لماذا ندخن؟
إنه سؤال من الصعب الإجابة عنه لأنه لا يتفق مع العقل ولا المنطق ولا الأخلاق ولا الصحة ولا الرجولة ولا الاقتصاد ولا أي مبدأ والمشكلة أن معظم المدخنين من صفوة المجتمع دكتور طب أو سياسة أو ثقافة أو تجارة أو اقتصاد أو أي مجال من أرقى المجالات العلمية أو التقنية وهم قدوة في العلم والأخلاق والثقافة والمراكز ولكنهم رغم هذا المستوى لا يستطيعون الإجابة عن هذا السؤال .
فلو تمكنت من سؤال أي واحد منهم: لماذا أتعبت نفسك وشغلت وقتك وتحملت الجد والاجتهاد والمثابرة حتى وفقك الله لتحقيق هذا المستوى الرفيع في المجتمع؟ لقال إن تعبي بالأمس من أجل سعادتي اليوم فها أنا اجني ثمرات سني عمري التي قضيتها في التحصيل والمثابرة, فتقول له هذه إجابة شافية ووافية ولكن لو طلبت منك طلبا بسيطا جدا وهو: لماذا تدمر كل جهودك وسعادتك بخمسة ريالات يوميا والتي ستجعلك بدلا من المكتب الفاره والقصر العامر وحنان الزوجة وبهجة الأبناء أسير السرير الأبيض فما المكافأة التي ستقدمها لهذا الدخان هل تدرون ماذا سيكون جوابه؟ مصيبة إنه الواقع المرير الذي لم يفكر فيه أحد رغم علمه وسعة اطلاعه.
إنه رفيق دربك الحبيب الذي تصرف من أجله كل يوم خمسة ريالات وتميزه على باقي أحبابك فهو دائما أمامك لصيق جسمك في جيبك، أين العلم والعقل والحكمة والحرص أنسيت كل ذلك من أجل أعز صديق سيسلبك لذة العافية ويجعلك طريحا على السرير الأبيض تعاني الآلام وتتحرى الموت في كل لحظة؟
هل تعلم أن الدخان سلاح فتاك محكم التقنية سهل الاستخدام يحقق للعدو أكبر نتائج تدمير من المسدس والبندقية والصواريخ وجميع الأسلحة الفتاكة ولا يكلف العدو ولا هللة واحدة بالعكس العدو يضمن إصلاح جميع معدات المصنع على المستخدم وكذلك النقل والتوزيع والاستخدام فأين عقلك؟ إلى متى ونحن لا نعي ولا ندرك حقائق الأمور ونشتري حتفنا بتعبنا وجدنا واجتهادنا ونؤثره على كثير من مصالحنا؟ لو طلبت منك أن أدمر حياتك وصحتك مقابل مبلغ مالي أنا الذي سأدفعه لك هل سيبقى في قلبك حب لي أجبني بكل صراحة؟ فما بالك وأنت بكامل عقلك ووعيك تدفع مالك لتدمير حياتك ومستقبلك؟ أنا لا أخاطب الطبقة المثقفة ولكن أخاطب كل ذي عقل وبصيرة ثاقبة وإحساس ومشاعر.
اليهود قالوا إن نبي هذه الأمة علمهم حتى الخلاء أكرمكم الله.
فلو كان في الدخان أقل فائدة ما نسيها دينكم ولا بلغكم بشرب الدخان ولكن يعلم الله أن فيه هلاكا فحذركم أن تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة فلماذا تغفلون؟
الخلاصة نحن أمة تسعى حثيثا نحو التقدم والازدهار فليس من العقل والحكمة أن يلعب بعقولنا عدونا ليقضي على صحتنا ومستقبلنا وسعادتنا بأموالنا وبرضانا وقناعتنا الشخصية التي لم تفكر ولو لحظة بقيمة السعادة.
فمن يبيعني نفسه بخمسة ريالات يوميا؟
عدد القراءات : 251
* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"
أضف تعليق