المتفائلون يستخلصون إشارات إيجابية من أجواء الأسهم الكئيبة

المتفائلون يستخلصون إشارات إيجابية من أجواء الأسهم الكئيبة

لم تكن الثيران (المتفائلون) بالغة النشاط والحركة في بامبلونا وحدها الأسبوع الماضي. انطلقت أيضا بصخب وشغب في الحي المالي في لندن، رافعة مؤشر فاينانشال تايمز 100 بنسبة 6.1 في المائة، ليسجل أعلى صعود أسبوعي له خلال عام كامل. ومع ذلك، كان هناك عدد قليل من المراهنين على أن هذا الارتداد الإيجابي سيستمر إلى ما بعد مهرجان سانت فيرمين الذي يستغرق تسعة أيام.
بالنسبة لكثير من المتداولين كان هذا الارتفاع أمراً متوقعاً، على الرغم من تفاجئهم بدرجته. فبعد ثلاثة أشهر من التراجع، بات مؤشر فاينانشال تايمز 100، ومؤشرات الأسواق المتقدمة الأخرى، في منطقة التصحيح تماما (من المتفق عليه عموماً أن تكون تراجعاً بنسبة 10 في المائة أو أكثر)، وكان عليها أن تتعافى في وقت ما. ومضت هذه الحجة إلى القول إن الأسواق لا تهبط (ولا ترتفع) بخط مستقيم.
يضاف إلى ذلك أن نصف عام مر على تخلص البنوك والوسطاء من المخاطر وحدثت فترة توقف للأنباء السيئة، ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته المتعلقة بالنمو العالمي، وتراجعت مطالبات العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها خلال شهرين، ويوجد تفاؤل متزايد بشأن نتائج اختبارات الإجهاد للبنوك الأوروبية. ولخص أحد الوسطاء الأسبوع بقوله: "مجرد ومضة في جو كئيب يمكن اعتبارها، خطأ، شعاعا حقيقيا من ضوء الشمس، وتؤدي إلى ارتداد إيجابي قوي".
لكن ثمة أسبابا للاعتقاد بأن هذا الارتفاع يمكن أن يستمر. وأحد أسباب التفاؤل هو موسم نتائج الربع الثاني الذي بدأ يوم الإثنين. ويمكن أن تكون الأرباح عامل تحفيز لتحرك آخر باتجاه الارتفاع، لأن التوقعات متواضعة على الأقل. ووفقاً لـ RBS، تتضمن التوقعات المُجْمَع عليها بالنسبة لمؤشر ستاندر آند بورز 500 عدم وجود نمو في أرباح الأسهم على أساس ربع سنوي، حتى وإن كان مرجحا أن يؤدي تقليص النفقات إلى دعم هامش الأرباح، فيما يرفع الانتعاش الاقتصادي المبيعات.
بالطبع، الحكم على موسم الأرباح لا يكون من خلال الأرقام وحدها. ستكون نغمة بيانات التوقعات مهمة كذلك. لكن إذا كان هناك دليل على أن المشاكل في أوروبا لم تؤثر في الأرباح بشكل ملموس، فمن شأن ذلك أيضاً أن يدفع أسواق الأسهم إلى أعلى.
وحتى لو تضمنت البيانات نغمة أقل ثقة مما كانت عليه في أوائل العام، فمن غير المحتمل أن يؤدي ذلك إلى عمليات تصفية أخرى. والسبب أن المشاعر تشاؤمية للغاية في اللحظة الراهنة. والحقيقة، من السهل أن يتغاضى المرء عن إلى أي مدى أصبح المستثمرون متشائمين خلال الربع الماضي. وحدوث انكماش تفصل بينه فترة من الانتعاش يعد سيناريو الحالة الرئيسية لكثير من الناس وحتى المحللين ـ الذين يتم تحفيزهم كي يكونوا متفائلين ـ لديهم أقل عدد من توصيات الشراء في السجلات (في الدول المتقدمة).
مع ذلك، هذا التشاؤم ينعكس بصورة متزايدة على أسعار الأسهم. ويقول HSBC، مثلا، إن أنموذج الحسم من ربح السهم، الخاص به، يشير إلى أن الأسهم الأمريكية تضع في الاعتبار نمو الأرباح بنسبة صفر في العقد المقبل، بينما معدل السعر/الأرباح المتوقع بالنسبة للأسهم العالمية يبلغ حاليا 11.9 مقابل متوسط مضى عليه وقت طويل، يبلغ 16.4.
من الواضح أن الأمور ستكون صعبة خلال العامين المقبلين، مع تقليص الحكومات الإنفاق بحدة وزيادة الضرائب لتقليص الديون الزائدة. لكن هل ستكون الأمور بهذه الدرجة من السوء؟ الأمر هنا هو أن النمو لا يتباطأ بحدة مثلما كان يُخشى منه، وبالتالي من المفترض أن يكون رد فعل الأسهم إيجابياً.
وكما لاحظ هذا العمود في الأسبوع الماضي، من الطبيعي تماماً أن يتباطأ النمو في السنة الثانية من التعافي. وبالمثل، ليس من غير العادي أن نشهد أسواق الأسهم تتراجع في السنة الثانية بعد التعافي. وأكثر من ذلك، التقشف أمر لا يفترض أن يخاف منه المستثمرون بالضرورة. وقد أجرى HSBC اختبارا على 107 من تلك الفصول التي خفضت خلالها البلدان عجوزاتها ووجد أن أداء أسهمها فاق، في المتوسط، أداء الأسواق العالمية بنسبة 28 في المائة طوال أربع سنوات من إعادة التخندق.
لكن إلى أن يعود المستثمرون إلى شراء الأسهم مرة أخرى، ستجد الأسواق أن من الصعب عليها تحقيق تقدم في الأجل الطويل. ومنذ عام 2007 شهدت صناديق الأسهم الأمريكية – وهي وكيل منطقي للأسواق المتقدمة ـ تدفقات رساميل نحو الخارج بقيمة 321 مليار دولار، ونحو الداخل بقيمة 19 مليار دولار فقط خلال الأشهر الـ 12 الماضية. وعلى النقيض من ذلك تمتعت صناديق السندات بتدفقات نحو الداخل بقيمة 531 مليار دولار منذ نهاية عام 2007. ومع ذلك، إذا تبين أن البيانات الاقتصادية ونتائج الشركات أقل كآبة ممّا كان يُخشى منه، فإن هذا الصعود سيستمر.

الأكثر قراءة