FINANCIAL TIMES

الاتحاد الأوروبي يتحرك لتجنب أزمات مستقبلية

الاتحاد الأوروبي يتحرك لتجنب أزمات مستقبلية

بعد أن أمضى زعماء أوروبا معظم الأشهر الستة الماضية في استحضار استجابات، حسب متطلبات كل حالة على حدة، بينما كانت الأزمة تتطور، استطاعوا في النهاية التقدم على الأحداث. ووافقوا بالأمس، خلال قمة لهم في بروكسل، على تغيير في المعاهدة الأوروبية لتفعيل آلية أزمات توصلوا إليها في تشرين الثاني (نوفمبر). وسيلتقي الزعماء ثانية في آذار (مارس) لتأكيد التغييرات التي تتطلب بعد ذلك التصديق عليها من جانب البرلمانات في البلدان الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وسوف تصبح الآلية نافذة في 2013. هذه الاتفاقية أمر مرحب به. العنصران الرئيسان فيها يتمثلان في تسهيلات سيولة دائمة (آلية الاستقرار الأوروبية) لمساعدة البلدان المدينة في حل المشاكل الحادة المتعلقة بالتدفق النقدي، وتضمين فقرات إجراءات جماعية في السندات السيادية لبلدان منطقة اليورو. ومن شأن ذلك تسهيل إعادة هيكلة الديون التي أصبحت غير مستدامة. ستساعد هذه التغيرات على سد ثغرتين في الهندسة المالية للاتحاد الأوروبي. وستمنع تسهيلات السيولة البلدان ذات الوضع الاقتصادي السليم أساساً من الغرق في اضطرابات الأسواق. وإمكانية إعادة هيكلة الديون ستشجع الأسواق على فرض الانضباط على الحكومات التي تنغمس في سياسات مالية مبالغة في اللين. والواقع أن سجل الأسواق قبل الأزمة ضعيف فيما يتعلق بهذا الأمر، لكن من المحتمل أنها ما زالت أفضل تجهيزاً من السياسيين لخنق الاقتراض والإقراض غير المسؤولين. وإن كانت هذه التغيرات مرحباً بها، إلا أنها لا تعالج مشاكل أوروبا الفورية. إن أسواق رأس المال شديدة العصبية، وعلى البنوك والبلدان الأوروبية أن تعيد تمويل كثير من المؤسسات في العام المقبل. ولن تصبح آلية الاستقرار الأوروبية فاعلة حتى عام 2013. ولن تتم زيادة مبلغ الـ440 مليار يورو الخاص بالتسهيلات المالية الأوروبية خلال تلك الفترة، على الرغم من مخاوف من أنها يمكن أن تُوسَّع إذا طلب مزيد من البلدان الحصول على المساعدة. والواقع أن الرئيس الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، كرّر تصميم الاتحاد الأوروبي على فعل كل ما يتطلبه الأمر للمحافظة على الاستقرار المالي، لكن يفترض أن يكون الزعماء الأوروبيون قد تعلموا الآن أن مناشدة الأسواق بأن تثق بهم هي استراتيجية خاطئة. وقد فوّت الاتحاد الأوروبي الفرصة، مرة أخرى، لمنح الأسواق اليقين الذي تكتسبه بالجهد المتواصل. وتخفق الاتفاقية كذلك في معالجة التدفقات المالية للقطاع الخاص، التي لعبت مثل هذا الدور المسبب لعدم الاستقرار في البرتغال، وتسبب كذلك في مشاكل في إسبانيا. وكما يظهر مصير إيرلندا، من السهل أن يتحول الدين الخاص إلى دين عام. وسيكون طريق أوروبا للعودة إلى الاستقرار المالي وعراً، إذا استمرت في تجاهل هذه المشكلة. وربما تكون جولة جديدة من اختبارات التحمل للبنوك الأوروبية أمراً مساعداً – لكن فقط إذا ثبت أنها تتم بالشكل المطلوب. لا بد من معالجة المشاكل الآن. صفقة هذه الأسبوع تثير توقعات مستقبل اقتصادي أقل إيلاماً. لكن أوروبا ستصبح قادرة على التمتع بالغد، فقط إذا تعاملت أولاً مع مشاكلها الآنية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES