Author

الوقت الأنسب لتغيير ثقافة المسكن

|
تعد ثقافة توفير السكن المناسب من أهم العوائق التي تقف أمام المواطنين في تهيئة السكن الملائم لهم. كثيرا ما نتأثر بأمور ليس لها علاقة بالاحتياجات الفعلية لأسرنا. المظاهر الاجتماعية، البذخ، التخطيط غير المدروس للمستقبل, كل هذه الأمور ألقت بظلالها على ثقافة توفير المسكن الملائم لاحتياجات الأسر السعودية, فأصبحت نسبة الأسر التي تملك مسكنا خاصا نسبة بسيطة مقارنة بمن لا يملكون مسكنا. وهذه النسبة حقيقة لا تمثل مستوى الاستقرار والرخاء الذي نعيشه في المملكة، والدليل انظروا إلى السيارات التي يمتلكها المواطنون. المشكلة يشترك فيها أكثر من عامل ولها عدة مسببات. المواطن يعد السبب الرئيس في خلق هذه المشكلة، وسأضرب الأمثلة على ذلك. المظاهر الاجتماعية تحتم علينا أن نبني مساكن لا نستخدم منها بالشكل الفعلي إلا أقل من النصف، فأكثر الغرف مخصصة للضيافة والاستقبال. البذخ في أن نكسو هذه المساكن بأبهى الحلل، وأن تجدد بشكل دوري, ما يثقل الأسر بمبالغ مالية هائلة ومتتالية. أما التخطيط غير المدروس وهو أشدها قسوة، كأن يبني الشخص منزلا يتسع لعشرة أفراد تخطيطا لمستقبل لا يعلمه إلا الله، وإذا وصل إلى هذا العدد فكر مجددا في توفير مسكن أحدث وأنسب. أيضا فإن عدم وجود الشركات الكبرى المتخصصة في تطوير المساكن وتمويل البناء والاستثمار فيها يعد من أهم أسباب مشكلة الإسكان التي نواجهها, فعدد الشركات المطورة وحجم استثماراتها، لا يتوازيان مع الحاجة الفعلية في هذه السوق، كما أنهما لا يتوزعان بالشكل المناسب لتغطية المساحات الشاسعة التي نعيش فيها في المملكة. أيضا فإن عدم وجود شركات تمويل متخصصة في هذا النوع من الاستثمار، أسهم في تفاقم المشكلة، حيث إن فترة استرداد رأس المال في مثل هذه المشاريع تعد طويلة مقارنة بوسائل التمويل المطلوبة في السوق المحلية. صحيح أننا نضع الآمال بعد الله على صدور نظام الرهن العقاري، لكن صدور النظام بمجرد الصدور ليس حلا، إن لم تتغير ثقافة الشعب السعودي للمسكن. ومع هذا التغير الإيجابي، نتمنى أن نرى شركات الاستثمار العقاري وشركات التطوير العملاقة قد أسهمت في حل هذه المشكلة المرهقة. فالشركات المتخصصة تستطيع أن تلعب دورا محوريا في تغيير الثقافة الاجتماعية لتوفير المسكن، كما أن وجود الحلول التمويلية سيسهم في رفع نسب تملك المساكن وبفترات معقولة. المواطن في هذا الزمن في حاجة إلى تغيير فعلي لهذه الثقافة، ويفترض أن تنطلق سياسة التغيير من الشركات المطورة والممولة بالتعاون مع الجهات المسؤولة، فالموطن الآن بدأ يفكر في توفير المسكن الملائم بغض النظر عن ثقافة الإسراف السلبية التي نشأ عليها. التغيير يجب أن يشترك فيه الجميع، خصوصا أننا نستفيد من العامل المالي والتطور الاجتماعي، اللذين يلعبان دورا مهما في تغيير الثقافة. وأعتقد أن وجود هيئة وطنية للتخطيط وإيجاد الحلول لمشكلة الإسكان أصبح أمرا ضروريا في هذا الزمن الذي نعيشه.
إنشرها