هل يلقي التليسكوب هابل جزاء سينمار؟

هل يلقي التليسكوب هابل جزاء سينمار؟

لا يوجد في العالم أداة علمية حظيت بما حظي به التليسكوب الفضائي هابل من شهرة، فعلى مدار العقود الأربعة التي أعقبت اختراع التليسكوب الأول هابل والتلسكوبات الأخرى وإطلاقها في الفضاء ، حدثت ثورة في طريقة إدراكنا للكون. يكمل هابل هذا الشهر عشرين عاما من العمل في المدار الأرضي ، وفي الوقت الذي لايعرف فيه العلماء إلى متى سيظل هابل قادرا على العمل في الفضاء ، فإنهم لا يزالون شغوفين بتلقي صور جديدة منه عن الكون. ويقول روبرت فوسبري رئيس فريق وكالة الفضاء الأوروبية ، الذي ينسق مع ناسا عمل التليسكوب هابل:" لقد حقق أكثر مما كان الجميع ينتظرونه منه..لقد فتح هابل أمامنا الباب لسبر أغوار جديدة في الفلك". إن هذا التنامي في المعرفة يعكسه ما قام به هابل من إنجازات في العوالم البعيدة، المعروفة باسم الكواكب السيارة خارج النظام الشمسي، مثل النجوم، ويقول فوسبري " عندما تم إطلاق هابل لم يكن أحد قد اكتشف وجود كواكب خارج النظام الشمسي ". واليوم ، يقوم هابل بتفحص التركيب الكيميائي لطبقات الغلاف الجوي المحيطة بتلك الكواكب. وبفضل هابل تمكن علماء الفلك من إثبات وجود جزيئات عضوية خارج نظامنا الشمسي وهو يسعى للبحث عن شواهد تدل على وجود أي شكل من أشكال الحياة خارج النظام الشمسي. إن الميزة الأساسية لهابل تكمن في أنه متمركز خارج الغلاف الجوي الأرضي ويتمتع برؤية صافية للفضاء. وبفضل إمكانيات هابل تمكن علماء الفضاء من التعرف على نجوم فردية في مجرات نائية للمرة الأولى. كما تستطيع المناظير المتمركزة في المدار الفضائي من مشاهدة الأطوال الموجية للضوء، مثل الأشعة تحت الحمراء التي يمتصها الغلاف الجوي. لقد أنجز هابل كما هائلا من الاكتشافات منذ انطلاقه ، فقد التقط قرابة ستمائة ألف صورة عن ثلاثين ألف كائن أوعنصر فضائي تقريبا منذ عام 1990 . ويرسل شهريا ثمانين جيجا بايت من المعلومات للأرض-وهو ما يعادل ثمانين موسوعة ضخمة. وبلغت تكلفة المشروع عشرة مليارات دولار ، بلغ نصيب وكالة الفضاء الأوروبية منها 15 بالمئة وتحملت وكالة ناسا الأمريكية الباقي. وساعد المنظار الضخم في تفسير نشأة النجوم والكواكب السيارة. وقدر عمر الكون بنحو 7ر13 مليار سنة ، كما ساعد في بحث مفهوم الطاقة المظلمة الغامض -أحد الأشكال الافتراضية للطاقة التي تملأ الفضاء والتي تملك ضغطاً سالبا-والتي تدفع الكون للتمدد. علاوة على ذلك، قدم هابل عددا لا يحصى من الصور الفضائية التي خلبت لب عامة، الناس نجاح هابل أيضا يعكس قصة ذيوع وانتشار ناجحة. يقول فوسوري " غالبا ما تكون لتلك الصور من الأهمية عند العلماء ما لها من أهمية لدى العامة" وبالتالي فإنها تساعد العلماء في خلق منظور عام. تلك الألوان الرائعة التي تأتي بها الصور ليست إلا مزيجا من جوانب مختلفة لصورة واحدة على أطوال موجية مختلفة. إن قصة هابل تعود لعقود قبل إرساله للعمل في مدار حول الأرض. لقد كان الدكتور هيرمان أوبيرث)1894-1923( مهندس الصواريخ الألماني الذي انتقل إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، ويعتبر رائد الرحلات الفضائية في أمريكا ، هو أول شخص يخرج بفكرة تليسكوب يدور حول الارض ، وصادق الكونجرس الأمريكي عام 1977 على ميزانية لاقامة مرصد فضائي. وبسرعة أخذ المشروع اسم هابل تيمنا باسم رائد الفضاء إدوين هابل 1889-1953 والذي أثبت في عشرينيات القرن الماضي ان الكون آخذ في التمدد ومن ثم أرسى الأساس لنظرية الانفجار العظيم ، ثم في الرابع والعشرين من نيسان/ أبريل عام 1990 حمل مكوك الفضاء ديسكفري المنظار هابل لمداره حول الأرض. وبعد إطلاقه بشهرين فقط ، تعرض المشروع لانتكاسة كبرى ، حيث تبين أن خطأ صناعيا في الشكل يشوب مرآته الكبرى التي يبلغ قطرها 4ر2 مترا والتي حظيت باشادة عالمية كأكثر "مرايا العالم تسطيحا"، وكان هذا الخطأ يعني أن المنظار سيكون محددا في مدى رؤيته للأشياء. وبعد ثلاث سنوات جرى إصلاح العيب خلال أول مهمة صيانة. واضطر رواد الفضاء للقيام بأربع مهام سير في الفضاء بعد مهمة الصيانة تلك حيث كانوا يخلفون وراءهم في كل مرة جهاز جديد. ومع انطلاق آخر مهام صيانة المنظار هابل في أيار/مايو 1999 ، ليس من المخطط إطلاق مهام أخرى لصيانته ، في ضوء اعتزام وكالة الفضاء والطيران الامريكية /ناسا/ إحالة أسطول مركباتها المكوكية للتقاعد في وقت لاحق هذا العام.
إنشرها

أضف تعليق