مأساة الزواج في الوطن العربي
الزواج في الوطن العربي عبارة عن خبرة في التنقية والتصفيد والأخذ بالمظاهر الكاذبة لا أكثر فالعروس تختار( بضم التاء) بناء على لقب العائلة الكريم ووظيفة الأب المحترمة وزوج الأخت الثري والعريس يتم اختياره على أساس جيبه العامر وشهادة من يحبه وعن ماذا إذا كان يصلي الفجر في المسجد ويحضر خطبتي وصلاة الجمعة بدون أي اعتبار للصلوات الأخرى وبقية أركان الإسلام وآخر ما تهتم به العائلتان هو انسجام الزوجين في الصفات والطبائع مؤمنين بأن ذلك يأتي مع العشرة وطول الزواج هذا لو استمر.
والزواج في عرف بعض العرب له شروط ومواصفات قياسية دونت في عقولهم منذ قرون ولن تمحيها أي قوة على الأرض و( كأنها خرجت من ديوان هيئة المواصفات والمقاييس) يخشون مخالفتها والتعرض لعقوباتها.
فبحسب آخر الإحصائيات عن نسبة الطلاق في بعض البلدان العربية فقد بلغت هذه النسبة 35% في السعودية و38 % في دول مجلس التعاون الخليجي وفي كل دول الوطن العربي مجتمعة لن تقل النسبة عن 45 % وهذه إحصائية مفجعة حقيقة ،و تدعو للتساؤل عن الأسباب التي رفعت نسبة الطلاق في الوطن العربي إلى هذا الحد الذي بات يهدد كيان الأسرة العربية وترابطها ، وبحسب اعتقادي أن من أبرز هذه الأسباب ربما كان الاستعجال في إتمام مراسم الزواج دون إعطاء الزوجين فرصة كافية للتعرف على بعضهما البعض بعمق وروية طبعا ضمن ضوابط محددة ، فكثير من الزيجات تتم في أقل من سنة ينشغل فيها الزوجين بإعداد حفل الخطبة ومن ثم حفلي عقد القران و الزواج مما لا يترك لهما مجال أن يكتشفا طبائعهما و ما إذا كانا منسجمين أم لا , وفي بعض الأحيان يتم إقناع أحد الطرفين بالزواج لمجرد أن أحدا من الأسرة رأى توافر بعض المميزات في الطرف الآخر أو ما قد يظنها الأهل كذلك وفي أحيان أخرى لا تتم زيجة لمجرد أن هناك أحدا من الأهل أو من الآخرين يكره أحد طرفي الزواج وعرف كيف يزرع الفتنة عند أهل الطرف الآخر ويسقط الزواج قبل أن يتم.
وإذا كان هذا الوضع سائدا وموثقا ولا نستطيع أن نتجاهله ولكننا نتقمص دور النعامة حيال هذه القضية المهمة والشائكة ، أليس من المفترض وما يتقبله العقل أن يحق لكل طرف أن يتقبل الآخر بناء على صفاته الظاهرة وعلى ما رأى وسمع منه ؟ دون القفز إلى استخلاص أحكام سيئة وقاتلة قد لا تكون صحيحة أو إطلاق صفات نبيلة ربما لم تكن متواجدة من الأساس فالنتيجة مؤلمة للرجل وللمرأة لان الطلاق لم يعد مجرد نعتا سيئا للمرأة بل أصبح هو كذلك عند الرجل ، فالرجل المطلق يصبح عرضة للسؤال عن سبب تطليقه لزوجته ويتعرض للشروط أكثر من غيره إذا تقدم للزواج من أخرى ، وقد يكون مجرد ضحية أهله أو أي ظرف آخر أرغمه على القيام بزواج تقليدي بحت أضر به وحينما تخلص من ذلك الزواج بالطلاق صار وصمة عار في حياته .
وبعد كل هذا الم تكن العجلة والأخذ بالمظاهر الكاذبة دون التأني في المعرفة والتأكد من أن ذلك الزواج قد تم على أسس صحيحة سببا رئيسيا في فشله وانهياره ، ولماذا لا يسمح للعروس المفترضة أن تتأكد من أن المتقدم للزواج بها هو فعلا رفيق الدرب الذي لن يهرب في منتصف الطريق وهذا ينطبق على العريس أيضا إذ عليه أن يتأكد أن من ينوي الارتباط بها هي بالفعل رفيقة الروح والدرب معا ، وأكاد اجزم أن الابتعاد عن مثل هذه الأمور قد صيّر الزواج في المجتمعات العربية مأساة وكابوسا يخاف منه كل مقبل أو مقبلة على الزواج بالرغم من كونه سنة الحياة ومتعة كبرى من متعها ، ولكنه للأسف تحول إلى لعنة وغضب بسبب سوء تقدير الناس وقلة وعيهم فإذا كان الفحص الطبي قبل الزواج مهم فإن الفحص المعنوي والروحي أهم لأنه من يبقى ويدوم فكم أتمنى أن تتغير حال الزواج في بلادنا العربية ليعود لأصله الحقيقي الذي هو سكن للروح وليس العكس.