أخرجوا نجيب الزامل من الشورى

أخرجوا نجيب الزامل من الشورى

المفترض في مجلس الشورى ان يجمع الصفوة في المجتمع أو بمعنى أخر المفترض ان يكون أعضاء مجلس الشورى هم نماذج مميزة من صفوة المجتمع ، يتجمعون تحت قبة المجلس للمساهمه بطريقة عمليه في خدمة أبناء هذا البلد ،فنجد بينهم المهندس والطبيب ورجل الاداره المتمرس ومجموعة من الاكاديمين والمهندسين ، ونقدر أعمالهم جميعاً ونقدر ايضا ً أختيار هؤلاء الصفوة كثيرا ً.. والواقع هذه الأيام هو أن الأنظمة والعرف الذي يجري في أغلب دول العالم في الوقت الحاضر يجري على غير ما كانت ستجري أحكام أفلاطون لادارة مدينته الفاضلة " المفترضه"، فبلغة بسيطة أفلاطون يفترض أن يكون واهل الرأي والمشورة والحكم هم الفلاسفة والحكماء.. بل وتمتد احكامه التعسفيه لإخراج كل الشعراء من مدينته الفاضله لانه يدعي أنهم ينشرون الوهم بين الناس! .. بالتالي الذي يجري على الشعراء في زمن أفلاطون سيجري على الادباء من كتاب وكتاب مسرحيين إلى روائيون الى كتاب سينمائيين أوملحنين أحيانا ً ، لان كلا ً منهم يوظف مُخيلته بأسلوبه ويستخدم الملكه التي وهبها له الله لترجمة ذلك الخيال أو تلك الصور العابقة في أرواحهم وعقولهم.! وهذا يعني أن لو كل هؤلاء كانوا في مدينة أفلاطون لإخرجوا منها وهم كارهيين .! والمفارقةُ العجيبةُ أيضا ً في هذه العلاقة هي التطرف الذي يبدو من خلال فلسفة ومنطق أفلاطون في ادارة مدينته باخراج الشعراء من مدينته وما هو متعارف عليه في العصر الحديث ، فنجد في العصر الحديث أغلب الدول تُشجع الأدباء والكتاب والمفكرين وتحثهم على المواصلة في إنتاجهم من خلال الاحتكاك بالمجتمع ومن ثم التعبير عن الناس ولهم ايضاً ، وبناء على هذا فأنه من الطبيعي أن كلا منهم سُيعبر بلغته التي يجيدها فإن كان شاعرا ً سيكتب قصيدة أو إن كان روائي سيكتب رواية وهكذا .. والأديب أو المفكر بطبيعته يتمتع بهدوء داخلي ومرونه روحيه تجعله يخرج بروحه عن إطارها ثم يعيش مأسي او أفراح الأخرين ويعالجها بطريقة سهله ومؤثرة وسلسلة للناس ، والمفكر بدوره يخرج بعقله عن إطار التفكير التقليدي أو العادي ويقدم الجديد المفيد للمجتمع والاجيال القادمة.. ولا أظن المملكة العربية السعودية تختلف عن هذه الدول التي تشجع الأدباء والمفكرين فهناك جوائز مختلفة تعطى لهم ومعاملة قد تكون خاصة عند ولاة الأمر، وعلى صعيد المفكرين والادباء هم يعرفون ان أكثر تكريم لهم هو تفريغهم من المسئوليات الثانوية التي تشغلهم عن الانتاج والمساهمه في بناء المعرفة لدى الاجيال ايضا ً. لذا فإن استمرار نجيب الزامل في مجلس الشورى وأمثاله من المثقفين فيه قسوة على مفاهيم أهم وفيه تغييب لاولويات هي التي يجب أن تسود ، فإندماج المثقف في مجتمعه يساعد المجتمع على النهوض وعلى نضوج الوعي العام لدى المجتمع الذي من شأنه أن ينعكس على كل نواحي الحياه ، ولو اخذنا نجيب الزامل مثالا ً لوجدنا هذا الرجل يتحرك بطريقة مدهشه وبطاقة هائله للغاية ، فنجده يكتب في أكثر من صحفية ويشارك قراءه في الموقع الالكتروني في "الاقتصادية الإلكترونية" ، ويعتبر هو الكاتب الوحيد الذي يتشارك مع القارئ بشكل دوري بهذه الطريقة المدهشه ، وهذا الانطباع يتجسد من خلال المتابعة لعدة جرائد محلية أو أقليمية أو عالمية فلا تجد ًفيها من يشارك القارئ بهذه الطريقة .. ونجيب الزامل ليس نموذجاً عن الانسان السعودي فقط بل يعتبر صورة ً للانسان المنتج المثقف الذي يتفاعل مع المجتمع بطريقة فعاله.. فنحن في وقت نحتاج فيه مليون نجيب..! ومع ذلك لا أفهم كيف يتم أختيار شخصية بحجمه.. لان هذا الرجل فعلا ً لو كان في زمن أفلاطون لحير النجيب ذلك الرجل .. فنجيب الزامل مفكر وأديب وفنان أيضا ً و يملك مخزون معرفي هائل جدا ً.. فهل سيتم نفيه من مدينة أفلاطون لكونه أديبا .! ، أو سيكون من أهل الرأي والمشورة لكونه مفكر .!، ولان الزمن والوقت قد أختلف عن مدينة أفلاطون وأختلف دور الحكماء وأزداد مدى تأثير المفكرين والأدباء على مجتمعاتهم بل على الانسانية كلها ، فلا يوجد سببا ً مُقنعا ً لاقحام مفكر وأديب في معمعة سن الأنظمة أو دراستها والنظر إلى مدى ملائمتها لحاجات المجتمع .. فدورالمفكرين والادباء أهم من دورهم في مجلس الشورى خصوصا ً من هم أمثال هذا النجيب ، فمفكر بهذا الحجم ومثقف بهذا المستوى لا يجب تحميله مسؤلية ترتبط بشئ أخر غير الفكر والأدب لأنه لايوجد اهم من الفكر في التأثير على الانسان وحاضره ورسم مستقبله ، بل التفكير بطريقة سليمه يساعد الانسان على التفكير واكتشاف الجمال في الاشياء المحيطه. وكلنا يعرف تأثير القراءة والكتابة على الشعوب الاخرى وفولتير المفكر والفيلسوف والاديب الفرنسي كان يقول " ان الكتب هي التي تحكم العالم، أو على الأقل فإنها تحكم الشعوب التي لها لغة مكتوبة، اما بقية الشعوب لاتهم " أما عن مجلس الشورى فكلنا ندرك المسئوليات الجسيمة المفترض انها ملقاه على عاتق أعضائه و التي تتطلب كثيراً من الوقت والجهد في المناقشة والبحث والدراسة وهذه يمكن ان يقوم بها اي رجل من صفوة المجتمع وهم كُثر !، وأظن أن استمرار نجيب الزامل في مجلس الشورى قد يُلحق ضرر بأمور أخرى ربما لا يُجيدها غير النجباء! وتحميله ما لا طاقة له ، وأتمنى ان لا يقول مثل ما قال فولتير حينما كان يُقيم في أواخر حياته في مدينة سويسرية على الحدود بين فرنسا وسويسرا وكثروا عليه الزوار من الاصدقاء من كل دول اوربا مقولته المشهوره " اللهم أكفني شر الأصدقاء أما الأعداء فسأتدبر أمرهم " لانه كان في قمة مجده وانتاجه المعرفي بالتالي فأن الالتزامات التي الُقيت عليه بفعل حب الناس له أثرت على خلوته وكتابته وقرأته و على انتاجه أيضا ً .. وأنا لا اتمنى من مجلس الشورى ان يكسر هذه الموده بينه وبين نجيب الزامل ولا ان تقل درجة المحبة بينهم .. بقدر ما اريدها قوية جدا ً إلى درجة إخراجه من مجلس الشورى .! *طالب دراسات عليا – المملكة المتحده
إنشرها

أضف تعليق