Author

خلاف علمي بين طبيبتين سعوديتين مرموقتين!

|
فى الشهر الماضي شهد الوسط الثقافي خلافاً علمياً من العيار الثقيل طرفاه طبيبتان سعوديتان مرموقتان، وهما الدكتورة خولة الكريع رئيسة مركز الأبحاث في مركز الملك فهد الوطني للأورام التابع لمستشفى الملك فيصل التخصصي، والدكتورة فاتن عبد الرحمن خورشيد الأستاذة المشاركة في قسم الأحياء الطبية رئيسة وحدة زراعة الخلايا والأنسجة مشرفة كرسي الزامل العلمي لأبحاث السرطان. وكان الصديق عبد المقصود خوجة قد أقام في داره العامرة في جدة أمسية لتكريم الدكتورة خولة الكريع ودعا إليها لفيفاً من المثقفين والإعلاميين. ولقد كان الحضور كثيفاً لم يسبق له مثيل في مثل هذه الأمسيات، والسبب أن الدكتورة كانت مفاجأة للوسط الثقافي الذي لم يكن يعرف أن بينهم أختا تحمل هذه الدرجة العلمية الرفيعة في هذا التخصص الدقيق. ولذلك حرص الكثير على الحضور للتعرف عن قرب على هذه الظاهرة العلمية المشرفة، وكان الكل فخورا بمواطنة سعودية تحمل هذه الدرجة العلمية الرفيعة وفى تخصص هو الشغل الشاغل لجميع الأوساط العلمية والطبية في العالم. ولقد استهلت الدكتورة خولة الكريع لقاءها المهم أمام حشد كبير من المثقفين السعوديين الذين حرصوا على الحضور بقولها: لا أحد يستطيع الجزم بجدوى استخدام بول الإبل أو العسل أو الحبة السوداء أو ماء زمزم أو غيرها لعلاج مرض السرطان قبل التأكد من مفعولها عبر البحث العلمي، وأكدت الدكتورة الكريع أن أي دواء لعلاج السرطان لابد أن يمر بمراحل علمية متعارف عليها، ثم يخضع للتجارب الكافية على الخلايا في المختبر، ومن ثم يطبق على حيوانات مصابة بهذا المرض، ثم يطبق على مرضى ميؤوس منهم بعد توقيعهم على أخذ العلاج''. ولكن - من ناحية أخرى - فإن الدكتورة فاتن خورشيد لها وجهة نظر مغايرة لوجهة نظر الدكتورة خولة الكريع فيما يتعلق ببول الإبل، ولها بحوث ودراسات حصلت من خلالها على براءات اختراع مسجلة من مكتب البراءات الخليجية والأمريكية والأوروبية والصينية، وكذلك حصلت على الميدالية الذهبية والمركز الأول في عام 2008 على مستوى المملكة في الابتكار، والميدالية الذهبية والمركز الرابع وكأس آسيا للاختراعات من بين أفضل ستة اختراعات من أصل 600 اختراع في معرض 2009 في ماليزيا، وتوصلت الدكتورة فاتن خورشيد في النهاية إلى صيغ دوائية معترف بها من مراكز الأبحاث الكبرى العالمية. ويبدو أن حتمية البحث الرصين تقتضي أن نذهب هنيهة إلى الطب النبوي ونقتطف منه الأساس الذي أقامت عليه الدكتورة فاتن خورشيد تجاربها ودراساتها على بول الإبل حتى توصلت إلى نتائج علمية شديدة الأهمية، يقول الله سبحانه وتعالى: ''أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت''، وعن أنس بن مالك قال إن رهطاً من المدينة قدموا على النبي -صلى الله عليه وسلم - وقالوا إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا وارتهشت أعضاؤنا، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقوا براعي الإبل فيشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت بطونهم وألوانهم... رواه البخارى ومسلم وغيرهما كثير، ولقد جاء هذا الحديث فى صيغ مختلفة تأكيداً على صحته وقوته. إن الكثير من مواقع الإنترنت مكتظة بموضوعات العلاج بأبوال وألبان الإبل، وأحسب أن الدكتورة خولة الكريع اطلعت عليها أو على بعضها، وإذا لم تطلع فإنني أرجو أن تلقي نظرة عجلى على هذه المواقع، لأن فيها الكثير من المحاولات الجادة ذات الفائدة العلمية الواجب الإلمام بها. الأهم من هذا أقترح على الدكتورة خولة الكريع والدكتورة فاتن خورشيد أن تلتقيا معاً وتبحثا هذا الموضوع وتحاولا أن تصلا إلى موقف علمي موحد، ولكن الأجمل أن يضطلع أحد مراكز الأبحاث في الجامعات السعودية بدعوة العالمتين الجليلتين إلى إحياء أمسية علمية تطرح كل منهما ما عندها من نفي وإثبات، وتفسحن المجال لسواهما من المهتمين بهذا الشأن للمشاركة والحضور، وأرجو أن يحرص الجميع على أن يكون الهدف من هذه الحوارات هو البحث العلمي المحايد والجاد، وأتمنى ألا ينحرف البحث إلى ميادين الصراع التقليدي بين الطب الحديث والطب البديل، لأن القضية إذا دخلت دهاليز الصراع بين هذين المجالين فإن الشفافية والموضوعية تغيبان ويحل محلهما التعصب للمجال الذي ينتمي إليه كل فريق. لذلك فإن قيام أحد مراكز الأبحاث العلمية بالترتيب لهذا اللقاء يضمن التوصل إلى نتائج علمية وموضوعية بعيداً عن حمى الانتماء العاطفي لأي من المجالين. ورغم أن هذه القضية هي قضية علمية تهم العالم كله، إلاّ أن السعودية معنية كثيراً بالطب النبوي، كما هي معنية بكل الدراسات العلمية الرصينة سواء في مجالات الطب وفى غيره من المجالات التي تحقق التقدم للإنسان السعودي. إن السعودية من خلال مؤسساتها العلمية الحديثة وفى مقدمتها جامعة الملك عبد الله للتقنية ملزمة بأن يكون لها رأي في الأبحاث والدراسات ذات البعد الإسلامي، ولا ضير على المؤسسات العلمية السعودية إن لم تثبت صحة العلاج ببول ولبن الإبل أو غيرهما، فالمهم هو التوصل إلى نتائج علمية صادقة وأمينة وحقيقية، وإذا وصلنا إلى نتائج علمية صادقة وأمينة، فإننا نبعد الإسلام عن مواقع الشك والريبة في كثير من الأطروحات التي تتمسح بالإسلام وتتعلق بأثوابه وآدابه وأهدابه.
إنشرها