحة صخرية ومن هذه الفتحة يتم الدخول إلى أجزاء السكن موضحا ان المغاور السكنية التي تحيط بالقلعة تتوزع على امتداد السفوح الجبلية الصخرية المقابلة للقلعة على أبعاد متفاوتة بينها حتى تصل إلى بوابة الوادي الغربية المطلة على حوض الروج . ويعتقد كباد انه تم تصميم مثل هذه القلعة في المنطقة لأهداف عسكرية بحتة بالدرجة الأولى كونها من أنواع القلاع المحفورة بالصخور وهي بمثابة حصن ومرصد عسكري مميز معتبرا إياها من القلاع النادرة في روعتها وتنظيمها الهندسي ورونقها الجمالي فضلا عن موقعها الاستراتيجي .
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون