نظام الرهن العقاري.. هل هو الحل لأزمة الإسكان؟

نظام الرهن العقاري.. هل هو الحل لأزمة الإسكان؟

أشارت إحدى الدراسات أخيرا إلى أن تنفيذ نظام الرهن العقاري سيؤدي إلى زيادة حجم المعروض من العقارات الإسكانية جنباً إلى جنب مع تراجع نسب الفائدة التي تأخذها الشركات والبنوك التمويلية. ووجهة النظر هذه هي السائدة أيضاً بين الكثيرين اليوم ممن يحلمون بامتلاك منزل العمر، ولكن هذه الدراسة المتفائلة تتطرق لإيجابيات نظام الرهن العقاري كما لو كان العامل الوحيد الذي لطالما افتقدناه لحل أزمة الإسكان لدينا. فهناك عوامل أخرى تؤثر في حجم العرض والطلب على العقارات الإسكانية منها أسعار مواد البناء كالحديد الذي وإن توافر اليوم فبأسعار نارية، وتوافر البنية التحتية، ووجود حافز الربح لدى المستثمر لبناء المساكن وبيعها. كما أن نسب الفائدة التي تفرضها الجهات التمويلية الخاصة ترتبط بشكل مباشر بالسياسات النقدية التي يتحكم فيها البنك المركزي أو مؤسسة النقد لتحقيق أهداف غالباً ما تتعلق بالتعامل مع مستويات التضخم والأزمات الاقتصادية المحلية أو الدولية والتي اتسمت باتساع نطاق تأثيرها أخيرا وسرعة انتشارها. ومنطلق الحديث هنا للتنبيه هو على أساس المدى الطويل بما يزيد على 5 إلـى 10 سنوات، لأن نظام الرهن العقاري قد يفيد للأجل القصير كنظام جديد بافتراض مستوى مقبول من الاستقرار الاقتصادي خلال هذه الفترة. والناظر إلى نظام الرهن العقاري خاصة إذا ما كانت هناك جهة تنفيذية تدعمه سيرى أن الحماية فيه ستكون للجهات الممولة من تعثر وتخلف المقترضين عن السداد، بينما سيظل المواطن المقترض تحت رحمة تجار الحديد والأسمنت ووزارة التجارة أو المستثمرين في البيوت الجاهزة والمعروضة بأسعار تفوق تكلفتها بمبالغ كبيرة. فالحلول الحقيقية لأزمة الإسكان لأزمة المواطن لا تتحقق بنظام الرهن العقاري فقط، بل أيضاً بحمايته من المتلاعبين بمواد البناء وأسعارها وبتوسيع نطاق المدن من خلال إيجاد الخدمات الرئيسة والبنية التحتية في مناطق أكبر توزيعها بين المواطنين، وتحديد مستويات عليا لأسعار الأراضي بحسب المواقع لمنع المضاربات والمزايدات على أراضي الوطن مِن قِبل مَن أعماهم الجيش. وخلاصة القول إن الأزمة الحالية ليست أزمة واحدة تتمثل في الحصول على التمويل اللازم للبناء بل يضاف إليها أزمة موارد مادية أخرى كالحديد الآن والأسمنت في وقت مضى، وأزمة إيجاد مواقع للبناء بأسعار معقولة. * "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"
إنشرها

أضف تعليق