default Author

الوحم الدامي!!

|
في الماضي البعيد وقعت أحداث خارقة لا يصدقها عقل, وخلد الرواة أبطالها على مر العصور، وهذه الأحداث تحملك على أجنحة الخيال وتحلق بك بعيدا وتنقلك إلى عالم من الدهشة والجمال وأحيانا الرعب. ويبقى السؤال: هل تلك الأساطير حقيقة بالفعل؟ وهل لها أساس أو تفسير علمي؟ وحتى لو لم نجد لها تفسيرا فسيبقى أثرها في النفس يجرك للتفكير فيما حولك ويمنحك فرصة السفر عبر الخيال ومن ثم الإبداع, فكثير من الاختراعات كانت أحلاما من نسج خيال مخترعيها تحولت مع الوقت إلى واقع مبهر. لا يكاد يمر يوم دون أن تعرض لك إحدى القنوات فيلما أو مسلسلا مرعبا يتناول أغلبها مصاصي الدماء, وأنهم جماعة من الناس تعيش في القبور والأماكن المهجورة, لهم جلود مشوهة وأنياب طويلة يغرسونها في رقبة الضحية ويمتصون دمه، يكرهون الظهور في ضوء الشمس في الغالب ويحبون الظلام. وقد لا يخطر على بال الكثيرين أن هذه القصص لها أصل وحدثت بالفعل!! وأصل الحكاية يعود إلى العصور الوسطى، حيث اعتقد المسيحيون أن جثث غير الصالحين لا تحميها الملائكة فتدخلها الشياطين ويبقون أحياء من دون روح ويعيشون على مص الدماء, وذاع صيتهم بعد أن كتب الروائي (إبراهام ستوكر) عام 1897 روايته الشهيرة (دراكولا) ولم تكن الأولى ولكنها الأشهر عن مصاصي الدماء فقد سبقه الروائي الفرنسي (دوما) واستوحى ستوكر روايته من قصة الأمير الروماني (فلاد تيبيسو) الملقب بالدراكولا أو ابن الشيطان, وكان ساديا يتلذذ بتعذيب وقتل ضحاياه والتمثيل بجثثهم, ومزج بينها وبين قصة الكونتيسة المجرية (إليزابيث باثوري) التي كانت تشرب دماء الفتيات الصغيرات لتستعيد شبابها ونضارتها!! ولم يكشف عن وجود هذه الرواية إلا عام 1984, وقدر سعرها بـ 1.5 مليون دولار. - فهل هم حقيقيون أم من نسج خيال الرواة ؟ - وهل هم موجودون حتى الآن وما علاقتهم بالمستذئبين وأكلة لحوم البشر؟ تحفل ملفات الشرطة بجرائم بشعة تم فيها مص دماء الضحايا ومن ثم قتلهم وأحيانا أكلهم، وأشغلت هذه القضايا بال الكثير من الباحثين, وفي عام 1985 أعلن (ديفيد دولفن) عن اكتشاف ثلاث حالات من مصاصي الدماء مصابين بمرض يدعى (بروفيريا) وهو نوع من أنواع فقر الدم نادر جدا, ويحدث نتيجة خلل في مادة (البروفيرين) أحد المكونات الرئيسة لمادة الهيموجلوبين, وهو عدة أنواع أندرها يتغير فيه شكل الإنسان فيزداد نمو شعره في بعض الأماكن, ويصاب الجلد بالبثور, ويصبح شاحبا جدا, وتتشقق الشفاه وتستطيل الأنياب والأظافر, وتزداد حساسيتهم للشمس, ويفقد المريض عقله. ومكتشف هذا المرض الطبيب اليوناني (مارسليوس), وتحدث عنه أطباء عرب مثل ابن سينا والزهراوي وأطلقوا عليه اسم (القطرب)، وأشهر المصابين به ملك بريطانيا جورج الثالث الذي تم سجنه في قلعة وندسور، ونتيجة لنقص الدم يصبح لدى المصابين توق شديد لتناول الدم لتعويض النقص.. فهل تناول الدم سيعوضهم عن هذا النقص؟ وهذا المرض ذكرني بما يحدث لبعض النساء أثناء فترة الحمل وتوقهن الشديد لتناول بعض الأشياء الغريبة مثل أكل التراب والفحم والصابون والمطاط وحتى ربطات الأحذية والتي حيرت الأطباء, إلى أن أثبتت عدة دراسات أن هذا التوق يحدث نتيجة نقص في بعض المواد الضرورية للحامل مثل الفيتامينات والمعادن الذي يدفعها إلى تناول أشياء قد لا تخطر على بال أحد, وتمت معالجة البعض بتناول أطعمة خاصة تحتوي على الفيتامينات والمعادن. ولكل من يشك في وجود مصاصي دماء حقيقيين نقول إن هناك مص دماء معنويا أشد فتكا وأكثر انتشارا ـــ عافانا الله وإياكم من كل شر.
إنشرها