بريطانيا تسير نحو التحول لـ «مجتمع رقابي» بكاميرات ناطقة

بريطانيا تسير نحو التحول لـ «مجتمع رقابي» بكاميرات ناطقة

لايعرف في الغالب أي زائر غير مرتاب يطرق شوارع لندن ويسير تحت أعين كاميرات الرقابة الصامتة شيئا عن شبكة غرف التحكم المظلمة القابعة تحت سيرك بيكاديللي ، حيث تتجلى صورته البريئة ويتم انتقاؤها من بين الزحام. وفي الخفاء وأسفل الأرصفة في أكثر مدن العالم رقابة تجد الصور المكبرة لأبناء لندن والسائحين على حد سواء تنساب عبر حائط من شاشات البلازما في غرفة التحكم ذات الدوائر التلفزيونية المغلقة التابعة لمجلس بلدية ويستمنستر الذي يمثل العصب الرئيسي لشبكة الدوائر التلفزيونية المغلقة واسعة النطاق . ومع التفاف وتسليط الكاميرات تجاه كل ما قد يثير الشبهات، تكشف نظم الرقابة عن هوية ذلك الشخص أو الشيء مجهول الهوية لتنتفي عنه صفة الغموض حيث لم يعد مجرد وجه في الزحام. لقد زار المسؤولون عن الشرطة من كل أرجاء العالم مجلس بلدية ويستمنستر المسؤول عن منطقة وسط لندن ، للاطلاع على مهام مراكز التحكم.غير أن جماعات الحقوق المدنية تدين تلك المنشأة وترى أنها الرمز الأبلغ «لمجتمع المراقبة في بريطانيا» حيث تعكف 2. 4 مليون كاميرا تلفزيونية على مراقبة المواطنين وهو عدد أكبر من الموجود في أي مكان آخر في العالم. وقالت أنيتا كولز من جماعة «ليبرتي» الحقوقية ، لوكالة الأنباء الألمانية : «إن الكاميرات تلتف في كل مكان.غير أن التشريع لم يواكب التطورات التكنولوجية. ولا توجد قواعد تحكم استخدامها». وقالت ، إن قوانين المراقبة في بريطانيا ضعيفة إذا ما قورنت بأي مدينة أخرى في العالم « وهناك عدد كبير من المنظمات» تتمتع بسلطة القيام بـ « عمليات ذاتية للمراقبة» ابتداء من الكاميرات وحتى قواعد بيانات الحامض النووي وتسجيل المحادثات الهاتفية ونظم التعرف على اللوحات المعدنية الخاصة بالسيارات. وأشارت جماعة «ليبرتي»على وجه الخصوص لتلك الكاميرات التي لا تراقب فحسب بل تتحدث أيضا، بسبب استخدامها بشكل غير مميز للمراقبة المستهدفة «من قبل المجالس المحلية وغالبا دون سند قانوني واضح. وكانت بلدة ميدلسبره هي أولى بلدات بريطانيا التي استخدمت الكاميرات الناطقة، المكبرة للصوت بيد أنها أصبحت الآن أداة شائعة في كل المجالس البلدية في بريطانيا للقضاء على المشاجرات المنتشرة في الشوارع وكذلك على حشرات القمامة ومخلفات الحيوانات. وقال جاك بونر مدير خطة ميدلسبره لصحيفة «ديلي ميل» « يا له من رادع، فارق ضخم بين أن تعرف أن هناك كاميرا مراقبة، وأن تصرخ تلك الكاميرا عندما ترتكب خطأ ما».وقال إن الكاميرات تجعل المواطن «يفكر مرتين قبل أن يلقي بفضلات أو يبدأ مشاجرة أو حتى يجول بدراجته على ممشى» . وأوضح الرجل «إننا دائما نطلب من المواطنين ما نريد بأدب وإذا انصاع المخالف .يقول له الموظف المسؤول شكرا». غير أن سيدة من المارة الملتزمين بالقواعد والقوانين قالت إنها شعرت بصدمة عندما سمعت الصوت الذي يطلقه مكبر الصوت المصاحب للكاميرا وأضافت «إنه كأخي الأكبر يوبخني».كانت غابة الكاميرات التلفزيونية تلك جرى نشرها في لندن لمراقبة نظام فرض غرامات الاختناق المروري، غرامة أقرتها العاصمة البريطانية لتخفيف حدة الاحتقان المروري في بعض مناطقها حيث تجبر قادة السيارات على التزام. طرق مختلفة في بعض الأوقات - وشرعت السلطات في تنفيذ خطة تجريبية ، بحيث ترسل لملاك السيارات المسجلة إنذارات غرامة جراء إلقاء أوراق من نوافذ السيارات.وذكر تقرير لمفوض المعلومات البريطاني عام 2006 ، أن بريطانيا «تسير دون أن تدري نحو التحول لمجتمع رقابي وهو ما يحدث حولنا بالفعل». وتخيل التقرير طبيعة الأوضاع في البلاد عام 2016 ، وقال إن الماسحات الضوئية سوف تنتشر على أبواب المتاجر لتتعرف على العلامات التجارية على ملابس كل شخص يدلف للمتجر، وإن طائرات تجسس يتم التحكم بها عن بعد ستنقل للشرطة صورا للشوارع وتفاصيل الرحلات التي تقطعها السيارات السيارات المارة.لقد أثار قرار الحكومة البريطانية الأخير بوضع ماسحات ضوئية في مداخل المطارات الكبرى موجة معارضة قوية من الجماعات الحقوقية ، التي تخطط لاتخاذ إجراءات قانونية مضادة على أساس أن تلك الماسحات تمثل انتهاكا للخصوصية وقوانين مناهضة التمييز. وقالت أنيتا كولز من «ليبرتي» :« إننا قلقون بشأن استخدام تلك الماسحات بشكل عشوائي». غير أنها قالت إن ما شجع المدافعين عن الحقوق المدنية على ذلك هو مؤشرات تدلل على أن عامة المجتمع البريطاني باتوا «أكثر قلقا» إزاء التعدي والتطفل. وأظهر استطلاع للرأي قامت جمعية «جوزيف رونتري ريفورم تراست» بتمويله، نشرت نتائجه في شباط (فبراير) الماضي إلى أن ما يزيد على 80 في المائة من البريطانيين يرون أن من حقهم معرفة المعلومات التي تملكها الحكومة عنهم.
إنشرها

أضف تعليق