Author

إبراء الذمة.. معيار للوطنية الصادقة!!

|
اختلفت الآراء حول من بدأ بمشروع إنشاء صندوق إبراء الذمة، لكن يعتقد أن البرقية التي أرسلها أحد المتعاقدين من إحدى الدول العربية لخادم الحرمين الشريفين، والذي عبر فيها أن في ذمته مستحقات لخارج دوام أخذه وهو لا يستحقه، تعد الانطلاقة الفعلية لإنشاء ذلك المشروع الجبار، فهو بذلك سن سنة أرجو أن يثاب عليها وله أجر من عمل بها، حيث لم يكن قبلها لائحة أو نظام لمثل تلك العوائد، ولكن وبتوفيق الله صدر مرسوم ملكي رقم 5597/م ب وتاريخ 29/4/1426هـ، حيث تم فتح الحساب الخيري التابع للبنك السعودي للتسليف والادخار، ووصلت العائدات إلى قرابة 200 مليون ريال. فهنالك دروس وعبر وفوائد من ذلك المشروع يمكن تلخيصها بما يلي: 1) كلنا يمكن أن يكون في ذمته شيء للجهة التي يعمل فيها، فهذا يستوجب منا جميعاً محاسبة النفس وبقوة على ألا نأخذ مبلغا قد لا نستحقه حتى وإن كان النظام يسمح بذلك، والسبب أن القضية ليست خاصة بهذه الدنيا، بل ستلاحق الإنسان في آخرته. 2) يعد هذا المشروع من أكبر مقاييس الانتماء الوطني، فهو مؤشر (وبحساسية عالية) لمدى حرص المواطن على القيام بعمله خير قيام، فتأخر الموظف عن مراجعيه وعدم الاكتراث بهم يحتاج منه إلى إبراء ذمة. وكذلك المدرس والأستاذ الجامعي والطبيب في عيادته، وينطبق على ذلك الحرص على ممتلكات الدولة وعدم الاعتداء أو التحايل عليها، فهي من الأمور التي تلاحق الإنسان في آخرته وتدخله في الغلول، فالآيات القرآنية والأحاديث النبوية واضحة جداً، حيث قال النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم - (لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول) أخرجه مسلم. 3) هنالك جهات مثل البنوك لديها حسابات لأشخاص لا يعلم عنهم، فهذا يحتاج من تلك البنوك أولاً إلى البحث عن ورثتهم، وبعد ذلك يجب أن تودع الموجودات في تلك الحسابات إلى صندوق إبراء الذمة، كما قد يتطلب الأمر وجود جهة رقابية تابعة للصندوق بمطالبة البنوك عن مثل تلك العوائد. 4) من خلال التجربة القصيرة لتصريف عائدات الصندوق، فقد استفاد الكثير من المعوزين والأرامل وكذلك الشباب، فهو من المشاريع التي تحقق التآلف الاجتماعي بين المواطنين. لذا فقد يحتاج الأمر إلى وجود تنسيق بين صندوق إبراء الذمة وهيئة كبار العلماء، توضح فيه الجوانب الشرعية لذلك الصندوق وتحديد الفئات المستفيدة منه، وينبغي على العلماء والوعاظ وخطباء الجوامع تحفيز الناس والمسارعة في إبراء الذمة. 6) أخيراً وليس آخراً، هنالك الكثير ممن يرغب في إبراء ذمته، ولكن يحتاج إلى أن يعرف آلية تصريف الأموال، وهذا يستوجب حسن اختيار العاملين في ذلك الصندوق وتجنب المجاملة، ووجوب الشفافية.
إنشرها