Author

أيها الزوج .. ما رقمك في القائمة؟!

|
عزيزي الرجل: هل تشعر بأنك غريب في بيتك .. وحيد بين أهلك .. بعيد رغم قربك .. مُتجاهل رغم وجودك .. تفكر وحدك .. تشعر وحدك .. تتألم وحدك .. تتعب وحدك؟ إن كنت تعاني ما ذكرتُ، فاعلم أن معاناتك ترجع إلى سبب واحد وهو: أن زوجتك لا تعرفك ولا تحاول أن تفعل ذلك، لأن مغريات العصر شغلتها عنك يا مسكين!! بعد عام أول من الزواج، وعقب أول مولود، تتضاءل رغبة المرأة في إرضاء زوجها والبحث عما يريحه، لظنها أنها قد أسرته وغلبته عن طريق الإنجاب، عملاً بالمثل القائل ''يغلبك بالمال ..اغلبيه بالعيال''، وعلى أثر هذا الظن توجه المرأة جل اهتمامها نحو طفلها أو نفسها، وتنسى واجبها المقدس نحو أحق الناس بها، بل وتعتبر ذلك الحق ''عادة دميمة'' حان الوقت للتخلص منها ولو بالعصيان!! مع الأسف، فإن أهل المرأة وذويها، وبعض الدوائر في مجتمعها يدفعونها رويداً رويداً ناحية الاستجابة لهواجس العصيان والتمرد على زوجها، تأثراً بثورة الأفكار الجديدة التي أصابت كثيراً من موروثاتنا الاجتماعية والأسرية بالضرر، في ظل شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، إذ أبرزت النتائج الواقعية هُزال تلك الأفكار والشعارات، وبان لكل ذي نظر أن تأثر المرأة بفكرة مقارعة الرجل، ومزاحمته في منطقته الخاصة، كي تثبت له وللمجتمع أنها ليست أقل منه، سبب شروخاً وتصدعات في العلاقة بين الزوج وزوجته. ولا أدل على ذلك من تزايد حالات الطلاق، وتزايد حالات النزاع أمام دوائر القضاء، على خلفية التزايد المطرد في كم المشكلات ونوعها التي تقع بين الأزواج، والتي لا يمكن إرجاعها لأسباب اقتصادية ومعيشية فقط، فلقد كان آباؤنا وأجدادنا أشد فقراً ولكنهم كانوا أكثر استقراراً وهدوءاً، الأمر الذي يفسح المجال أمام أسباب أكثر وجاهة وموضوعية ونحن نتحدث عما أصاب العلاقة بين الأزواج داخل البيوت من توتر واحتقان. يجب الاعتراف أولاً، بأن زوجة اليوم ليست كزوجة الأمس، وربما تغير الرجل ولكن ليس بنفس الدرجة من الحدة، أو ربما نشعر بتغير الزوجة نظراً لأهمية الدور الذي تؤديه في الحياة، فأين الزوجة التي تعلم أن طاعتها لزوجها في غير معصية عبادة؟ أين الزوجة التي تقدم رضا زوجها على رضاها؟ أين الزوجة القانعة التي ترضى بالقليل وتحمد الله عليه؟ أين الزوجة التي تحاول فهم طبائع زوجها ومسايرته فيما يحب ابتغاء وجه الله؟ أعلم أن هنالك أصواتاً ستقول: لا تظلم المرأة، فما زال في بيوتنا من تعرف حق الله في زوجها، وأنا لا أنكر ذلك، ولكن ما النسبة؟ أتصور أن النسبة تعاني ضعفاً شديداً وهي في تراجع مستمر!!. ولا أستطيع في هذا السياق أن أحمل الزوجة وحدها مسؤولية تراجع عطائها على مستوى بيتها، لأن هنالك أسباباً أخرى تضافرت في ظل عوامل مساعدة فشكلت اهتمامات جديدة لدى المرأة، تفوقت بمرور الوقت على اهتمامها بمهمتها الرئيسة كأم وزوجة، يأتي على رأس هذه الأسباب: (1) الخلل الكمي والكيفي في أسلوب تربية البنت داخل البيت، حيث تحتاج البنت إلى أسلوب تربية يتسم بالدقة، ويعتمد على الملاحظة والتقويم والمتابعة، ويقوم على التدريب والتثقيف على العادات الأخلاقية والاجتماعية القويمة، ولذلك فهي تحتاج إلى مجهود مضاعف من الأبوين خاصة من الأم، إذ يجب أن تنال البنت حظها الكامل من التربية داخل البيت، وهو الأمر الذي لا يلقى العناية الملائمة في زمن كرست فيه الأسرة كل مجهوداتها نحو توفير المتطلبات المادية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، ومن ثم تصل البنت إلى سن الزواج وتتزوج وتنجب وهي لم تعرف بعد كيف تدير بيتها وتطيع زوجها وتربي أولادها!! (2) الضغط الثقافي والإعلامي الذي يُمارس على عقل وفكر الأنثى، خاصة من تلك الأصوات التي توحي إلى المرأة بأنها كائن مأسور بين جدران بيت، وطلبات زوج، وتربية أولاد، بل وتصف مهمة المرأة في بيت زوجها بأنها قديمة ورجعية، وأنها تقضي على وجودها وكيانها، وتدفن شخصيتها، وتحرمها من إثبات وتحقيق ذاتها، مستغلة في ذلك بعض المواقف القاسية والظالمة التي تصدر من الأزواج ضد زوجاتهم، في محاولة لجعل تلك المواقف حالة عامة تستدعي ثورة المرأة على كل القديم، غثه وثمينه، فكان ما كان من تمرد لكثير من زوجات اليوم بحق وبغير حق، في استغلال سيئ للظرف الراهن الذي تعاطف مع المرأة بشيء من الإفراط. (3) المعاملة القاسية، أو الإهمال الذي تلقاه الزوجة من بعض الأزواج في شرائح معينة من المجتمع، في الوقت ذاته الذي اتسعت فيه دائرة معرفة المرأة بحقوقها بقدر ما تنوعت المصادر التي تعززت من خلالها هذه المعرفة، الأمر الذي دفع بالزوجة في هذا الدوائر إلى الإعلان عن رفضها لتلك المعاملة وذاك الإهمال، وهو ما لم تقم به الزوجة قديماً لجهلها بكثير في حقوقها، ولكن يجب التعامل مع تلك الحالات على أنها حالات فردية ومتفرقة وخاصة، ولا يجوز مطلقاً اعتبارها ظاهرة تستوجب العصيان والتمرد في البيوت كافة، ومن ثم تحويلها إلى حلبات للتعارك والصراع. (4) ظروف المعيشة وتدني مستوى دخل الأسرة دفعا الزوجة إلى قضاء أوقات طويلة في العمل، الأمر الذي يستهلك معظم طاقتها بحيث تعود إلى البيت وهي منهكة متعبة، ومن ثم لا تقدر على أداء واجبها نحو بيتها وزوجها بالطريقة المطلوبة، وهنا نلتمس كل العذر للمرأة العاملة التي تشاطر زوجها طريق الكفاح من أجل حياة أفضل. ربما تكون تلك الأسباب أسباباً خارجة عن إرادة الزوجة وتسهم بلا شك في تغيير سلوكها كزوجة ومربية ومسؤولة عن بيت، ولكن يبقى متغير مهم لا يمكن إغفاله وهو مدى استعداد المرأة وقدرتها على التعاطي مع المتغيرات من حولها بشيء من الروية والحكمة والموازنة، بمعنى أن توازن بين ما تريده وما تريده أسرتها، وأن تجعل عملها في بيت زوجها وفى تربية أولادها مهمتها الأولى، ثم يأتي من بعد ذلك أي شيء آخر. * "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"
إنشرها