دعوة إلى التحول للأبنية الخضراء لتخفيض تكاليف البناء

دعوة إلى التحول للأبنية الخضراء لتخفيض تكاليف البناء

دعوة إلى التحول للأبنية الخضراء لتخفيض تكاليف البناء

دعوة إلى التحول للأبنية الخضراء لتخفيض تكاليف البناء

دعا «المنتدى السعودي الأول للأبنية الخضراء 2010»، الذي اختتم فعالياته الإثنين الماضي، في الرياض، شركات التطوير العقاري والمقاولات، إلى إعادة النظر في الخطط الاستراتيجية للبناء التقليدي؛ كونه يتسبب في خسائر مالية كبيرة، مقارنةً بنظيره المتمثل في مشاريع «الأبنية الخضراء». وطالب المنتدى وزارة التعليم العالي باعتماد برامج ماجستير في تخصصات الأبنية الخضراء في كليات مستقلة ومتصلة بكليات الهندسة والعمارة والتخطيط، وصرف مكافآت للمواطنين من البلديات الفرعية؛ لاستخدامهم البدائل والمواد الاختيارية الصديقة للبيئة عند إنشاء الأبنية الجديدة، من خلال برامج محفزة بالتنسيق مع الجهات الخدماتية من كهرباء وماء، وأوصوا في ختام أعمال المنتدى التي استمرت على مدار ثلاثة أيام، بإعداد أدلة ونشرات تعريفية إرشادية عن تقنيات الأبنية الخضراء. كما طالبوا بإلحاق مفهوم التوازن البيئي والعمراني باستراتيجية التنمية العمرانية الوطنية الخاصة بوزارة الشؤون البلدية والقروية، وتطوير بناء الكود السعودي؛ ليشمل الكود الأخضر. رغم أن مفهوم الأبنية الخضراء لا يزال حديث الظهور في المنطقة؛ فإنه من الجيد أن نرى مبادرات فعالة مثل عقد مؤتمرات ومنتديات تشرح هذا المفهوم، وتحث على تعميمه، ومنها المنتدى السعودي الأول للأبنية الخضراء الذي جاء للإسهام في تعزيز هذا التوجه، داعياً إلى بناء قاعدة تثقيفية وعلمية لضمان استدامة هذا الخط الذي يشكل اتجاه القرن الـ 21. وخلال فعاليات المنتدى أكد الخبراء أهمية مصادر الطاقة المستدامة في الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، معتبرين أن الطاقة ستكون أكبر التحديات التي ستواجه العالم في المستقبل. في هذا السياق، أوضح المهندس الاستشاري فيصل الفضل الأمين العام للمنتدى: وسط تقارير عالمية تشير إلى تناقص معدلات الثروات الطبيعية كالماء والطاقة، ومع تزايد الثورات الصناعية المؤثرة سلباً في العالم، جاء مفهوم المباني الخضراء بدعم من الحكومات وصناع القرار والخبراء الاستراتيجيين لخطط التنمية العمرانية؛ من أجل التحكم في خفض معدلات استنزاف الموارد الطبيعية، والبحث عن بدائل أكثر أماناً وأقل تكلفةً على المدى البعيد. ويضيف الفضل: البصمة البيئية للمملكة اليوم بنحو 4.5 هكتار؛ أي ضعفي المعدل العالمي للفرد الواحد، وتحتل السعودية المرتبة الـ 20 بين الدول ذات التحدي الأعلى بيئياً؛ وعليه ترى الحكومة السعودية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع ضرورة وضع خطة لتقليل استنزاف الموارد، وتحسين البيئة السكنية». ويتوقع أن تشهد السنوات الخمس المقبلة تغيراً في فكر المستهلك، حيث يتوجه إلى بناء آمن وصديق للبيئة، واقتصادي على المدى الطويل، مبيناً أن المقاول تنقصه ثقافة البناء الأخضر، حيث يعتقد أنها تقف ضد التطور العمراني، لكنها في الواقع تسهم في الاتزان العمراني والبيئي، دون أن يكون هذا على حساب التطور العمراني، داعياً المقاولين والمطورين إلى مراجعة استراتيجيات أعمالهم، مؤكداً أن المقاول أو المطور يخطئ في أكثر من 50 في المائة من عمله حال تركيزه على التطوير العمراني فقط، كما أن توجه المستهلك في المستقبل القريب إلى البناء الأخضر يحتم على المقاولين والمطورين العقاريين إعادة النظر في خططهم الاستراتيجية، موجهاً دعوةً إليهم للاستفادة من تقنيات «الأبنية الخضراء». #2# وأشار الأمين العام للمنتدى إلى أن المباني الخضراء لديها القدرة على الحفاظ على قيمتها لفترات طويلة، في الوقت الذي تفقد فيه المباني التقليدية قيمتها على المدى البعيد. ولفت إلى أنها، إلى جانب توفيرها من ناحية التشغيل، فإن الأبنية الخضراء مصممة بطريقة اقتصادية تجعل من صيانتها أمراً يسيراً غير مكلف، مشيراً كذلك إلى إمكانية إعادة تدوير هذا النوع من الأبنية بسهولة، وموضحاً أنها توفر أكثر من 40 في المائة من التكلفة التشغيلية؛ إذ تعمل على الترشيد في فواتير الكهرباء والمياه وتتيح الأبنية الخضراء إمكانية استخدام التكييف الطبيعي لفترات طويلة من السنة، دون الحاجة إلى التكييف المعتمد على الطاقة الكهربائية، الأمر الذي يخفف من التكلفة التشغيلية للكهرباء، إضافة إلى التخفيف من أعباء الشركة السعودية للكهرباء. وكشف الدكتور أحمد الخليفة وكيل وزارة المياه والكهرباء المساعد لشؤون الكهرباء، أن 70 في المائة من الطاقة الكهربائية للمباني يستهلكها التكييف فقط، مشيراً إلى أن وزارة المياه والكهرباء تعد أول المستفيدين من تطبيقات الأبنية الخضراء، مؤكداً أهمية هذا الأمر وتشجيع الوزارة له، وضرورة تعاون الجهات الحكومية بعضها مع بعض؛ لإقامة شراكات مع القطاع الخاص في هذا المجال. وتمنى الخليفة أن تتغير المنازل خلال السنوات الخمس المقبلة، وتتحول إلى أبنية خضراء، آملاً الخروج من المنتدى بإجراءات ملموسة على أرض الواقع، وألا ينتهي الأمر إلى مجرد توصيات على ورق. وتعد العمارة الخضراء أحد أهم الحلول الجديدة للحفاظ على البيئة، ويجمع الخبراء على أن صناعة البناء تستخدم ما يقرب من 40 في المائة من الموارد في العالم، ونحو 17 في المائة من المياه العذبة، بينما الأبنية الخضراء توفر نحو 30 في المائة من الطاقة و35 ـ 50 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون واستخدامات المياه، وما يقارب 90 في المائة من النفايات، ويرون أن هذه الأرقام كافية لبيان أهمية الأبنية الخضراء في الوقت الراهن، وفوائدها البيئية في عالم يواجه تحديات كبيرة في مجال الطاقة والموارد الطبيعية. وحول المفهوم العلمي للأبنية الخضراء، تقول الوكالة الأمريكية لحماية البيئة: نتيجة لتزايد أثر الأبنية في البيئة نشأ نهج علمي جديد يسمى «الأبنية الخضراء»، وبدأ هذا الاتجاه يكتسب زخماً له في الولايات المتحدة؛ إذ إن تصميم الأبنية الخضراء آخذة في الاعتبار حماية البيئة، واستخدام مواد أُعيد تدويرها، والاعتماد على الموارد الطبيعية، كضوء الشمس والرياح ومياه الأمطار، وكل ذلك بغية التقليل إلى أدنى حدٍ ممكن من أثر المباني في البيئة. ويشكل إنشاء أبنية المكاتب الخضراء إحدى الطرق العديدة الأكثر مودةً وتوافقاً للبيئة التي بدأت تتبناها الشركات الكبرى الأمريكية في أعمالها. يذكر أن المنتدى السعودي الأول للأبنية الخضراء 2010 عقد برعاية وزارة الشؤون البلدية والقروية في قاعة المؤتمرات في برج المملكة في الرياض، وأكد الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، أن مفهوم الأبنية الخضراء بمعناه الواسع ليس مقصوراً على مواد البناء المنسجمة مع البيئة والطبيعة فحسب، وإنما يتعامل مع النمط المحلي في البناء والموروث العمراني في التخطيط والإنشاء وتطوراته الحديثة في المجتمعات العمرانية الملحية. وشدد وزير الشؤون البلدية والقروية - في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه عبد الرحمن الدهمش المستشار والمشرف العام على مكتب وزير الشؤون البلدية والقروية - على أهمية دور القطاع الخاص في تفعيل مفهوم الأبنية الخضراء، والاستفادة من المعطيات العمرانية الزاخرة للمملكة في بناء المساكن الخاصة والعامة، مشيداً بالدور الفاعل للمواطن السعودي في إثراء هذا المفهوم. #3# ترشيد استخدام الطاقة يجمع الخبراء على أن العمارة الخضراء تتبع طريقة بناء تهتم بجوانب الحياة البيئية كافة، مع التركيز على كيفية التقليل من استخدام الطاقة، كما تراعي في تصميم البنايات إمكانية الاستفادة من الطبيعة، كاختيار موقع البناية مقابل الشمس؛ ليمكنها الاستفادة من الطاقة الشمسية للتقليل من استخدام الكهرباء، مع إمكانية ترشيد استخدام الماء في الحمامات والمطابخ. وبحسب المهندس الفضل فإن تفعيل تطبيق مفاهيم الاستدامة والعمارة الخضراء في صناعة البناء سيقود إلى إيجاد الحلول الملائمة للمشكلات البيئية والاقتصادية والوظيفية. ولفت إلى أن هذه المباني يتم تصميمها وتنفيذها وتشغيلها بأساليب وتقنيات متطورة تسهم في تقليل الأثر البيئي، وخفض تكاليف التشغيل والصيانة واستهلاك الطاقة على المدى البعيد، كما أنها تسهم في توفير بيئة عمرانية آمنة، وتسهم في رفع معدلات إنتاجية مستخدمي هذه المباني. وأوضح الأمين العام للمنتدى: تحظى دول مجلس التعاون الخليجي بفرص نوعية للاستفادة من طفرة المشاريع التي تشهدها لوضع أساسات صناعة خضراء تتوافق مع المعايير البيئية، وفي حال الاستثمار الأمثل لهذا القطاع يمكن لدول المنطقة أن تتصدر قطاع المباني الخضراء والصناعات المرتبطة به على الصعيد العالمي. وهناك مجموعة من المعطيات التي تسهم في بناء صناعة خليجية خضراء رائدة عالمياً، من أبرزها أن هذا القطاع يشكل فرصة استثمارية مغرية في ظل الطلب العالمي المتنامي على الأبنية الخضراء؛ أي تلك التي تتوافق مع المعايير البيئية من خلال مجموعة من المواصفات، بدءاً من استهلاك أقل للطاقة، مروراً بإنتاج أقل للنفايات، وصولاً إلى الحد من انبعاثات الكربون. ومن هنا، فإن «الأبنية الخضراء» تعد بديلاً حضارياً للأبنية التقليدية؛ لأنها تضع في الحسبان عند تصميمها حماية البيئة من التلوث الناتج من الصناعات، مع استخدام مواد أعيد تدويرها، والاعتماد على الموارد الطبيعية، كضوء الشمس والرياح ومياه الأمطار، وكل ذلك بغية التقليل، إلى أدنى حد ممكن، من الأثر السلبي للمباني في البيئة، مع مراعاة تحسين جودة المساكن. هذا، وقد كانت التوصيات مقسمة على صعيد القطاع الحكومي: ــ إلحاق مفهوم التوازن البيئي والعمراني إلى استراتيجية التنمية العمرانية الوطنية الخاصة بوزارة الشؤون البلدية والقروية. - تطوير بناء الكود السعودي ليشمل الكود الأخضر المتوافق مع ضوابط وشروط تطبيق الحد الأدنى من مواصفات أنظمة الأبنية الخضراء. أهمية تدريب العاملين في الأمانات والبلديات والجهات ذات العلاقة بمفهوم الأبنية الخضراء وتطبيقها على أرض الواقع (ورش عمل، ندوات، لقاءات). ــ استمرار الحملات الوطنية للمياه والكهرباء لتشمل سبل الطاقة المستجدة وتدوير المياه وإيجاد حوافز دافعة للتغير نحو الاستهلاك المسؤول للمنشآت القائمة والجديدة. ــ الإشادة بالجهود القائمة في الحفاظ على الموروث والهوية الوطنية الخاصة بالمجتمع السعودي العمراني العريق. ــ تبني البلديات الفرعية لمكافآت المواطنين لاستخدام البدائل والمواد الاختيارية الصديقة للبيئة عند إنشاء الأبنية الجديدة من خلال برامج محفزة بالتنسيق مع الجهات الخدماتية من كهرباء وماء. ــ أهمية التربية والتعليم والاهتمام بثقافة المسؤولية الاجتماعية للأطفال والأشبال نحو البيئة الطبيعية للأبنية الخضراء من خلال فعاليات وأنشطة تعليمية ترفيهية . ــ حث وزارة التعليم العالي على إيجاد برامج ماجستير وما بعد التخرج في تخصصات الأبنية الخضراء ككليات مستقلة، ومتصلة بكليات الهندسة والعمارة والتخطيط. وإعداد أدلة ونشرات تعريفية إرشادية عن هذا المفهوم والبدء بالأشبال في المدارس والمراكز التعليمية؛ ليتم غرس مفهوم الأبنية الخضراء والاستدامة منذ مراحل الطفولة. أما على صعيد القطاع غير الحكومي فكانت من خلال: دعم الجمعيات المهنية والعلمية من خلال التدريب المهني الهندسي والتعليم المستمر فيما يخص منظومات ومعايير الأبنية الخضراء. ــ اقتراح تطوير مسمى معايير الاستدامة القطرية QSAS إلى مسمى معايير تقييم الاستدامة الخليجية GSAS على أن يكون مقرها عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض في بحوث وتطوير المنظومات الخليجية للأبنية الخضراء والاستدامة. ــ دعم جهود المجلس السعودي للمباني الخضراء لنشر ثقافة الأبنية في السعودية والتمثيل المحلي والدولي وإنهاء إجراءات التأسيس لجمعية غير ربحية وغير حكومية. ــ تأسيس اللجنة الوطنية الخاصة للأبنية الخضراء لدى الغرف التجارية السعودية تعنى بالاستثمار ودعم رجال الأعمال والمنتجات والخدمات الصديقة للبيئة وحماية المستهلك من الغش الأخضر. ــ تأسيس مركز معلومات وطني سعودي لرصد الأثر البيئي للمباني بالتعاون مع الهيئات والمنظمات والمؤسسات المحلية والدولية. ــ احتضان جمعية العمران السعودية لمفهوم الأبنية الخضراء من منظور علمي لتدريب وتطوير العاملين في العمارة والتخطيط. أما على صعيد الاستشاري والمقاول والمطور: ــ تطوير الاستخدامات والاستفادة من نمذجة معلومات البناء في جميع خدمات البناء الاستشارية والمقاولاتية؛ لما لها من ناتج إيجابي في خفض التكاليف من التصميم والتنفيذ والتشغيل ودراسات تحليل الطاقة والمياه. ــ تحقيق التوازن البيئي والعمراني والتشجير في التطوير العمراني. ــ تحقيق الجودة لأعمال المقاولين من خلال تقييم المنشآت بشهادات التصميم والتنفيذ والتشغيل للأبنية الخضراء. ــ دعم المطور لمنتجات مواد البناء الأخضر وأنظمة الطاقة المستجدة وإعادة تدوير المياه ومخلفات البناء. ــ التدرج في تطبيق الأبنية الخضراء على المقاول والبدء بالمشاريع الكبرى، ثم مشاريع القطاع الخاص العامة مثل الفنادق والمراكز التجارية الكبرى. وختاما: نحن في المنتدى الأول نوصي بإقامة المنتدى السعودي للأبنية الخضراء الثاني برعاية وزارة الشؤون البلدية والقروية وبمشاركة وزارة المياه والكهرباء؛ لتستمر الجهود للحد من التأثير البيئي للأبنية؛ لنكون خلاله قد حققنا الكثير من التوصيات والمنجزات ومتابعة ما يستجد في صناعة الأبنية الخضراء المتجددة. الجدير بالذكر، أن مؤتمر «المنتدى السعودي للمباني الخضراء 2010» تناول لأول مرة الجهود المبذولة من قبل المملكة العربية السعودية لرصد ومراقبة الأثر البيئي للمباني وتعزيز كفاءتها من خلال التركيز على تصميم المباني الخضراء المتوافقة بيئياً، ويتعرف المشاركون على المبادئ التوجيهية والاستدامة وقوانين البناء ونظم التقييم والمبادرات الخضراء التي يجري وضعها وتنفيذها في المملكة، إضافة إلى عديد من العروض والأمثلة ودراسات الحالة لعدد من المشاريع الجديدة والمثيرة من جميع أنحاء المملكة.
إنشرها

أضف تعليق